عبدالرحمن الجميعان ينادي ..' نعم للشريعة .. لا للتهور'

زاوية الكتاب

كتب 1326 مشاهدات 0


التفكير بصوت مسموع  

نعم للشريعة.. لا للتهور  

عبدالرحمن الجميعان

يحلو للبعض، والمستعجلين منهم بخاصة، أن يظنوا، أن الخلافة ستقوم بعد نهاية ثورة سورية، أو إبان السنوات القليلة القادمة، ومن ثم فهم يعملون وفق هذا الأصل عندهم، ومن ثم يظنون أننا قريبون جدا من الخلافة التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث: (ستكون الخلافة فيكم ما شاء الله أن تكون....)، فقد توهموا أن الخلافة أمرها باليسير دون اعتبارات الواقع والمحيط والزمان!
وهناك من يظن أن الشريعة أمرها سهل، وأن الخلافة كفيلة بحل كل المشكلات العالقة، هكذا بجرة قلم.
هذا وغيره من الحماسة الفائرة غير المنضبطة، والجهل بمرحلية هذا الدين، مع الجهل الفاضح للواقع الذي نعيشه اليوم.
بادئ ذي بدء، نقول ان الشريعة غاية كل مسلم، وأن كل مسلم مطلوب منه العمل بكل جهد وأن يبذل غاية جهده في تحقيق هذا الهدف المنشود.
الأمر الآخر الذي ينبغي توضيحه، نأخذه من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد مكث في مكة مع أصحابه ثلاثة عشر عاما يدعو إلى الله، ويربي أصحابه على الجد والعبودية الخالصة والجهاد، ويعلمهم كل شيء، ومع ذلك لم يتحرك صلى الله عليه وسلم، في أول سني الدعوة للبحث عن دولة تقام فيها الشريعة، بل كان هذا عند استواء جماعة المسلمين، وتقديرهم بالقدرة على إدارة شؤون ادارة الدولة القادمة، ولكن بعد إقامتها كانت الغاية تنصب في الحفاظ على هذه الدولة، حتى يومنا هذا.
ثم لا بد من الانتباه أن أول ما جاء صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، بعد مراحل عدة من الدعوة السياسية، وترحيل أصحابه للحبشة، والمناوشات والدعوات، أكد ضرورة بناء المسجد، وتسطير وثيقة المدينة التي أبانت وأوضحت العلاقة الداخلية بين الدولة الفتية، وبين المجتمع المسلم واليهودي، فأراد توطيد البناء الداخلي، ولهذا لم يؤمر بقتال، ريثما يكون الإعداد، ونلاحظ هنا أن فارس والروم، لم يعطوا بالا للعرب في المدينة وظنوا أنها طفرة ستنتهي، ولهذا لم يدفعوا للحرب، خاصة في وجود المناذرة والغساسنة الذين كانوا بمثابة وكلاء عن الدولتين العظميين.
و هذا معلم مهم جدا، حيث ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان يحذر من تحطيم الدولة قبل اكتمالها، وهذه حكمة ربانية حيث لم يؤمر بقتال الناس جميعا، لهذا ينبغي التنبه لهذا، وقراءة السيرة قراءة سياسية قرآنية واعية، بعيدا عن الحماسة والتهور، فإن الله لم يكلفنا بضرورة قيام هذه الدولة، ولكن العمل والنية فقط.
من غريب ما صادفني عند حديثي عن التهور في بناء الخلافة والشريعة، قول البعض، ان الله معنا، وأنه أهلك فارس والروم وقريش، فلابد أن يكون ذلك لنا، دون الأخذ بالاعتبارات والواقع المختلف وتغير العالم. وهذا وهم، وكلام حق أريد به باطلا.
من الأمور المهمة في هذا الجانب، الوعي بقلة مصادر وموارد الأمة، وعدم التهيئة والاستعداد النفسي للعمل لدولة الاسلام والخلافة، وليست هناك قيادة سياسية إسلامية تملك مشروعا سياسيا لبناء الدولة، متكاملا له وجوه متعددة، وخطة يستطيع من خلالها توظيف كل طاقات الأمة من أفراد وأحزاب وقوى.
الأمر الآخر، ليست لدينا وجهة نظر واحدة، ولا آليات محددة للتعامل مع الغرب وغيره في الدولة التي ستقوم، وما الحلول المقترحة للتعامل مع هذه الدول؟
فقيام الخلافة ليس بالأمر الهين، والقضية ليست في الاستيلاء على جانب من الأرض، ثم إقامة الحدود على هذه الأرض، فهذا ضد طبيعة هذا الدين، ومعاكس لسبب وضعه وغاية وجوده

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك