التغيير ليس شيطاناً مطلقاً!.. هذا ما تراه سعاد المعجل
زاوية الكتابكتب يناير 15, 2013, 12:01 ص 711 مشاهدات 0
القبس
التغيير ليس شيطاناً مطلقاً
سعاد فهد المعجل
هنالك خوف طبيعي لدى البشر جميعا من التغيير، فالانسان بطبيعته مقاوم للتغيير.. وهنالك من العلماء من يؤكد ان لذلك الخوف منبعا بيولوجيا، وان هنالك جزءا في المخ يعرف بــ«اميجدالا» يحفز لدى الانسان نزعة الميل نحو الروتين.. ويقاوم اي محاولة للتغيير الذاتي! مثل هذه النزعة ساعدت اجدادنا القدماء ومكنتهم من البقاء والاستمرار في الظروف البدائية آنذاك.. لكنها اليوم تتعارض ولا شك مع متطلبات العصر الذي نعيش فيه وشروطه!
امثلتنا وحكمنا تمتلئ بما يؤكد هذه الحقيقة.. ومقولة «الله لا يغير علينا» تعكس ولا شك جانبا كبيرا منها، فنحن غالبا ما نكون قلقين ومتوترين اذا ما وجدنا انفسنا في مواجهة ضرورة التغيير! الا ان التغيير يبقى مسألة تتفاوت بصددها الثقافات، فالغرب بشكل عام اكثر قبولا وتقبلا للتغيير من الشرق.. ولعل في ذلك ما يعود الى درجة التطور العلمي والثقافي والصناعي في الغرب، مقارنة بالشرق الذي لا تزال وتيرة الحياة وعجلة النهضة فيه ابطأ بكثير!
لكن فزع الناس من التغيير لا ينفي حتميته.. ولا يلغي حقيقة ارتباط النجاح والتقدم بميكانيكية التغيير في مجتمع ما، ومدى اقبال وتقبل الافراد له!
بل ان هنالك من يذهب الى ابعد من ذلك، فيصر على ان التغيير هو الحقيقة العلمية الوحيدة التي يمكن وصفها بكونها ثابتة!
ولكن السؤال يبقى حول الاسباب التي تجعل الانسان يخاف التغيير ويتحاشاه؟ هنالك اسباب كثيرة لعل ابرزها على الاطلاق واقربها للحقيقة، هو ذلك السبب المتعلق بالخوف البشري الفطري من التغيير، فالتغيير دائما ما يثير خوفا من دخول عالم مجهول ومختلف عن الواقع المعاش. مثل هذا السبب يقف وراء عزوف اغلب الناس وترددهم عن التغيير.. والخوف هنا يأتي من هاجس احتمال الفشل، مما يجعل كثيرا من الناس يذعنون لواقعهم الذي يعلمونه ويدركونه، بدلا من الخوض في مسالك المجهول، فضلا عن غياب الثقة الذي عادة ما يكون متلازما مع الشكوك في المقدرة الفردية على تغيير الواقع الى واقع افضل!
جزء كبير من معاناة العالم العربي مع الطغاة من حكامه يكمن في ثقافة الخوف من التغيير، وهو ما يرى فيه الدكتور سعد الدين ابراهيم في مقال له حول التغيير في العالم العربي جزءا من ثقافة سياسية بالية، بدأت بآل أمية بعد ان ذبحوا الحسين بن علي في كربلاء.. حينما صاح احد اتباع امية في المسجد الكبير بدمشق موجها كلامه الى معاوية بن ابي سفيان، قائلا: الملك لك والبيعة بعدك لابنك يزيد، ثم شهر سيفه في الهواء قائلا: اما هذا، ويقصد السيف، فلمن عصى..
ثم تبع ذلك فقهاء آخرون بقول اصبح مأثورا، ويبرر الصبر على الظلم والهوان، مخافة الفرقة والانقسام، وهي «حكم غشوم خير من فتنة تدوم»!
لقد استسلم العراق ولعقود طويلة الى طاغية ومجرم، وذلك خوفا من التغيير المجهول الذي قد يثير فتنة، كذلك كانت الحال في سوريا ومصر وليبيا وسائر الشعوب العربية التي دفعها خوفها من التغيير والجهل بالبديل للاستسلام عقوداً طويلة لواقع كان الأسوأ في تاريخها!
لا يملك العرب اليوم، وهم يواجهون عالما متحركا ومتغيرا دائما، الا الاذعان لشروط التغيير وحتميته.. فكما ان الثبات ليس فضيلة مطلقة.. كذلك هو التغيير ليس شيطانا مطلقا!
تعليقات