سامي خليفة ناصحاً: لا خيار لوزير الداخلية اليوم سوى التواضع!
زاوية الكتابكتب يناير 13, 2013, منتصف الليل 679 مشاهدات 0
الكويتية
قليل من التواضع يا شيخ!
د. سامي ناصر خليفة
بعد الجلسة الخاصة المتعلقة بمناقشة الانفلات الأمني في البلاد، وتحويلها إلى سرية، أحسب أن النتيجة الأهم التي توصّلنا إليها، كمراقبين للعلاقة بين الحكومة والمجلس، أن هناك تناقضاً واضحاً بين ما يتم الإعلان عنه من كلا الطرفين، بأهمية التعاون في مواجهة التحديات وتذليل العقبات التي يعانيها المجتمع، وبين طبيعة تعامل بعض الوزراء مع المجلس، والتي يحوم حولها الكثير من التوجس والتخوف والريبة! وأقصد هنا - تحديداً - النائب الأول وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود، الذي سمعنا الكثير عن سلوكياته «الغريبة» تجاه نواب مجلس الأمة، والتي لا يمكن أن تنسجم مع التوجه الذي تنادي به الحكومة، ابتداء من عدم مباركته لرئيس مجلس الأمة حصوله على المنصب الجديد، وكذلك مع بقية النواب الآخرين، مروراً بـ «الفوقية» التي يتعامل بها مع النواب المنتخبين من الشعب، وانتهاء بأدائه المضطرب والمتواضع في الجلسة الخاصة، التي كان واضحاً أنه جاء إليها من دون أي تجهيز مهني أو تهيئة فنية!
وأمام هذا المشهد الغريب، الذي أدى إلى امتعاض الكثير من النواب وانسحاب بعضهم من الجلسة، أجد من الأهمية اليوم الوقوف أمام دوافع هذا السلوك السلبي من وزير يفترض أن يكون مجسداً لإرادة رئيسه، سمو رئيس مجلس الوزراء، الذي أكد - في أكثر من مناسبة - أن حكومته ستمد يد التعاون مع أعضاء مجلس الأمة، وستفتح صفحة من العمل المشترك في مناخ عمل مريح يؤدي إلى تحقيق الإنجاز. لذلك، لا يمكن فهم سلوك الوزير الحمود إلا أنه تناقض صارخ مع التوجه المعلن للحكومة، وخصوصا أن هناك شواهد كثيرة - سأخصص لها مقالا كاملاً - تدل على أن تلك الدوافع لا تبعث على الاطمئنان بتاتاً.
لذا، أحسب من الأهمية اليوم وضع وزير الداخلية تحت المجهر النيابي والإعلامي والشعبي، لقياس مدى أهليته في الاستمرار مواكباً للمرحلة الجديدة التي يريد فيها سمو الأمير أن تكون مرحلة أمن واستقرار ورفاهية، ومن المهم أيضاً ألا يُترك وزير الداخلية فترة الأشهر الثلاثة المقبلة بحجة انتظار تقريره حول توصيات الجلسة الخاصة الأخيرة، بل على المجلس أن يقف أمام مسؤولياته في مواجهة أسلوب الوزير، بهدف إخضاعه إلى المعادلة السياسية بنمطها الإيجابي المنتج، سواء عبر توجيه الأسئلة المتعلقة بالتجاوزات الكبيرة التي تعانيها أجهزة الأمن في البلاد، وفتح الملف الأمني على مصراعيه، أو عبر وضعه على منصة الاستجواب للمساءلة السياسية. وهو حق يعدّ من صميم اختصاص عمل النواب، ولا غنى عن استخدام جميع الأدوات الدستورية المتاحة في مواجهة من يشذ عن القاعدة العامة للعمل البرلماني، التي ترفض مقدماتها ومنطلقاتها أي تعكير لصفو المناخ الإيجابي في المجلس، كما فعل وزير الداخلية في سلوكه «المتعالي» منذ جلسة القسم النيابي وحتى تاريخ الجلسة الخاصة الأخيرة.
لقد كانت رسالة مجلس الأمة في الجلسة الخاصة لوزير الداخلية واضحة، مفادها أن وزارتك تعاني الكثير من العثرات، وأداؤك كوزير مسؤول لم يَكُ مقنعاً، وبات المجتمع يدفع ثمنها غالياً، ولا يمكن بعد اليوم قبول أي استهانة بالمجلس، وبالتالي لا خيار لوزير الداخلية اليوم سوى ترك طريقته «المترفعة» والتعامل مع نواب مجلس الأمة بذوق آخر لا يعكر مناخ العلاقة التي يجب أن تكون إيجابية بين الحكومة والمجلس، وللحديث بقية.
تعليقات