عن ضوابط التجريم!!.. يكتب محمد الجاسم
زاوية الكتابكتب يناير 10, 2013, 12:13 ص 734 مشاهدات 0
الكويتية
الميزان / ضوابط التجريم
محمد عبد القادر الجاسم
قرأت الحكم الصادر في قضية المواطن عياد الحربي، المتهم بالعيب في ذات الأمير والطعن بحقوقه وسلطاته والتطاول على مسند الإمارة، ولفت نظري أن المحكمة لم تقتنع بالدفع الذي قدمه محامي المتهم بعدم دستورية المادة (25) من قانون الجزاء المعدل، ومن ثم حكمت بحبس المتهم سنتين.
تقول المحكمة، وهي بصدد تبرير رفض الدفع بعدم الدستورية: «كما أن الدستور جعل الأصل هو أن تتولى السلطة التشريعية، ومن خلال قانون تقره وفقا للدستور، تحديد الجرائم وتقرير عقوباتها، كما أجاز لها لاعتبارات تقدرها وفقا لما يقتضيه الصالح العام الاكتفاء ببيان الإطار العام لشروط التجريم وأوضاعه..».
إن تبني المحكمة لوجهة النظر هذه كمبرر للاقتناع بدستورية المادة (25) لا يتفق مع ما سبق أن قررته المحكمة الدستورية الكويتية، فقد قررت هذه المحكمة: «ولا يتصور أن يكون قد قصد الدستور من ذلك أن يتخذ من هذا التنظيم ذريعة لتجريد الحق من لوازمه، أو العصف به، وإطلاق سلطة الإدارة في إخفات الآراء بقوة القانون، أو منحها سلطة وصاية تحكيمية على الرأي العام، أو تعطيل الحق في الحوار العام، وذلك من خلال نصوص تتعدد تأويلاتها، مفتقدة التحديد الجازم لضوابط تطبيقها، مفتقرة إلى عناصر الضبط والإحكام الموضوعي، منطوية على خفاء وغموض مما يلتبس معناها على أوساط الناس، ويثار الجدل في شأن حقيقة محتواها، بحيث لا يأمن أحد معها مصيرا، وأن يكون هذا التجهيل موطئا للإخلال بحقوق كفلها الدستور كتلك المتعلقة بالحرية الشخصية وحرية التعبير وحق الاجتماع، وضمان تدفق الآراء من مصادرها المختلفة، فسلطة التنظيم حدها قواعد الدستور، ولازمها ألا تكون النصوص شباكا أو شراكاً يلقيها القانون متصيدا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها ولا يبصرون مواقعها، لا سيما وقد تعلقت هذه النصوص بنصوص جزائية لا غنى عن وجوب أن يكون المخاطبون بها على بينة من حقيقتها والوقوف على مقصودها ومجال تطبيقها فلا يكون سلوكهم مجافيا لها، بل متفقا معها ونزولا عليها، فلا تنال النصوص من بريء، ولا يضار منها غير آثم أو مخطئ أو مسيء، والحاصل أنه وإن كان غموض النصوص التشريعية عامة يعيبها، إلا أن غموض النصوص، ولا سيما المتعلقة منها بنصوص جزائية خاصة يصمها بعدم الدستورية، لما يمثله ذلك من إخلال بالحقوق الجزائية، وبقيمها، وضوابطها، وأهدافها وقواعدها الإجرائية، والتي تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية، والتي تكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى من الحماية الجزائية، بما تؤمنه له المادة (34) من الدستور من نظام يتوخى بأسسه صون كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسية ويحول بضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها..».
تعليقات