عن موسم الهجوم على الشيعة!.. يكتب خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 1950 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  موسم الهجوم على الشيعة

خليل علي حيدر

 

هل يحق لهذه المجلة الاسلامية الكويتية العريقة، بأن تفتح صفحاتها للتهجم على الشيعة والنيل منهم تاريخاً وعقيدة؟ واذا اجزنا لها هذا، فهل نجيز لبعض الصحف التي يملكها الشيعة ان تتهجم بدورها على مذاهب أهل السنة وظروف تشكلها وظهورها؟
وما المصلحة التي تجنيها البلاد ويحصل عليه المجتمع من هذا الهجوم المتبادل المدمر الذي لا طائل تحته ولا يرجى منه ثمر؟ ولماذا نضحي باستقرار الكويت في سبيل الدفاع عن الثورة السورية أو ثورة الأنبار أو حتى الاضطرابات والأحداث المؤسفة في البحرين؟
نشرت المجلة مقالاً متهجماً قاسياً ضد العلويين أو «النصيرية» كما سماهم كاتب المقال ربما من باب التحقير. والكاتب يحمل للأسف شهادة الدكتوراه مما يحتم عليه احترام أصول البحث العلمي وعدم الاندفاع في تصديق كل ما يقرأ وما يقال، والدقة في إصدار الاحكام. المجلة لم تنشر للاسف تعريفا باسم الكاتب د. سنان أحمد، فقد لا يكون هذا اسمه الحقيقي. ولكن المقال قطعة نموذجية من المنشورات الدعائية المعادية جدا للشيعة، والتي تملأ المكتبات الخليجية والعربية واحيانا مكتبات الكويت.
يقول الكاتب في مدخل المقال الذي أبرزته المجلة بالألوان: «من المعلوم لدى المتتبعين لتاريخ التشيع، بأنه تاريخ يتسم بالغموض والسرية والتناقضات ذلك أن التشيع بصورة عامة كان تنظيما سريا بدأه عبدالله بن سبأ، ثم تسللت اليه كل الحركات الشعوبية.. ثم سعت لتقويض الاسلام باسمه.. من خلال ادخال الافكار الهدامة عليه».
ويمضي المقال فيشكك في مصادر الفقه الشيعي وبخاصة الأحاديث، ويتحدث عن الصراع العلوي - الأموي، وحياة ائمة الشيعة والمهدي المنتظر.. الخ.
ويخلط الباحث بين الزيدية والامامية والنصيرية وكل الفرق، ليقول في نهاية المقال «ان الحركة النصيرية هي مثال واحد من عشرات الامثلة التي خرجت من تحت عباءة التشيع المنحرف».
وباستطاعة كاتب المقال د. سنان أحمد ان ينظر لتاريخ التشيع من اي زاوية يشاء، فهذه مسألة عمرها مئات السنين تشمل تطور الاسلام وتاريخه منذ بدايته وبداية عهد الخلفاء الراشدين والصراع الأموي - الهاشمي وغير ذلك.
فهل استطاع «عبدالله بن سبأ» ان يكون وراء كل هذا؟ ثم ان خلافات العرب والمسلمين لم تقتصر على الانقسام السني - الشيعي، فالمعروف ان الدولة الاموية نفسها غرقت في بحر من الصراعات القبلية وما رافقها من تعصب ومناصب وغير ذلك.
واذا كان «عبدالله بن سبأ»، اليهودي الغامض القادم من الحيرة، مؤسس التشيع، فلماذا درس بعض كبار فقهاء السنة مثل ابي حنيفة ومالك بن انس على الامام جعفر الصادق، المؤسس الفقهي للمذهب الشيعي الامامي؟ بل واقتبست بعض المذاهب الاربعة بعض فتاوى الشيعة في الماضي والحاضر؟ ثم ان ائمة الشيعة وبخاصة جعفر الصادق كانوا من البيت الهاشمي، وكانت والدة الامام الصادق حفيدة الخليفة الراشدي الاول ابي بكر الصديق، فكيف نجت المذاهب السنية نفسها من مؤثرات ابن سبأ؟
ولا تجمع مراجع اهل السنة على ما يقول به د. سنان أحمد. فهذا مثلا الباحث الازهري المعروف في المذاهب الاسلامية الشيخ محمد أحمد ابو زهرة في كتابه «المذاهب الاسلامية» يقول: «لا شك ان الشيعة فرقة اسلامية». ويقول: «الشيعة الحاضرون واكثر المعتدلين ينكرون ان يكون مثل عبدالله بن سبأ منهم، لانه ليس مسلماً في نظرهم فضلا عن ان يكون شيعياً». والشيخ ابو زهرة يتحدث بالتفصيل عن مذهب «السبئية»، وهم اتباع عبدالله بن سبأ، ولكنه لا يقع ضحية التعميم الذي ذهب اليه د. سنان أحمد. ومن المعروف ان افكار الغلو المنسوبة الى عبدالله بن سبأ تتركز في قضية الامامة وخصائص وخوارق الامام. فالفقه الشيعي كما يعرف الجميع شديد الشبه بالفقه السني، بأبوابه وتشريعاته وأحكامه، مع بعض الاستثناءات كالخمس وزواج المتعة، رغم اعتماد كل من السنة والشيعة على مجموعات غير متماثلة من كتب الحديث والسؤال هنا: لماذا لم يمتد «التأثير السبئي اليهودي» الى الفقه الشيعي، فبقى مماثلا لفقه اهل السنة؟
ويطرح مقال المجلة الاسلامية الكويتية مسألة في غاية الخطورة اذ كيف تسمح لنا تطورات الثورة السورية بأن نتهجم على «العقيدة العلوية» التي يتبعها ملايين الاتراك والاكراد والعرب وغيرهم؟ وما مبررات هذا التشهير بمذهب ديني اسلامي، لمجرد ان اهل السنة او اهل الشيعة يعتبرونه متعارضا مع معطيات مذهبهم؟ لماذا يتحول النقاش السياسي في مصير الثورة السورية وجرائم القصف والقتل هناك، الى حملة تشهير وتكفير ضد العلويين وضد النصيرية؟ هل يسمح العرب والمسلمون لوسائل الاعلام الهندية ان تهاجم الاسلام كلما اشتد الخلاف مع باكستان؟ ام للغربيين كلما وقعت عملية ارهابية «اسلامية» في بلدانهم؟ متى نعود الى وعينا وعصرنا.. ونحترم الآخرين؟!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك