خرافة 'الربيع العربي' ذهبت مع الريح.. هذا ما يراه المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 1079 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  الربيع العربي بمباركة رياح الغرب

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

في السبعينات من القرن الماضي، كان هناك فيلم شهير حقق ضجة اسمه «ذهب مع الريح - gone with the winds»، ويبدو أن هذا الفيلم ينطبق في مفهومه على خرافة أو قل فقاعة ما أطلق عليه «الربيع العربي»، هذا الربيع الذي خطط له، وتم الترويج له، ثم أطلقت فعالياته، ثم ضخم، فهو لن ينجح إلا إذا باركته رياح الغرب وإلا فإنه من دونها سيظل مجرد وضع خرافي ليس له أصداء في الواقع.

فما حدث في تونس ومصر، بالرغم من صدق نوايا الشعوب وتحركها العفوي، فإن ذلك لم يكن متاحاً لولا وجود الوسائط الإعلامية الجديدة مثل «تويتر» و«الفيسبوك» وغيرها، والتي تمكن الغرب من خلالها من اختراق موانع الحدود الإقليمية للدول، ليس على صعيد إتاحة هذا التطور التكنولوجي المبدع، ولكنه من خلال إيجاد فئة في مجالات استخدامات هذه الوسائط، ونطاق البث المباشر لخدماتها من أجواء وفضاء يتجاوز إقليم الدولة، ويأتي من مجالات خارج نطاقها أو في مجال تحكمها، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الحالة السيئة التي بلغتها شعبية هاتين الدولتين التي كانت رياح التغيير فيهما على أبواب الهبوب، فكان للغرب مبادرته الإضافية التي أفسحت المجال واسعاً للتغيير السريع المباغت والمفاجئ لرئيسي هاتين الدولتين. ومع ذلك، فإن أصابع الغرب وبصماته وآثاره في أحداث هذا التغيير كانت حاضرة، وما زالت مستمرة.

وقد برزت انعكاسات رياح الغرب بصورة مباشرة في التغيير الذي أحدثه الشعب الليبي بإسقاط القذافي، والذي كان أساس قوته ونجاحه هو التدخل الغربي المباشر بفرض الحظر الجوي من جهة، واستخدام الضربات الجوية المباشرة من جهة أخرى، وكذلك كانت تأثيرات هذه الرياح على المغرب والتي تم التجاوب من قبل ملكه نحو إصلاحات سياسية نجح من خلالها في منع المطالبات الشعبية التي كان يمكن أن تحدث.

ولعل أهم حالة تبين لنا أن رياح الغرب إذا لم تتفاعل مع وضعية المطالب الشعبية العادلة في الوطن العربي، فإن التغيير لا يتم إلا بعد معاناة حقيقية في الصراع المسلح الذي يقوده الشعب في مواجهة الحكم الظالم كما هي الحال في سوريا، والتي لم يشأ الغرب أن يسخر رياحه لتهب على بلاد الشام فترك الشعب السوري ضحية منطق القوة من قبل النظام الحاكم، ولولا جهود الدول العربية مباشرة، لكان وضع سوريا اليوم هو الإبادة الشاملة، وليست الإبادات الجزئية التي تعانيها اليوم، فقد مسك الغرب آلياته الحربية وطلعاته الجوية سواء بفرض الحظر أو لتوجيه الضربات المباشرة البعيدة عن سوريا، كاشفاً عن الانتقائية التي يدير بها خرافة أو فقاعة ما يسمى بالربيع العربي، والذي لا يخلو إلى حد كبير من الصناعة الغربية برياحها المذكورة.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك