صناعة الصلب تتهيأ للتأقلم مع واقع ما بعد الطفرة بقلم بيتر مارش وكيث فراي
الاقتصاد الآنديسمبر 31, 2012, 3:27 م 776 مشاهدات 0
فترة اندفاع النمو العالمي في صناعة الصلب خلال الجزء الأول من العقد الماضي كانت فيما يبدو مرحلة عابرة، حتى أن مسؤولين تنفيذيين في هذه الصناعة أخذوا يعدّون العدة للتأقلم مع الواقع الجديد لصناعتهم.
ففي استطلاع أجرته ''فاينانشيال تايمز'' لآراء 20 مديرا ومحللا مختصا في صناعة الصلب، برزت توقعات بوجود طلب ضعيف على الصلب، مع هبوط أسعاره، ما يؤدي إلى استمرار الأزمة الحالية التي تمر بها أرباح شركات الصلب.
وقال توم أوهارا، المحلل لدى سيتي جروب: ''سنشهد عاملا آخر من الأرباح الواهية لمنتجي الصلب الرئيسيين، خاصة في أوروبا التي تعاني إفراطا مزمنا في العرض''.
فمنذ الأزمة المالية التي تفجرت عام 2008/2009 تتعافى صناعة الصلب بشكل متقطع. وتفيد معظم الشركات بقلة الأرباح، كما أنها تعاني انهيارات كبيرة في أسعار أسهمها. ومن أكثر الشركات التي تضررت شركة آرسيلور ميتال، أكبر منتجي الصلب في العالم، التي يقع نصف إنتاجها في أوروبا، حيث تستمر أزمة الديون في إثارة مخاوف بشأن مستقبل منطقة اليورو، ما أدى إلى هشاشة الاقتصاد.
والأرباح المتوقعة للشركة قبل احتساب الفوائد والضرائب والاستهلاك ودفعات الدين تبلغ نحو سبعة مليارات دولار هذا العام، بعد أن كانت 10.1 مليار دولار في العام الماضي، و24.5 مليار دولار عام 2008، عندما تمتعت صناعة الصلب ككل بطفرة نمو غير عادية بدأت عام 2002.
وطبقا لاستطلاع ''فاينانشيال تايمز''، يتوقع أن يرتفع متوسط سعر الصلب بنسبة 2.3 في المائة خلال عام 2013، بعد فترة من الارتفاعات الطفيفة في الأسعار منذ عام 2009. وتقل هذه النسبة من متوسط النمو السنوي لصناعة الصلب الذي يبلغ 5 في المائة، وذلك منذ بداية التوثيق الحديث للصناعة عام 1900.
وفي المقابل ارتفعت أسعار الصلب بمتوسط سنوي بلغ أكثر من 20 في المائة في الفترة بين عامي 2004 و2006. ومثل تلك الفترة من تضخم أسعار الصلب ـ بحسب أرقام أعدتها ''فاينانشيال تايمز'' على أساس متوسط متحرك لثلاث سنوات لرصد التقلبات في الاتجاهات الأساسية ـ حدث مرات قليلة منذ عام 1900. وكان حافز الزيادة في أوائل القرن الـ21 ليس فقط تلك الزيادة الكبيرة في الاستهلاك بقيادة الصين، ولكن أيضا زيادات كبيرة في أسعار خام الحديد، المادة الخام الرئيسية في إنتاج الصلب الذي يعد أحد أكثر السلع الصناعية استخداما.
وبصرف النظر عن الفترات المتأثرة بشدة بالحربين العالميتين في القرن الماضي، كانت الفترة الوحيدة التي تضخمت فيها أسعار الصلب في تلك الأزمنة البعيدة على نحو مماثل هي فترة ''الطفرة القصيرة'' عام 1900، التي كانت مدفوعة بزيادة استمرت وقتا قصيرا في الناتج الصناعي في أوروبا والولايات المتحدة، وفي منتصف سبعينيات القرن الماضي عندما ارتفعت أسعار كثير من السلع متأثرة بارتفاع تكاليف الطاقة الناجمة عن الاضطرابات في الشرق الأوسط.
كذلك ارتفعت أسعار الصلب فورا بعد الحربين العالميتين، عندما كان العالم في حاجة إلى إعادة البناء وتشييد مصانع الإنتاج. وكانت هناك أيضا طفرة قبل الحرب العالمية الثانية حين كان التضخم مرتبطا بالاستخدام المتزايد للصلب في مجال التسلح.
وباستشراف المسقبل، يرى بعض المعلقين فترة من التضخم المكبوت في الأسعار ـ وزيادة ضعيفة في الطلب ـ على اعتبار أن ذلك دليل على فترة مطولة من النمو الفاتر الذي يتعين على صناعة الصلب أن تتكيف معها.
ويقول جوناثان ألين، وهو خبير في مجال الصلب لدى كلية مانشستر لإدارة الأعمال في المملكة المتحدة، إن الطفرة في الطلب في الفترة ما بين 2003 و2007 ـ المدفوعة إلى حد كبير بتوسع الاقتصاد الصيني ـ ليس مرجحا لها أن تتكرر مرة أخرى في أي وقت قريب، وقطاع الصلب بشكل عام يبدو في طريق العودة إلى نموه الضعيف على أساس عام بعام، الذي ساد فعليا خلال القرن الماضي. ويقول ألين: ''يبدو أنها عودة إلى العمل كالمعتاد''.
لكن روب بيدوز، الرئيس التنفيذي لدى هاتش كوربريت فاينانس، يسخر من الأحاديث القائلة إن نمو صناعة الصلب يعتبر شيئا من الماضي. فهو يرى أن هذه الصناعة ستستمر في التوسع ـ من إنتاجها الحالي البالغ 1.5 مليار طن سنويا ربما إلى ضعف هذا المستوى ـ لكن ذلك سيستغرق فترة طويلة تمتد 40 عاما.
ويقول: ''لا يزال هناك طلب ضخم لم تتم تلبيته من الصلب حيث لا يزال الاستهلاك مرتفعا لأن العالم خارج الدول المتقدمة يواصل التمدين والأخذ بالتصنيع''.
ويضيف: ''الحقيقة هي أن التغير في الطلب سيستغرق وقتا ليحدث، ولن يحدث سريعا. ومن غير المحتمل أن نشهد تراجعا مثل ذلك الذي شهدناه في أوائل القرن الـ21، فتلك الفترة كانت استثنائية وارتبطت بظروف خاصة في الصين''.
تعليقات