هل يعيش العرب لحاضرهم ومستقبلهم أم لماضيهم؟ بقلم ليون برخو

الاقتصاد الآن

906 مشاهدات 0

صورة أرشيفية

قراء هذا العمود لا بد أن لاحظوا أن صاحبه يتنقل في مقارباته ومقارناته بين الشرق والغرب. الغرب كما الشرق كانت له حصته من التغطية وكذلك حصته من النقد. ولكن غاية العمود هي مخاطبة الناطقين بالعربية من العرب والمسلمين. مدى نجاحه أو فشله متروك للقراء الكرام، ولكن أظن أن أغلبيتهم تتفق على أن العمود هذا يقدم نظرة مختلفة – مختلفة وليست أفضل – عما تعودوا عليه من القراءة.   والسبب الرئيسي ربما مرده أن الكاتب يقطن في بلد بعيد ومختلف تماما عن بلدان الشرق الأوسط، حيث يقطن أغلبية العرب. هذا الاختلاف له ميزتان. الأولى تمنح المرء إمكانية النظر من بعد ورؤية الأمور من منظار آخر. والأخرى تمنح المتلقي فرصة ثمينة كي يقارن بين ما يراه من خلال عينيه وما يراه الآخرون عنه من خلال أعينهم.   ونحن على أعتاب العام الجديد – 2013 – ارتأيت أن ألقي نظرة عامة على العالم العربي. إلقاء نظرة ثانية أو ربما ثالثة مهمة جدا للوصول إلى الحقيقة الاجتماعية. ولهذا فإننا في عالم العِلم والأكاديميا إن كتبنا شيئا نرسله إلى أساتذة وعلماء آخرين – عيون أخرى – لتقييمه وتحديد مدى صلاحيته للقبول والنشر.   ولا أدعي أنني أملك صلاحيات تقييم الآخرين لأنني بحاجة ماسة إلى الآخرين لتقييمي. وإن كان لهذا العمود من خصلة فإن قراءه لا بد أن لاحظوا الاهتمام الاستثنائي الذي يوليه لقضايا العرب والمسلمين، والاحترام الفائق الذي يكنه لدينهم وقرآنهم ونبيهم، الذي قد يفوق في بعض تفاصيله وحتى ممارساته ما يبديه بعضهم من التزام.   رغم ذلك ترد بعض الانتقادات منها ما يكون جارحا. والانتقاد ظاهرة صحية أقبلها برحابة صدر. خير الناس من استمع واستوعب. هذه المفاهيم سوى إضافة إلى ماهية الخطاب الذي يكرسه هذا العمود، ولّد من وجهة نظري، ثقة متبادلة بين الكاتب والقارئ – وهنا أخص بالذكر أبناء وبنات بلد الحرمين.   وإن سألني أحد كيف ترى دنيا الشرق الأوسط العربي، لقلت دعني أولا أحلل خطابه، أي ما تقع عليه عيناي من كتابات وأقوال أحصل عليها من خلال اطلاعي على الإعلام العربي ومقارنته بما يحصل على أرض الواقع. الخطاب بمثابة المِرآة حيث من خلاله نرى أنفسنا وحقيقتنا الاجتماعية.   أي تحليل للخطاب العربي سيظهر أن العرب لا يعيشون لحاضرهم ولا يخططون لمستقبلهم. ونحن ومعنا العالم سندخل عام 2013 بعد أيام قلائل. أغلب الأمم ومن خلال خطابها أعدت العدة لولوج المستقبل من خلال الحصول على ناصية العلم والمعرفة المتعلقة بالتمدن والمدنية والتحضر والازدهار والصناعة والتكنولوجيا والانفتاح وقبول الآخر، أي أنها وضعت المستقبل نصب أعينها.   ولكن تحليلي للخطاب العربي يظهر عكس ذلك. الخطاب العربي كما يبثه الإعلام لا علاقة له ليس فقط بالمستقبل ولكن حتى بالحاضر. إنه خطاب رجعي – بمعنى أنه يعيد ليس الذاكرة بل الفعل إلى الفترات السابقة من التاريخ.   خطاب الحاضر والمستقبل لا يتحكم في العرب اليوم. صار تقريبا الكل تحت رحمة الخطاب الذي كان سائدا في فترات من التاريخ (الماضي). وهكذا يجري التعامل مع أغلبية الأمور المصيرية في حياة العرب، حيث نستشف من الخطاب الحالي أن المهمة الأكثر إلحاحا صارت جرّ الناس إلى الماضي بدلا من جرّ الماضي إلى الحاضر والانطلاق صوب المستقبل كما تفعل الأمم المتحضرة

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك