كيف يفكر الصينيون؟ .. الدرس الذي ينبغي أن يتعلمه الأجانب بقلم جميل أندرليني
الاقتصاد الآنديسمبر 27, 2012, 3:33 م 850 مشاهدات 0
عقب اعتقال كاي يانج (21 عاماً) في أيلول (سبتمبر) الماضي لضربه مواطنا صينيا آخر كان يقود سيارة من نوع تويوتا، بقفل دراجة هوائية خلال مظاهرة مناهضة لليابان، حاولت والدته أن تشرح تصرفاته.
قالت يانج شويلان: 'التعليم في المدرسة يغرس دائما فكرة أن اليابانيين هم الأشرار. وإذا قمت بتشغيل التلفزيون، فإن معظم البرامج عن الحرب ضد اليابانيين'. وتابعت: 'كيف يمكن ألا نشعر بالاستياء من اليابانيين؟'.
وبغض النظر عن حقيقة أن ضحية كاي البالغ من العمر 50 عاماً صينيا وليس يابانيا، فإن السيدة يانج تضع أصبعها على نقطة صحيحة.
ففي أعقاب مذبحة ميدان السلام السماوي (تيانانمين) عام 1989 وانهيار الاتحاد السوفياتي، استخلص زعماء الصين أن الحزب الشيوعي يحتاج إلى تحسين 'عمله الفكري'. ولذلك أطلقت الصين حملة 'التعليم الوطني' التي تستمر حتى يومنا هذا.
والتدريس الانتقائي للتاريخ – الذي يركز على وحشية الغزاة الأجانب ويتجاهل الفظائع، أو الأخطاء من قِبَل قادة الصين ـ يهدف إلى تعزيز شرعية الحزب من خلال زرع عقلية قومية معادية للغرب ترى أنها ضحية لممارساته.
وحلّت هذه الحملة محل السرد التاريخي للصراع الطبقي الذي أدّى في نهاية المطاف إلى فوز الحزب الشيوعي، مع تركيز قوي على نضال الصين ضد الأجانب. وقد حول ذلك الصين من منتصر مجيد إلى ضحية ضعيفة ومضطهدة.
وأحد أكثر الجوانب إثارة للحيرة والقلق من تصاعد التوتر بين الصين وجيرانها هو الانفصال بين كيف يرى العالم الصين وكيف ترى الصين نفسها - من المواطنين العاديين إلى كبار القادة.
فبالنسبة لبقية العالم تبدو الصين قوة هائلة ومخيفة تميل إلى الاستئساد على البلدان الصغيرة، لكن في أذهان كثير من الصينيين ما زالت الصين دولة فقيرة وضعيفة وذليلة. فكيف يمكن أن تكون مستأسدا إذا كنت دائما الشخص الذي يتم إزعاجه ومضايقته؟
ويمكن رؤية ثمار عقدين من التعليم الوطني في التحول السريع في سياسة الصين الخارجية تجاه جيرانها. ولفترة طويلة اتبعت الصين سياسة تهدف إلى جلب الدول المحيطة إلى مدارها. لكن بعد سلسلة من النزاعات مع كل شريك إقليمي مهم تقريبا، يمكن أن يكون قد بقي لبكين حليفان فقط - باكستان وكوريا الشمالية - كلاهما يعاني خللا.
والنزاع الإقليمي الأخطر مع اليابان، حيث تم للتو تثبيت حكومة يمينية بواسطة السكان الذين يشعرون بالتوتر من عدوان صيني.
وقبل عام واحد كان أي شخص يلمح إلى أن الحرب قد تندلع بين الصين واليابان كان يتم اعتباره معتوها. لكن اليوم يشعر دبلوماسيون غربيون، وحتى بعض كبار مستشاري الحكومة الصينية، بالقلق من اندلاع صراع، إذا ما اصطدمت سفينة صينية، أو طائرة، بسفينة يابانية حول الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي.
والحديث عن الحرب بين المسؤولين الصينيين والمواطنين العاديين شائع إلى حد مقلق. واكتسبت إحدى النظريات بعض القوة، وهي فكرة أن بكين ستخرج بشكل جيد من 'حرب محدودة' تُظهر فيها عزمها وتؤمن من خلالها دعما محليا لإدارة زي جينبينج الجديدة.
ويقول أنصار هذا الرأي، على الرغم من أنهم أقلية في الوقت الراهن، إن الولايات المتحدة 'نمر من ورق' تضاءل كثيراً بسبب مغامراته في الشرق الأوسط وبسبب الأزمة المالية. ويقولون إن واشنطن لن تنجرّ إلى صراع في المنطقة إذا تمكنت بكين من الاستيلاء بسرعة على بعض الجزر غير المأهولة من اليابان. وترفض مجموعة أخرى من الاستراتيجيين الصينيين هذا القول وتجادل بأن واشنطن ستضطر إلى أن تظهر لحلفائها في جميع أنحاء المنطقة أن الولايات المتحدة مستعدة وقادرة على الوقوف إلى جانبهم. وفي الوقت الراهن يبقى الحديث عن الحرب ضربا من الخيال بالنسبة للجنرالات القدامى والشباب، مثل كاي يانج الذي نشأ على نظام غذائي ثابت من القومية والذل المرير. ولا يمكن لبقية العالم أن يغير نظام التعليم في الصين، أو نظرتها عميقة الجذور للعالم، لكن على أقل تقدير، يحتاج الزعماء الأجانب إلى فهم عقلية نظرائهم الصينيين.
تعليقات