ثروات شركات الإنترنت الضخمة تثير شهية سلطات الضرائب بقلم ريتشارد ووترز
الاقتصاد الآنديسمبر 16, 2012, 5:38 م 599 مشاهدات 0
ما الشيء المشترك بين الخلاف حول الضرائب التي تدفعها جوجل وأمازون في المملكة المتحدة، والمؤتمر المتعدد الجنسيات حول شبكة الإنترنت المنعقد في دبي؟
في الظاهر لا يوجد كثير مما يعد قاسما مشتركا بين الاثنين، لكن شيئا واحدا على الأقل يجمع بينهما: تزايد الوعي بالقوة الهائلة - والأرباح - لبعض أغنى شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة. وفي وقت يجابه فيه كثير من البلدان أوضاعا مالية قاسية، أصبح من الصعب عليها أن تتجاهل مثل هذا النجاح الواضح. وبالتالي أصبحت نظم الضرائب غير الودية والضوابط المفرطة في التقييد تشكل تهديداً جديا للغاية.
وفي الأسبوع الماضي توقف مؤتمر دبي - المنعقد تحت رعاية فرع من الأمم المتحدة يسمى الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية - عند مسألة كيف ينبغي أن يتم ضبط شبكة الإنترنت. وكشف ذلك عن خلاف فلسفي عميق حول الرقابة التي حوّلت بالفعل أجزاء من الشبكة العنكبوتية إلى سلسلة من الشبكات الوطنية المغلقة. والخطر الآن هو أن سن ذلك في معاهدة دولية، سيؤدي إلى تشديد القيود داخل التكتلات الإقليمية.
لكن وراء الصراع من أجل السيطرة تكمن المعركة الثانية المتعلقة بالمال. فالاتصالات السلكية واللاسلكية كانت في وقت من الأوقات بمثابة الأبقار النقدية الحلوب في العالم النامي، من خلال الرسوم العالية التي كان يتقاضاها مشغلو شبكات الاتصالات في هذه البلدان مقابل تمرير المكالمات الدولية، ما شكل وسيلة لانتزاع المال من مشغلين آخرين (وبالتالي من عملائهم) في البلدان الغنية.
وكان هذا النظام عرضة للهجوم لفترة طويلة، لكن شبكة الإنترنت تقدم الآن مصدرا بديلا للدخل. ويفسر هذا السبب بكون كثير من البلدان في إفريقيا والشرق الأوسط وأماكن أخرى، دفعت في دبي باتجاه توسيع أنظمة مدفوعات الطرف المُرسِل، المعمول بها في عالم الاتصالات التقليدية، بحيث تصبح جزءا من حركة الإنترنت، ما يفرض رسما مباشرا على شركات الإنترنت للوصول إلى زبائنها في الخارج.
والأمر الطبيعي الوحيد الذي ينبغي للحكومات وشركات الاتصالات حول العالم أن تنظر فيه، هو تلك الثروة الهائلة التي تحققها شركة جوجل ونظيراتها - ومن السهل إيجاد حجة لفرض ضرائب على الشركات المسؤولة عن توليد معظم الحركة التي تغص بها الشبكات، للمساعدة في تطوير الخدمة. وقد ظلت شركات الاتصالات في أوروبا تدفع بالقضية نفسها على مدى سنوات. وبمجرد أن دخلت المناقشات المتوترة في دبي الجولة النهائية يوم الأربعاء، بدا كما لو أن هذا الخطر تم تجاوزه، على الأقل في الوقت الراهن. لكن من المؤكد أنه سيبقى موضوعا لمفاوضات دولية مستقبلية.
في الوقت نفسه، لفت استجواب من جانب سياسيين في المملكة المتحدة أخيرا، الانتباه إلى الطريقة التي تبني بها كثير من شركات التكنولوجيا الأمريكية عملياتها الدولية، بحيث يتم تمرير الإيرادات عبر بلدان ذات أنظمة ضريبية مخففة، مثل إيرلندا. وتحويل الملكية الفكرية إلى بلدان الملاذات الضريبية، ما يسمح للشركات المعنية بأن تدّعي أنها حصلت على كثير من الأرباح في تلك الأماكن، حتى عندما يتم توليد المبيعات في مكان آخر، لطالما كان عنصرا رئيسيا في عمليات التخطيط الضريبي على مستوى العالم.
وقد يكون كل ذلك قانونيا تماماً، لكن بالكاد تستطيع الشركات تقديم شكوى عندما يؤدي التهرب الواضح من دفع الضرائب إلى ازدراء السياسيين وازدراء المجمتع بشكل عام.
والثروات الضخمة لشركات التكنولوجيا الأكثر نجاحاً تقدم هدفاً واضحاً للغاية. فقد وصلت أموال واستثمارات أبل الآن إلى 121 مليار دولار، وهي في سبيلها إلى مزيد من الارتفاع. وسوف تقفز تدفقاتها النقدية الحرة من 42 مليار دولار هذا العام إلى 65 مليار دولار عام 2014، على الرغم من أن أرباح أسهم تبلغ 11 مليار دولار من المرجح أن تدفعها بعد عامين من الآن، وفقاً لتقديرات بنك يو بي إس.
وإزاء هذه الخلفية، أصبحت مسألة العلاقات العامة الذكية لشركات التكنولوجيا الرائدة، التي تظهر الشركات على أنها تفعل المزيد من أجل تعزيز العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، أمر جيد بالنسبة للبلدان الرئيسية التي تعمل فيها. ومثلما يتكرر كثيراً في صناعة تفاعلية في تعاملها مع الآثار الواسعة لنفوذها المتنامي، جاء هذا التطور متأخرا، لكنه أيضا في الوقت المناسب بالنظر إلى المناخ العام. إن وعد تيم كوك في الأسبوع الماضي بإعادة بعض وظائف أبل التصنيعية مرة أخرى إلى الولايات المتحدة، يعد إحدى علامات هذا التحول. ومع أن عدد الوظائف العائدة ضئيل، إلا أن الخطوة لم تفقد رمزيتها. وقد تأخرت أبل أيضاً في إبراز أنها مسؤولة بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، عن توافر نحو 600 ألف وظيفية في بلدها الأصلي، نصفها من خلال اقتصاد التطبيقات. وبالنسبة لكوكس أصبح النظر إلى أبل باعتبارها مواطنا صالحا أمرا غاية في الأهمية.
وأمضت جوجل، عملاقة التكنولوجيا التي تقف على خط النار مباشرة في مواجهة الأجهزة التنظيمية، وقتا أطول في الإعداد لحجج مماثلة تبين من خلالها تأثيرها المفيد على صعيد النشاط الاقتصادي وفرص العمل. ومسألة إلى أي مدى قامت بذلك على نحو جيد ستكون واضحة عما قريب، مع تقدم محاولاتها لتفادي عقوبات من أجهزة مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة وأوروبا.
هل ينبغي النظر إليها باعتبارها المحتكر الجشع، أم مستحدث الوظائف المحسنة؟ سيكون الحكم قريباً.
تعليقات