تنظيم العمالة الوافدة بقلم م. حسين حسن أبوداود

الاقتصاد الآن

2124 مشاهدات 0


لا يوجد بلد في العالم يستغني عن العمالة الوافدة، وبعضهم يوطنها بشروط للأعمال التي يحتاجها الوطن، ونحن في المملكة لن نستغني عن العمالة الوافدة في المنظور القريب في حين أنه مطلب وطني، ومن المخجل اليوم أنه ليس لدينا خباز أو حتى فوّال أو جزّار أو سبّاك أو كهربائي أو غيرها من الحرف الشريفة الضرورية لكافة شؤون حياتنا. أصبحنا في ثقافة الاعتماد على الغير، الشاب السعودي الذي يبتعث يقوم بتنظيف شقته أو غرفته ويرتب سريره ويغسل ملابسه في الأماكن العامة ويغسل سيارته ويعد طعامه، ولكن عندما يأتي في الإجازة يريد الغترة منشَّاة والسيارة ملمعة وحتى مناديل الورق أو ملابسه المتسخة يرميها حوله، لأن ثقافته في المنزل في المملكة علمته أن يعتمد على الغير، لذلك نحتاج إلى التربية من قبل المنزل والمدرسة حتى ندرك الجيل الجديد قبل أن تتأصل فيه هذه الثقافة، وذلك ليس بالأمر السهل.

هناك فئة استغلت الأنظمة واستقدمت عمالة لتتكسب منها فقط دون وجود عمل فعلي لهم، وهؤلاء يجب أن نحاربهم، ولقد واجهت الدولة تحديا وفي ذلك ستتمكن -بإذن الله- من محاربتهم. وزارة العمل وقراراتها المختلفة لن تحل لوحدها مشكلة العمالة الوافدة ومشاكلها، لذلك على الدولة إصدار أمر سبق تطبيقه من قبل بتحديد فترة ستة أشهر لتصحيح أوضاع جميع المقيمين في المملكة، وأتمنى أن يكون ذلك التصحيح بأن يُسمح لكل من يجد كفيلا أو شركات استقدام العمالة الجديدة بتسجيل كفالتهم عليهم بصرف النظر عن وضعهم غير النظامي دون استثناء، ما عدا من لديهم سوابق، وأن تكون رسوم تثبيت ونقل الكفالة في هذه الفترة المحددة لا تزيد على خمسمائة ريال للعامل ومائة ريال لكل فرد من أفراد أسرته، وأن يسمح للوافد السائق الخاص أيضا أن ينقل كفالته إلى أي منشأة، وليس كما هو الوضع الآن، وأن تقوم وزارة العمل بالسماح في هذه الفترة لكل وافد أن يغير مهنته حسب موافقة كفيله الجديد وعليها لاحقا التأكد من الخبرة أو الشهادات أو تقديمه للاختبار عند تجديد رخصة العمل لاحقا. كذلك يسمح في فترة التصحيح نقل كفالة أي وافد دون موافقة كفيله إذا قضى سنة لديه.

بعد انتهاء فترة تصحيح وضع الإقامات، على وزارة العمل إصدار قرار بعدم السماح لأي وافد بالعمل خارج المنطقة التي أصدرت له رخصة العمل، فمن صدرت إقامته من منطقة تبوك، مثلا، لا يسمح له بالعمل خارجها إلا إذا كان لدى المنشأة التي تكفله فرع سجل تجاري في منطقة أخرى ولديها شهادة زكاة ودخل بما فيها نشاط ذلك الفرع أو لديها عقد في أي منطقة في المملكة مصدق من فرع الزكاة والدخل في تلك المنطقة. علينا أن نميز بين الجادين من أصحاب المنشآت وبين المتسترين والمستغلين.

والآن إلى القضية الأهم، لا يمكن لنا أن نتجاهل واقع هذا البلد ولا يمكن أن نغمض أعيننا أكثر، يجب أن نراجع وضع المواليد في المملكة بصرف النظر عن قانونية وجودهم، يجب أن نستفيد من وجودهم ونجعلهم أفرادا منتجين حسب النظام. ينبغي أن نعطي لكل المواليد في المملكة إقامة طويلة الأجل خمس أو عشر سنوات وأن يسمح لهم بالعمل النظامي وأن يسمح لهم بأن يكونوا مهنيين أو حرفيين أو عمالة عامة وأن يعاملوا كالمواطن في تدريبهم على حرف محددة نستقدم لها مئات الألوف وهم أولى بها، ونستغني عن المستقدم ويسمح لهم بالنشاط المهني بشرط عدم استخدامهم للمستقدمين، وأن يعملوا في الحرف التي اختاروها وتدربوا عليها.

ويجب السماح لمن أتى مرافقا لوافد أو وافدة ولديه كفاءة أو رغبة في العمل أن يعطى رخصة عمل وتعدل إقامته بدلا من منعه، لأنه أتى فقط بتأشيرة مرافق. إنهم يعملون رغما عنا، لذلك علينا تنظيم هذه الفئة ومعرفة واقع عملها، علينا التخلص من القرارات القائمة التي زادتنا تعثرا وتعقيدا.

كذلك إذا بلغ الابن المرافق للوافد السن النظامية يطالب بنقل كفالته فيضطر بعضهم بتجديد الإقامات بطريقة غير نزيهة، إذا لم يجد كفيلا غيره، لذلك علينا السماح لشركات استقدام العمالة بنقل كفالة هؤلاء المرافقين إليها، في حالة عدم وجود من يكفلهم من المنشآت، وهي تشغلهم، وتستغني عن استقدام بعض العمالة.

إن العمل لمدة تسع ساعات يوميا أو خمس وأربعين ساعة أسبوعيا، كما طالب به ممثلو رجال الأعمال، مطلب لا يتوافق مع مطالب اللجان العمالية في المملكة وهو وقت شاق ومرهق لأي عامل والساعة التاسعة هي ساعة ضياع، لذلك أؤيد طلب الديوان الملكي بجعل ساعات العمل، أربعين ساعة أسبوعيا ويومين راحة في الأسبوع الجمعة والسبت على أن تغير الدولة دوامها أيضا، مثل القطاع الخاص حتى نستفيد من هذا القرار، وعلى وزارة العمل إكمال الحوار مع ممثلي مجلس الغرف واللجان العمالية في المملكة لتعدل نظام العمل بما يحقق العدالة لجميع الأطراف.

كما يجب أن يكون عقد العمل محدد المدة فقط لجميع العمال حتى يحاول صاحب العمل الاحتفاظ بالعاملين المنتجين برعايتهم أكثر، وأن يحاول العامل الوطني أن ينافس زملاءه على العمل بإخلاص ليستمر في العمل، بدلا من شعوره أنه موجود بقوة النظام ولا يبالي بالإنتاجية وحسن الدوام، وأن يسعى إلى برامج التدريب ليحسن قدراته.

كذلك ينبغي أن تكون هناك شهادة إبراء ذمة من آخر مستخدم له يقدمها أي عامل عند تقدمه بطلب عمل لدى الدولة أو أي منشأة خاصة، وأن يدفع العامل رواتب فترة الإنذار كما يدفعها صاحب العمل في حال إنهاء العمل ورغبته في عدم إكمال الفترة، وأن يعوض العامل ماديا حسب النظام إذا أُقيل تعسفيا.

ينبغي أن نحدد ساعات عمل المعارض والدكاكين والسوبر ماركت، بحيث لا تزيد ساعات العمل على عشر ساعات، بحيث تقفل جميع الأسواق بعد العاشرة مساء، ما عدا في شهر رمضان وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأن يسمح بالعمل لبعض الوقت بحيث لا يزيد على 20 ساعة أسبوعيا، ويمكن للعامل الوطني العمل في أكثر من منشأة إذا رغب في هذا النظام لزيادة دخله.

ينبغي أن تسمى المهن بأسمائها فعاملة كوافير أو تقليم الأظافر أو الماكياج أو مدربة رياضة تسمى بأسمائها بدلا من العمل تحت مسمى مشْغل، ولا علاقة للمشْغل بذلك والقائمة طويلة.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك