بناء الوطن يحتاج الى ارادة وقرار وبرنامج محدد.. المقاطع ناصحاً
زاوية الكتابكتب ديسمبر 13, 2012, 12:03 ص 1464 مشاهدات 0
القبس
الديوانية / بناء وطن
أ.د محمد عبد المحسن المقاطع
أشد ما يؤلم كل كويتي المقارنة بين الكويت وأي دولة خليجية شقيقة، حيث تبدأ عندها رحلة التغني بالأطلال والعيش على ذكريات الماضي، والتحسر عليه، ولسان حال كل منا يقول لقد كنا سباقين في كل المجالات، في التعليم وفي الرياضة وفي الصحة وفي الثقافة وفي الفنون وفي البنى التحتية والعمران وفي الديموقراطية وفي الانفتاح التلقائي على العالم، وعلى الثقافات المختلفة، ويتمنى أحدنا أن يستمر في استدعاء الماضي والعيش على ذكرياته هروبا من الواقع، وهذه الحالة تراود كل شخص بأعلى مستوى في المسؤوليات، والى أقل مواطن في موقعه أو وظيفته، وهي رحلة للأسف أبقتنا ثلاثة عقود كاملة في دوامة الدوران على جلد النفس والتحسر الذي لا جدوى منه.
لاشك في ان مرحلة توقف الحياة العامة عن التطور على مدى العقود الثلاثة الماضية، يتحمل وزرها طرفان أساسيان هما: الحكومة من جهة، ومجلس الأمة من جهة أخرى، فكلاهما كان فاقدا للأولويات خلوا من البرامج والخطط المدروسة والمبرمجة، ضعيفا في تكوينه بمعظم أشخاصه أو أعضائه، مترددا في مواجهة المشكلات وحسمها بالتشريع أو القرارات، فالحكومة تعمل التوازنات تلو التوازنات حتى تتبعها التنازلات، وينتهي بها المطاف الى الأمنيات، وأما على صعيد مجلس الأمة فقد أشغلته المنافسة بين تياراته السياسية وأشخاصه البرلمانية وتكويناته الفردية الى دخول معارك سياسية لضرب الآخر أو عرقلة الحكومة او تحقيق الانتصارات او الأمجاد الوهمية، فصار مجلسنا يتعامل بردة الفعل ولا يملكه، ويتعيش على تخبطات الحكومة ويقتات على فتاتها بدلا من تصحيحها والنهوض بأدائه لتجاوز عثراتها، وهكذا صار تقلد المنصب الوزاري أو الحظوة بالمقعد النيابي غاية في حد ذاتها ومطلبا تنهار معه كل القيم والأهداف الوطنية السامية، ومع مر الزمن تراكم هذا البناء الهش، فتلاشى اي مشروع تنموي جاد، وتوارى الرجال وهاجرت رؤوس الأموال وصار الكويتي نموذجا للبناء والتعمير خارج دولته، وغريبا في سلوكياته في وطنه، فضعف التعليم وهزلت مخرجاته، واهتز الاقتصاد وتكاثرت أزماته، ويئس المواطن وشاعت مطالباته وقلت اسهاماته، وصار الوطن مريضا وتعددت علاته، فلم يحل ملف البدون وما أسهل اجراءاته، ولم تنته أزمة الاسكان وما أيسر امكاناته، واختنق البلد بالطرقات وكثرت وفياته، وتردت الرعاية الصحية ونخرت مستشفياته، ولتكن اليوم نظرة الأجيال الجديدة أن المسؤولين في العقود الثلاثة الماضية هم من اتى على البلد بويلاته.
واليوم بالرغم مما في البلد من اختلافات، وربما وضوح في انقساماته، وغموض المرحلة المقبلة التي لا نعلم ما قد تحمله مستجداته، الا أن اليقين الذي يجب ان نؤمن به، ان بناء الوطن يحتاج الى ارادة وقرار وبرنامج محدد، وهذا هو دور الحكومة التي عليها المسؤولية الجسيمة في النهوض بالبلد وتجاوز كل عثراته، وتحقيق طموحاته، واحدا تلو الآخر، بخطوات واثقة وحكومة عازمة، وهي ربما تكون الفرصة الأخيرة لاعادة لملمة شتات الوطن وبنائه وقيادة قطاعات العمل في الدولة بكل شفافية ونزاهة وسرعة في الانجاز ومهنية في الاتقان وحرفنة في المحاسبة، فكفانا ما فات ولنصحُ من ذلك السبات والعيش على هامش الأحلام وذكريات الأطلال، فالبناء يتطلب النظر الى الأمام، لا الالتفات الى الوراء أيا كانت الأسباب.
تعليقات