الحبس الإحتياطي برؤية مهند الساير

زاوية الكتاب

العقوبة ما بين الواقع والقانون وحرمان المتهمين وتعويضهم بعد البراءة

كتب 4770 مشاهدات 0

المحامي مهند الساير

مصطلح الحبس الاحتياطي لو كنت قد استخدمته كمقال لي قبل أربع سنوات لكان أكثر غموضا عند الكثير من غير القانونيين الذين قد لايستهويهم هذا النوع من المواضيع القانونية .
ولكنني أجزم أن اليوم الأمر اختلف كثيراً وخاصة بعد ماشهدناه ومازالتا نشاهده من أحداث متواترة خلال العامين الماضيين وقد يكون من غير المبالغة أن الأغلبية لها قريب أو صديق أو تابع قضية شخص احتجز تحت مسمى الحبس الاحتياطي .
والحبس الاحتياطي في مفهومه القانوني هو حرمان المتهم من الحرية مدة معينة قبل صدور الحكم عليه بالإدانة وهي الفترة التي يقضيها المتهم محجوزاً لدى جهات التحقيق والتي كانت سابقاً قبل تعديل القانون الأخير تصل إلى ستة أشهر وبعد التعديل الأخير أصبحت لا تتعدى الأربعون يوماً يكون للمحقق أو وكيل النيابة العشرة الأيام الأولى والباقي تكون تحت صلاحيات مايعرف بقاضي التجديد .
ولمدى خطورة هذا الإجراء الاحترازي وخشية تعارضه مع مواد الدستور في المادة رقم (31) : لايجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفقاً لأحكام القانون .
والمادة رقم (34) : أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً .
لذلك ذهب المشرع في تقييد استعمال الحبس الاحتياطي إلا في حالتين:
- منع المتهم من الهرب
- منع المتهم من التأثير في سير التحقيق
ومتى تأكد ضمان عدم انطباق احدي الحالتان أصبح الحبس الاحتياطي عقوبة مخالفة للدستور لأنها صدرت من غير ذي صفة وهو قاضي الموضوع الذي يحق له توقيع العقوبة على المتهم.
لأن الكثير ممن يتم حبسهم احتياطياً ويكون ذلك الحبس سبب في ضياع مستقبلهم الوظيفي بعد أن يحكم له بالبراءة وهو أمر غير مقبول لا شرعاً ولا قانوناً.
لذلك ذهبت بعض الدول إلى الأخذ بمبدأ التعويض في حالة حبس المتهم وحكم له بالبراءة وبتبعية يكون الحبس سبب له ضرر دون مبرر .
وكم أتمنى أن يكون لنا ذات المبدأ القانوني والمنطق في التعويض والتشريع وخصوصاً لكثرة حالات البراءة لدينا بعد حبسهم احتياطيا.

ونعود لصلب المقال متى يكون الواقع بأن الحبس الاحتياطي عقوبة وليس كما أراد المشرع إجراء احترازي هو عندما تكون الكثير من حالات البراءة الواضحة حكماً قد مارست معها سلطة التحقيق إجراء الحبس وكذلك عندما تدمر أسرة شخص فقد وظيفته ومستقبله بسبب هذا الإجراء ناهيك عن ماهو أهم من هذا وذاك كم الإهانات والمعاملة السيئة التي تمارس ضد كل متهم لم يراعى معه نص المادة الدستورية بأنه بريء حتى تثبت إدانته وهو بحد ذاته كفيل أن يجعل عنصر الضرر المعنوي يقع وبقوة .
وإنزالاً على ماسبق ذكره على واقعنا يجب على المشرع أن يوجب تعويض كل شخص تم حبسه احتياطيا وبرئته المحكمة أن يتم تعويضه عن حبسه حتى تكون مبادئ العدالة تطبق على أرض الواقع .
ونختم في ماورد في مبادئ محكمة التمييز لايضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر مايضرها الافتئات على حقوق وحريات الناس .
ودمتم سالمين
المحامي مهند الساير

الآن- رأي : مهند الساير

تعليقات

اكتب تعليقك