أين الكرامة في انعدام وجود الدولة؟.. فاطمة الشايجي متسائلاً
زاوية الكتابكتب ديسمبر 10, 2012, منتصف الليل 712 مشاهدات 0
الشاهد
لمن أقدم العزاء؟
د. فاطمة الشايجي
توجهت في نهاية الأسبوع الماضي إلى القاهرة لأقدم العزاء لعائلة عزيزة على قلبي بوفاة والدتهم رحمها الله وأسكنها فسيح جناته والتي اعتبرها في مقام والدتي رحمها الله. لقد تعرفت على هذه العائلة الكريمة في أحلك الظروف، كانت أياماً مظلمة على الشعب الكويتي، أياماً لن تنسى ولن تمسح من ذاكرة العالم اجمع، فقد هز الغزو الغاشم جميع الشعوب واستنكره الجميع، وقد يكون ذهابي الى مصر أم الدنيا في هذه الأيام مخيفاً الا أن هذا الواجب يجب أن أقوم به لما لهذه العائلة من مكانة في القلب. كان اتكالي على الله في هذه الرحلة فهو خير الحافظين. وكنت اردد قوله تعالى <ادْخُلُواْ مِصْرَ اِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ> 99 سورة يوسف.
لكني بالفعل تساءلت: لمن أقدم العزاء إلى الصديق العزيز أم الى الشعب المصري الكريم؟ فمنذ خروجي من مطار القاهرة شعرت بشعور غريب مغاير فلم أتذوق نكهة خفة الدم، ولم اسمع كلمة الترحيب المعتادة، ولم أجد روح السياحة، ولم أر نور الأمل، قد يعتقد البعض اني أبالغ أو أغالي بهذه المشاعر.ولكن بالفعل أصبح الجميع يحمل ملامح وجه واحدة تعبر عن تساؤل واحد وهو إلى متى؟ الى متى هذا الحال؟ والى أين يا مصر؟ ورغم ذلك لم يتخل الشعب المصري عن أهم ما يميزه وهو خوفهم على أختهم العربية، فمن اعرفه ومن
لا اعرفه سألني ما هي الأسباب التي جعلتك تحضرين إلى القاهرة وسط هذه الظروف غير المستقرة؟ نحن نخاف أن يصيبك مكروه كيف يمكن أن نخدمك؟ الله يعزكم يا شعب مصر ويجعلكم ذخرا للأمة العربية.
تمنيت وقتها لو أني حجزت تذاكر للشعب الكويتي ليحضر معي العزاء ليرى ماذا فعلت الثورة بالشعب المصري، لا استعطف أحدا على هذا الشعب فهو وقت انكسار ويمضي واختبار وسينجح فيه هذا الشعب، ولكني أوجه نظر أهل الكويت الى أمر مهم جداً أن الثورة تخطت الصراع بين السلطات وتعدت الجدل بين الحاكم والمحكوم وتربعت بين أفراد الشعب فقد انقسم الشعب على نفسه، هكذا رأيت الثورة في بلدنا الثاني مصر، فتنبهوا يا كويتيون ما يحدث ليس مطالبة بحقوق، ولا مطالبة تسأل عن العيش بكرامة، فأين الكرامة والقيم الأخلاقية تنعدم؟ أين الكرامة والابن الذي لم يفهم السياسة يقف بعلو صوته يخاطب أباه الذي تجرع السياسة قبل مولده؟ أين الكرامة وهناك صراع دام اختلط فيه الحابل بالنابل؟ أين الكرامة في انعدام الأمن؟ أين الكرامة في انعدام وجود الدولة؟
كنت قد كتبت أكثر من مقال وأوضحت أن ما يحدث من مظاهرات في الكويت أو في أي دولة عربية ليس القصد منه اصلاح فساد أو اقرار حقوق وها هي مصر أم الدنيا تئن وتبكي وتدمي، وكل يوم يظهر ما هو جديد إلى أن وصل الشعب الى حالة من الغضب التي لا نتمنى أن تصل بهم الى حرب أهلية تقضي على ما يمكن اصلاحه. فقد عادت نفس الحالة السابقة أثناء الثورة حيث تكرر المشهد الذي يجسد أن الخلاف بين من يؤيد الحكم ومن يعارض الحكم، وهذان الطرفان هم الشعب نسأل: من المستفيد من هذا؟ المستفيد الوحيد من وراء الدمار والفوضى هم من يلهث وراء السلطة وأتباعهم.
أني أخاطب شعب الكويت فالحالة عندنا تختلف بكثير. قد تكون لثورة مصر مبررات كثيرة ورغم ذلك لم تتحقق الى الآن أي من المطالبات للثورة، وقد يقول البعض أن هذه فترة انتقالية وبعدها تستقر الأمور، الا أن ما يحدث لا يعطي طابع الاستقرار فالشعب مازال ثائرا،ولكننا في الكويت لا نملك هذه المبررات، فنحن والحمد لله نعيش في خير ونعمة أدامها الله علينا، يجب أن نحافظ عليها. كما أننا تحت راية واحدة فلنتمسك بها لكي نستطيع أن نطالب بحقوقنا في ظل ظروف آمنة.
اذا كانت الدول التي ثار أهلها يحتاجون الآن الى فترة انتقالية لتسليم السلطة واعداد دستور يتناسب مع الجميع، فنحن نحتاج الى الهدوء والتعقل والتفكير والحوار البناء الذي هو أساس تقدم الدول وأساس دفع عجلة التنمية لأننا لا نفتقد السلطة ونملك دستوراً ينقصه التطبيق والمراقبة وليس المظاهرات والفوضى.
تعليقات