القلق على مستقبل الحريات في مصر ضرورة.. بنظر حامد الحمود
زاوية الكتابكتب ديسمبر 9, 2012, 12:07 ص 593 مشاهدات 0
القبس
القلق على مستقبل الحريات في مصر ضرورة
د. حامد الحمود
لو بحثنا في أسباب الهلع منذ وصول الإخوان إلى السلطة في البلاد العربية، لوجدنا أنها تختلف من بلد إلى آخر، ومن مجموعة إلى أخرى، وربما من فرد لآخر. فبعضها يرجع لأسباب تتعلق بصراع الإخوان مع الأنظمة السياسية التي ولدتها ثورة 1952في مصر. لذا نجد هذه المشاعر المعادية للإخوان موجودة عند الناصريين والمتعاطفين مع التيار القومي العربي. والبعض يعادي الإخوان لانتماءاته الليبرالية، خشية كبت الحريات تحت شعار المحافظة على القيم الإسلامية. أما عندنا في منطقة الخليج، فبالإضافة إلى الأسباب المذكورة، نستطيع أن نضيف إليها التصاريح المتكررة لمدير شرطة دبي ضاحي خلفان التي اقتبست تصريحاته المتكررة في أعمدة الرأي في الصحافة في الكويت وعموم منطقة الخليج. والذي حذر من مؤامرة يخطط لها تنظيم الإخوان للاستيلاء على السلطة في منطقة الخليج. وفي أكثر من مرة، ذكر أن رأس الأفعى لهذا التخطيط يتواجد في الكويت. هذا ومع رفض كاتب هذه السطور للادعاءات بوجود مثل هذه المؤامرة، وإيمانه بأن تنظيم الإخوان في الكويت تشكله عناصر محلية تضع مصلحة الكويت وشعبها فوق المصالح الأخرى، فإن أحداث مصر الأخيرة دفعت الخوف إلى أن ينسل إلى عقلي وإلى أن يخيم القلق على عواطفي.
فحشد الألوف من الإسلاميين أمام المحكمة الدستورية في القاهرة يوم الأحد 2012/12/2 في ضاحية المعادي ومحاصرتهم للمقر ومنع القضاة من الدخول إليها، أمر يثير الهلع. فنحن هنا أمام جماهير تستخدمها السلطة لتخويف القضاة، فكيف تهدأ عواطف الناس العاديين عندما يهدد قضاة المحكمة الدستورية. وعندما تستخدم أو تتغاضى السلطة عن قيام الموالين لها بمنع القضاة من النظر في دعوى قضائية تطالب بحل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية التي انتهت من كتابة الدستور، وكيف نمنع اليأس من التسلل إلى نفوس جماهير وجدت نفسها فجأة أما تفرد الرئيس محمد مرسي وجماعته بالقرار السياسي؟ مع أن هذه القوى المعارضة من يسارية وليبرالية وناصرية هي التي تآلفت مع الإخوان لإيصال مرسي إلى موقع الرئاسة.
ولا بد أن نتفهم ونتعاطف مع قرار قضاة هذه المحكمة بامتناعهم عن مراقبة الاستفتاء على الدستور المعد من جمعية تأسيسية مشكلة من الإخوان وحزب النور السلفي. فهي محاولة لمنع إقرار دستور يقيد الحريات ويثير الشكوك حول نوايا الرئيس مرسي وأنصاره. كما أن تحديد موعد الاستفتاء بهذه السرعة ليكون في منتصف الشهر الجاري يحدد نتيجته مسبقاً. حيث إن الإخوان وحزب النور السلفي استطاعا تحويل المساجد إلى مقار دعوية تمزج السياسة بالدين، وتقسم المصريين بين مؤمنين مؤيدين وكافرين رافضين للدستور. فلا شك أن الغالبية من البسطاء سيدلون بأصواتهم في هذا الاستفتاء لمصلحة جنة الدستور. واستخدام المساجد للكسب والتكسب ليس بجديد في مصر. وكما تذكرنا الكاتبة أمينة خيري في «الحياة» بتاريخ 2012/12/3: «أبدية المداهنة من قبل بعض الرموز الدينية للسلطة أمر دنيوي بحت، والغالبية العظمى من المصريين تعرف ذلك وتعيه جيدا. فبالأمس القريب كان التسبيح بحمد الرئيس السابق حسني مبارك يجلجل من مكبرات الصوت في الكثير من المساجد، ومن قبل كل من حكم مصر. واليوم تستمر عجلة التسبيح بعد إضافة بهارات التكفير ومحسنات الترهيب وكل ذلك في ظل صمت رسمي لا يبدو أن النفاق الديني يزعجه».
ومازلت أرى أن وصول الإسلاميين إلى السلطة عن طريق صناديق الانتخابات المسار الأجدى للحد من التطرف الديني، إن كان ذلك في تونس أو في مصر. لكن لا بد أن نقلق من تحولهم إلى متسلطين دامجين بين فهم ظلامي للدين وسلطة الحكم. ومنظرهم وهم يهاجمون الجماهير المعارضة التي تظاهرت امام قصر الرئاسة يوم الثلاثاء 4 ديسمبر يذكرنا بميليشيات الانظمة المتسلطة.
تعليقات