حسن كرم منتقداً 'الاتفاقية الأمنية': ظاهرها الأمن العام وحقيقتها حماية الأنظمة!
زاوية الكتابكتب نوفمبر 29, 2012, 12:57 ص 897 مشاهدات 0
الوطن
الاتفاقية الأمنية الخليجية الشيطان يدخل في التفاصيل..!!
حسن علي كرم
إذا صحت مطابقة الاتفاقية الأمنية الخليجية التي قامت جريدة «الوطن» مشكورة بنشر بنودها هي ذات الاتفاقية التي ستعرض على مجلس الأمة القادم بشأن الموافقة عليها، أقول إذا صح ذلك وإذا وافق المجلس عليها، فلا ريب أن المجلس القادم ليس صديقاً للحكومة (على حد وصف عبدالله النيباري) وإنما جهاز تابع لمجلس الوزراء.
ولعلي أتعجب تماماً أن يصرح معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية عن أن الاتفاقية لا تتعارض مع نصوص الدستور الكويتي، بينما بعض نصوص الاتفاقية لا تتعارض ونصوص الدستور وحسب إنما تدوس في بطن الدستور، بل وتهدر من قيمة وكرامة المواطن وتجعله مجرد شخص مجرم متهم مشكوك في ذمته وفي سمعته إلى أن تثبت الدوائر الأمنية الخليجية قاطبة براءة وسلامة الشخص وصف سلوكه وسمعته، وتعال حل لي إذا أي جهاز أمني خليجي منح أي مواطن من دولة الجهاز أو من غيره صك حسن سير وسلوك من غير أن ينشفوا دمه!!
هذه الاتفاقية تجعلنا جميعا أمام مراكز الحدود الخليجية مشبوهين ومتآمرين ومعارضين ومشكوك في مواطنيتنا ووطنيتنا إلى أن يتلطف ويتعطف الجهاز الأمني ويمنحنا صك البراءة..!!
هذه الاتفاقية تقطع لسان كل من يتجرأ على أن يبدي رأياً أو موقفاً حيال الأوضاع في أي من البلدان الخليجية الستة مخالفا للرأي الرسمي ويطابق الحقيقة..!!
هذه الاتفاقية منحت الدوريات الأمنية الخليجية حق معاقبة ومطاردة خلق الله واجتياز الحدود والتوغل إلى الداخل من دون اعتبار لحرمة الحدود التي هي في الأساس محل النزاع وغير متفق عليها..!!
هذه الاتفاقية ظاهرها الأمن العام وملاحقة المجرمين ولكن حقيقتها حماية الأنظمة، وإذا كان أمن الأنظمة جزءا من منظومة الأمن العام وحماية المواطن فلا ضير إلا أن غير المقبول هو التشكيك في المواطن لكونه قال رأياً أو عبر عن موقف مخالف للرأي الرسمي..!!
ثم إذا كان ثمة اتفاقية ثنائية موجودة بين بلدان المنظومة، فما حاجة أو مبرر لإصدار اتفاقية خليجية موحدة، لاسيما أن التبادل الأمني بين بلدان المنظومة وغيرها من بلدان العالم يتم على مدار الـ24 ساعة بفضل توافر شبكة الاتصالات العنكبوتية الجبارة.
ولاريب أن التعاون الأمني ليس بين بلدان المنظومة الخليجية وحسب، بل بين كل بلدان العالم بات حاجة ملحة ومطلوبة في ظل تنامي جرائم المخدرات وتزوير العملات والجرائم الإرهابية مثلاً، غير أن تبادل المعلومات أو تبادل المجرمين ينبغي أن يتم في إطار القوانين والأنظمة المحلية لكل دولة، فلا يمكن القبول بأى حال من الأحوال اقتحام دوريات الشرطة من دولة أخرى إلى داخل حدود دولة ثانية بذريعة ملاحقة مطلوبين، وكأن هذه الدولة وكالة من غير بواب، من دون احترام لقوانينها واعتبار لكرامة أهلها..!!
والسؤال هنا هل ثمة بنود سرية في الاتفاقية غير معلنة أو لن تعلن؟ ولماذا؟ وما هو العذر إذا كان الأصل هو تطبيقها على مواطني بلدان المنظومة، أليس الأصل هو نشر المعلومة لا حجبها عن الأعين.. ومن هنا أعتقد أيضا إذا مرت هذه الاتفاقية وفقاً لبنودها الراهنة من بوابة مجلس الأمة القادم، فلا أقل من القول إنه مجلس بصامين ومجلس محطوط في جيب الحكومة العلوي..!!.
إن أي اتفاقية لا تأخذ اعتباراً لكرامة الكويت وكرامة المواطن الكويتي وكرامة دستور دولة الكويت وقوانينها وخصوصيتها فلا قيمة لها، فالكويت لن تكون طوفة هبيطة ولا شرطة الكويت عاجزون عن حماية أمن وطنهم حتى يقتحم الآخرون حدودنا ويدخلوا أراضينا بذريعة ملاحقة مجرمين…!!.
لقد قيل الشيطان يدخل في التفاصيل ونحن نرى أن الاتفاقية الأمنية الخليجية مليئة برؤوس الشياطين التي تختبئ بين طيات بنودها، وهذا ما يجعلنا لا أن نشكك أو نتخوف عن أسباب إصدار هذه الاتفاقية، ولكن لأننا لا نقبل أن يحكمنا أمين عام مجلس التعاون!!
تعليقات