'مطلب شرعي'.. خديجة المحميد واصفة شرط 'حسن السمعة' لتولي الوظائف العامة

زاوية الكتاب

كتب 1004 مشاهدات 0


الأنباء

مبدئيات  /  السمعة السيئة

د. خديجة المحميد

 

«مثلي لا يبايع مثله» شعار أطلقه الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام في مواجهة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الذي طلب منه البيعة له بإمرة المؤمنين بعد وفاة أبيه معاوية، ودفع ثمنا غاليا له باستشهاده وبنيه على أرض كربلاء، ليقدم النموذج للمسلمين أنه لا يصح أن يولوا أمورهم وإدارة مصالحهم لمن اشتهروا بالفسق والفجور، حيث وضح لوالي معاوية على المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان سبب رفضه البيعة مخاطبا الوليد: «أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق فاجر، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور». هذا في مقابل ما ينبغي أن يتحلى به من يتقلد الولاية العامة لشؤون المسلمين وقيادتهم وهو ما بينه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لمالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه لما ولاه مصر: «فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح... فاملك هواك، وشح بنفسك عما لا يحل لك، فإن الشح بالنفس الانصاف منها فيما أحبت أو كرهت» ويأمره بالعدل في الرعية واجتناب الظلم «فإن الله يذل كل جبار ويهين كل مختال أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده».

تولي أمور الناس بالولايات العامة يتطلب فيمن تناط بهم هذه المسؤوليات العظيمة أن يتصفوا ويعرفوا بالسلوك السوي والعدالة والأمانة والمصداقية العالية في تقديم المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية، وعلى النقيض من ذلك تصرف هذه المناصب عمن عرفوا بالمفاسد وسوء المسلك. في هذا السياق أعلنت اللجنة الوطنية العليا للانتخابات عن شطب عدد من المرشحين قدرت عدم استيفائهم لشروط الترشح في انتخابات مجلس الأمة المقبلة في ديسمبر 2012م وقال رئيس اللجنة رئيس محكمة الاستئناف المستشار أحمد العجيل ان «المشرع أكد ضرورة تحلي أعضاء المجلس التشريعي بالسمعة الحسنة» وأوضح أن التنافس لعضوية المجلس ينبغي أن تكون كما أوضح بقوله «بين من تشهد لهم صحفهم البيضاء بطهارة اليد وصون الأمانة وعفة اللسان» على أساس أن هذا ما تمليه الاصول العامة مؤكدا «دون حاجة الى نص وهو حسن السمعة باعتباره شرطا ليس لازما لتولي الوظائف العامة فحسب ولكنه من باب أولى شرطا لازما لتقلد المناصب البرلمانية لعلو شأنها وأهمية مسؤوليتها وخطورة واجباتها في مراقبة أداء الحكومة».

نعم إنه مطلب شرعي وعقلي ومدني لازم توافره بمستوى الضرورة فيمن يتولى القيادة والمسؤوليات العامة، إلا أنه يحتاج إلى معايير ومحددات قانونية وآليات تنفيذية واضحة خصوصا فيما يقصد به «سوء السمعة» ومن هو صاحب «السمعة السيئة»، أما من ناحية التعريف فهل يتعين سوء السمعة بأفعال ووقائع تتنافى مع الشريعة الإسلامية أم بسلوكيات وأوضاع تتعارض مع الأعراف الاجتماعية أم بانتهاكات عملية لقوانين البلاد، وما هي آليات إثبات ذلك هل هي مستندات ثبوتية لتلك الوقائع في المخافر أم أحكام قضائية مسبقة أم وكالة يقولون التي قد تصنعها الإشاعات العفوية وربما الإشاعات السياسية المفتعلة؟

كم نتمنى أن تتوافر المواصفات العالية في المتصدين لإدارة المناصب العامة ليس فقط في النواب الذين يتولون الرقابة والتشريع، وإنما أيضا في الوزراء الذين يشكلون السلطة التنفيذية، نريد فعلا أن يتحقق ذلك على أرض الواقع، ولكن نريده بنص قانوني واضح وضوح النص في المادة الثانية من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات اعضاء مجلس الامة القاضي بألا يكون المرشح «محكوما عليه بعقوبة جناية او في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يرد إليه اعتباره»، وهو الذي لم يتوفر إلى الآن فاتحا الباب مستقبلا لاجتهادات قد تصيب أو قد تخطئ.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك