معقبا على واقعة الاعتداء على المعلم، وائل الحساوي يكتب عن تحول 'فزعة' أولياء الأمور لأولادهم حتى في المبادئ والتعليم،ويدعو التربية للتحرك قبل أن تتحول المدارس لساحات حرب

زاوية الكتاب

كتب 473 مشاهدات 0


ضربة معلم

مشهد المعلم الذي ضربه ولي الأمر وأبناؤه وقد كاد يفقد بصره يعيدنا بالذاكرة إلى الماضي حيث كانت مهنة التعليم أشرف مهنة، وكان المعلم محترماً ومرهوب الجانب من طلبته، وكان الخلفاء يعهدون إلى معلمين خاصين بتربية أبنائهم وتعليمهم ويعطونهم صلاحية الأب بالتأديب إلى درجة التعنيف والضرب أحياناً.
وفي كويت الماضي يقص علينا آباؤنا عن سطوة المعلمين وشدتهم على الطلاب والطالبات في تدريسهم القرآن الكريم- وهو أمر سيئ بلا شك ولكنه يدل على مدى الحزم والقوة التي يتمتع بها المدرس- وقد ذكرت سابقاً قصة الشيخ جابر الأحمد رحمه الله مع المدرس الذي ضربه حتى كاد يكسر يده، وفي اليوم التالي جاء حارسه الشخصي ليخبر المدرس برسالة أبيه -أمير الكويت- بأن له الصلاحيات الكاملة بتأديب ابنه.
اليوم وفي عصر فقدنا فيه قيمة العلم واحترام كل شيء، أصبح المعلم هو الحلقة الأضعف في المجتمع والأقل احتراماً بين الناس وتجرأ عليه الطلبة وأولياء أمورهم، ودوره لا يتعدى اعطاء الدرجات للطلبة لينجحوا حتى وإن كانوا من أفشل الفاشلين، أما إن أصبح عنده ضمير وأعطى الطالب ما يستحقه من درجات فلأمه الويل والخبل.
والعجيب أن أولياء الأمور الذين كانوا في السابق يحرصون على تعليم أبنائهم وتربيتهم ويشجعون المدرسين على التشدد معهم فقد أصبحوا اليوم الحصن الحصين لأبنائهم ضد المدرسين، وأصبحت «الفزعة» في كل شيء حتى في المبادئ وفي التعليم، والأعجب هو أن وزارة التربية التي شهدت العديد من الحالات التي يهان بها مدرسوها قد غضت الطرف وكأن الأمر لا يعنيها، وفي كل حادثة ضرب لمعلم تكرر قولها بأنها ستسعى لإقرار قانون حماية المعلم، بالرغم من ان جمعية المعلمين قد طالبت مراراً وتكراراً بضرورة اقرار هذا القانون وقدمت فيه اقتراحات كثيرة، فهل تنتظر الوزارة أن تتحول مدارسنا إلى ساحات حرب يستباح فيها دماء المدرسين لكي تتحرك؟!
يقول الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني رداً على الشاعر أحمد شوقي:
شوقي يقول - وما درى بمصيبتي-
«قم للمعلم وفهّ التبجيلا»
أقعد، فديتك هل يكون مبجلاً
من كان للنشء الصغار خليلا
لا تعجبوا إن صحت يوماً صيحة
ووقعت ما بين (البنوك) قتيلا
يا من يريد الانتحار وجدته
إن المعلم لا يعيش طويلا

ماذا تريدون زيادة لكي تتحركوا؟!
هنالك مثل عربي قديم يقول:
البعرة تدل على البعير
والأثر يدل على المسير
وزارة الداخلية قد قبضت بالجرم المشهود على مديري حملات بعض المرشحين الذين يشترون أصوات الناس وحصلت على اعترافات البائعين وأموال كثيرة يستخدمها المرشحون لشراء الأصوات، وجنسيات البائعين، كما أن بعض المرشحين قد تكلم الناس عنهم مراراً وتكراراً، فلماذا تتردد الحكومة في القبض عليهم ومنعهم من خوض الانتخابات أو على الأقل جرجرتهم يومياً إلى النيابة وبهدلتهم ليكونوا عبرة لغيرهم، فهذا إجراء احترازي لا بد منه لقطع دابر الرشوة الانتخابية ولنفترض بأن القضية في النهاية لن يكون فيها إدانة للمرشحين فلا أقل من إخافة البقية وردعهم.
عندما نسمع التحدي والثقة المبالغ بها عند من يعرف الناس كل شيء عنهم نشعر بأنهم فعلاً فوق القانون!!

د. وائل الحساوي

 

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك