أسلوب التشغيل والصيانة التعاقدي في المرافق الحكومية بقلم م. رائد بن محمد الزيد
الاقتصاد الآننوفمبر 9, 2012, ظهراً 512 مشاهدات 0
إن القطاعات الحكومية باختلافها ليس فيها على الإطلاق جهة عملها الأساسي التشغيل والصيانة، إنما لديها أعمال أساسية حسب تخصص كل وزارة أو هيئة كالزراعة والتربية والتعليم والصحة وغيرها. وبالتالي جميع الوزارات والهيئات الحكومية أعمال التشغيل والصيانة فيها أعمال مساندة، وغالباً ما تكون ليست في أعلى اهتمامات الجهة، أو لا تدخل في الاستراتيجية العامة لها بشكل واضح. وتلجأ الوزارات والهيئات وغيرها إلى التعاقد مع جهات متخصصة للقيام بتلك الأعمال للحصول على خدمات على مستوى عال تحقق المواصفات والاشتراطات المطلوبة محلياً وعالمياً. وتلجأ جهات أخرى إلى أسلوب التشغيل والصيانة الذاتي بدلاً من التعاقدي لأسباب تمليها الحاجة الداخلية للوزارة أو الهيئة وظروفها التشغيلية، أو اعتقاداً منها أنه أقل تكلفة، رغم أنه يضيف عبئا على الجهة المستفيدة بعيداً عن مهمتها الأساسية، وغالباً ما تكون المهارات المطلوبة لأداء تلك المهام غير متوافرة وتوفيرها وإدارتها يتطلبان تكلفة وجهدا كبيرين إذا ما أريد لها أن تكون في مستوى إنتاج وخدمة عاليين. وغالباً ما يكون أداء الأسلوب الذاتي يصطدم بصعوبات مالية وإدارية تؤثر في جودة الإنتاج والخدمة مقارنة بالأسلوب التعاقدي.
في بداية التسعينيات الميلادية كانت معظم أعمال الصيانة والتشغيل التعاقدية في القطاع الصناعي والخدمي محدودة بـ 5 في المائة فقط لمصلحة الأسلوب الذاتي، واستمرت في الصعود حتى وصلت نسبة التعاقد إلى 40 في المائة عام 2009 ميلادية، وما زالت النسبة في صعود. إن اللجوء إلى أسلوب الصيانة والتشغيل التعاقدي بدلاً من الأسلوب الذاتي له فوائد عديدة منها أنه يسمح للجهة أياً كانت التركيز على نشاطاتها وأعمالها الأساسية التي أنشئت من أجلها، وتقليل التكاليف المالية، وإعطاء الإدارة التنفيذية مرونة في اتخاذ القرارات الطارئة والصعبة، إضافة إلى تحسين المنتج والخدمات المقدمة، ويضيف الأسلوب التعاقدي ميزة المنافسة، التي تجعل المقاول يبذل كل جهد لتقديم أعمال الصيانة والتشغيل بشكل مناسب وعالي الجودة، ولا يكون ذلك بالزخم نفسه حال كانت الجهة المسؤولة عن التشغيل والصيانة داخلية وجزءا من الوزارة أو الهيئة كما هو الحال في الأسلوب الذاتي. إن الأسلوب التعاقدي لا يرفع المسؤولية عن الجهة، وزارة كانت أو هيئة، حيال جودة المخرجات والخدمات المقدمة من المقاول، كما أن الأسلوب التعاقدي ليس فاشلاً في حد ذاته وغالباً ما يكون فاشلاً بسبب قصور في العقد أو في الإدارة والإشراف والمتابعة من الوزارة أو الهيئة المستفيدة. ولا يعني الفشل في الأسلوب التعاقدي بالضرورة اللجوء المباشر إلى الأسلوب الذاتي من دون دراسة كاملة ووافية لأسباب الفشل. أثبتت التجارب والخبرات العملية في المجال الصناعي والخدمي أن بناء أسلوب تعاقدي ''تحالف طويل المدى'' مع مقاولين متخصصين في أعمال التشغيل والصيانة يتطور باتجاه شراكة استراتيجية طويلة المدى تخدم الطرفين، أفضل بكثير من اللجوء إلى الأسلوب الذاتي، الذي غالباً ما يقترن بالتكلفة العالية وضعف جودة المخرجات لأسباب عديدة أهمها أن الأسلوب الذاتي ليس جزءا من الاستراتيجية العامة للوزارة أو الهيئة الحكومية. أصبح أسلوب الصيانة والتشغيل التعاقدي جزءا أساسيا في القطاع الصناعي والخدمي وأصبح يفرض نفسه وبقوة لأسباب أهمها: - تقليل التكاليف والتحكم فيها.
- التفرغ للأعمال الأساسية الرئيسة التي أنشئت من أجلها الوزارة أو الهيئة.
- القدرة على توظيف متخصصين في مجال الصيانة والتشغيل وصعوبة ذلك في حالة الأسلوب الذاتي. - رفع مستويي الخدمة والإنتاج.
إن ادعاء مناصري الأسلوب الذاتي بأن الأسلوب الذاتي أقل تكلفة وأفضل إنتاجاً وخدمة، في الواقع ادعاء غير صحيح إذا ما تمت المقارنة السليمة من الناحيتين المالية والفنية وبشكل احترافي وأخذ في الاعتبار تكلفة دورة حياة المنشأة. لكن لكل عمل تحدياته، ومن أهم التحديات التي تواجه الأسلوب التعاقدي هو قصور وضعف العقد المبرم بين الجهة المستفيدة والمقاول وعدم تضمينه شروطاً فنيةً ومعايير لقياس أداء المقاول، إضافة إلى ضعف طاقم الإشراف والمتابعة من قبل الوزارة أو الهيئة لتنفيذ وتطبيق شروط العقد ومتابعة معايير قياس أداء المقاول على أرض الواقع. وينبغي ألا يكون هذا الفشل مبررا للاتجاه للأسلوب الذاتي، حيث إن التحديات في أسلوب التشغيل والصيانة الذاتي أعلى بكثير منها في الأسلوب التعاقدي.
تعليقات