لا ينبغي لمن بيده قرار الانقاذ ان يتأخر.. عبد المحسن الطبطبائي محذراَ
زاوية الكتابكتب نوفمبر 2, 2012, 11:43 م 786 مشاهدات 0
الوطن
رموز / في الأزمات.. ماذا تفعل؟!
د. عبد المحسن السيد أحمد الطبطبائي
في زحمة الأحداث السياسية السريعة وتتابع الأزمات الخاطفة المتوالية، تختلط أصوات الصقور بالغربان ويصعب التمييز بين الخير والشر، ويلتبس في كثير من الأحوال الحق بالباطل، ويحجم كثير من أهل العلم عن الفتوى والكلام حتى تستبين السبيل، فالفتنة اذا أقبلت تشبهت، واذا أدبرت تبيّنت!. وفي زحمة الفتن يتبين الصادق من الكاذب، والمخلص الأمين من الطامع الخؤون. لقي سعيد بن جبير راهباً، فقال: «يا سعيد: في الفتنة يتبين مَنْ يعبدالله ممن يعبد الطاغوت».
ولا شك ان ولا ريب في ان الفتن محط اختبار من الله تعالى ليمحص النفوس ويختبر القلوب، فلله حكمة بالغة في تقديره لهذه الأمور، ولا يقع في الكون شيء الا بعلمه وأمره. فيولد الخير العظيم من داخل رحم الفتنة والاختبار، فلم يخلق الله سبحانه شراً محضاً «والشر ليس اليك». {وَعَسَى ان تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} (البقرة: 216). وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «عجبت للمؤمن! ان الله لم يقض قضاء الا كان خيراً له». ولا تدري لعل الفتن والخطوب تصقل النفس وتهذب الانسان، وتعيد اليه عقله وقلبه، كما حدث من قبل، ولا أنسى كلمة أفلاطون: (الشدائد تصلح من النفس بمقدار ما تفسده من العيش، والترف يفسد من النفس بمقدار ما يصلح من العيش).
وحتى تستطيع ان تنظر بعين حادة مبصرة لما يجري حولك، فتتبين لك الأمور على حقيقتها، لابد ان تتريث وتتمهل في بلورة فكرتك واتخاذ قرارك تجاه الأحداث الصعبة، فتفكر ملياً بعيداً عن الضوضاء والصخب، لتعرف أين تضع قدمك وكيف ترفعها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الأناة من الله، والعجلة من الشيطان». وعن خيثمة قال: قال عبدالله: انها ستكون هَناتٌ وأمور مشتبهات، فعليك بالتؤدة، فتكون تابعاً في الخير خيرٌ من ان تكون رأساً في الخير.
وقال أبو حاتم: (العجلة فعل الشيء قبل وقته اللائق به). وقالت العرب: العجلة أم الندامات!!
لا تعجلنّ فرُبّما
عجل الفتى فيما يضرُّه
ولربما كره الفتى
أمراً عواقبُه تسرُّه
ان المسؤولية اليوم واقعة -شئنا أم أبينا- على جميع السياسيين كباراً وصغاراً، لا على شخص بعينه أو جهة بعينها، فلا يصح من صاحب العلم ان يكتمه اليوم، ولا يجوز من مدعي العلم ان يتكلم اليوم!! ولا ينبغي لمن بيده قرار الانقاذ ان يتأخر، ولا يحق لمن يملك المشورة الناصحة ان يتنصّل!!
تعليقات