النيباري محذراً.. الحرب أولها كلام

زاوية الكتاب

كتب 1973 مشاهدات 0


الوضع في الكويت حالياً ينذر بكل المخاطر، والابواب مفتوحة على كل الاحتمالات.. فرص العودة للهدوء والتصالح تضيق.. وفرص تصاعد الاوضاع واشتعالها تتسع.. والاستماع لرأي العقلاء فرصه محدودة.
 
حالنا يكاد ينطبق عليها قول الشاعر نصر بن سيار ينذر بني امية:

ارى تحت الرماد وميض نار

ويوشك ان يكون له ضرام

فان لم يطفها عقلاء منّا

يكون وقودها جثث وهام

فان النار بالعودين تورى

وان الحرب اولها كلام

هل ينطبق قول الشاعر على حالة الكويت؟ الله اعلم.

«ان راحت الكويت.. رحنا» هو عنوان بأكبر الحروف تصدر معظم صحف الكويت الاسبوع الماضي، وذلك نقلا عن ما دار في الاجتماع او المؤتمر الذي ضم جميع اطراف الشيوخ من عائلة آل الصباح.
 
وان كان ذلك يعبر عن شيء فهو يعبر عن حالة القلق التي تسود اوساط افراد عائلة الحكم.
 
واذا كان القلق يسود قمة الهرم السياسي والاجتماعي انعكاسا لاتساع وتعمق الازمة التي احد مظاهرها الخلافات والصراعات التي اصبحت اقرب الى العلنية، كما تفيد تغريدات الموالين المقربين، فإن القلق الذي يعتري جماهير الشعب اوسع وأعمق، وانعكس ذلك في الحشود الجماهيرية غير المسبوقة التي تدفقت بعشرات الألوف للمشاركة في مسيرة الاحد 21 الشهر الماضي، تعبيرا عن استيائها وغضبها عن ما آلت اليه اوضاع البلاد من ترد مريع في ادارة الشأن العام، وشيوع الفساد بدرجة استفزت مشاعر كل فئات الشعب عندما انفجرت فضيحة النواب القبيضة.
 
نسارع الى طمأنة الجميع بأن هنالك ثوابت، فالكويت لن «تروح» ولن تتلاشى، جغرافيا او تذوب او يبتلعها احد، وليس من المحتمل ان تغرق في البحر، فهي باقية وبشريا شعبها باق ان شاء الله، لن يزيله ويمحيه احد ولن تشرده قوة احتلال او هيمنة، فقد حاول البعض واستعصى عليهم الامر.
 

مصونة

لسنا بحاجة الى ان نطمئن الشيوخ من عائلة الصباح الكرام، فمكانتهم في اطار الدستور مصونة وموقعهم الاجتماعي مكرم ومحفوظ وفقا لتقاليد الكويت وعاداتها وشيم اهلها.
 
هذه ثوابت الجغرافيا والوضع السياسي والاجتماعي.

اما المتغيرات فهي عديدة وكثيرة وهي طبيعة اصيلة وثابتة في تطور المجتمعات البشرية، والكويت ومحيطها في جزيرة العرب والخليج ليست استنثاء.
 

كيف ستبقى؟

لكن السؤال الملح اذا كانت الكويت لن تروح او تذهب او تذوب ارضا وشعبا، فالسؤال كيف ستبقى وبأي حال ستعيش؟؟
 
هل ستبقى في خضم صراع مستعر بين السلطة والشعب ام في تصالح وامان واستقرار؟

نحن اليوم في حالة شعب انتفض يطالب بحقوقه وفقا للوثيقة التي توافق عليها الشعب الكويتي، وسلطة لجأت الى استخدام العصا الامنية لكسر شوكته وقمع حراكه.
 
والامر جدا خطير، فمن غير المحتمل ان تتمكن العصا الامنية من اخماد الحراك الشعبي ودع عنك استئصاله، ليس فقط لان تاريخ الشعوب يؤكد ذلك وكذلك حاضر الشعوب العربية اخيرا، بل ان تاريخ الشعب الكويتي حافل على مدار المائة سنة الماضية بالاحداث التي تعطي اكبر دليل وضاء على ذلك.
 

تعامل أمني

واذا استمرت السلطة في الاصرار على التعامل الامني، فنحن اذاً في اتون مشروع صراع قد يمتد ليس الى شهور فقط بل ربما الى سنين كما حدث بين: 1938و 1952 وبين 1976و 1985 وبين 1986 و1992.
 
جربت السلطة كل الاساليب في اطفاء تطلع الشعب لحماية حقوقه ومكاسبه التي صانها ونظمها دستور 1962.
 

ثمن الصراع

سيكون لهذا الصراع ثمن وضحايا من حياة البشر وارواحهم ومصادرة حقوقهم وحرياتهم، وآمالهم واحلامهم في الحكم الرشيد والتطور الديموقراطي.
 
وسيكون الثمن عدم الاستقرار وخراب الاقتصاد وتلاشي كل فرص بآمال التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعطلت عجلاتها بسبب سوء الادارة وتخلفها وغرقها في مستنقع الفساد.
 
اكبر الاخطار التي نواجهها اليوم هي الانقسام الاجتماعي، الترسبات الموروثة، عرقية وعنصرية ودينية ومذهبية وقبلية موروثة في كل المجتمعات البشرية، ومن هذه المجتمعات من قلص آثار هذه الترسبات الموروثة على ادارة الشأن العام وعلى العلاقة بين مكوناتها الاجتماعية.
 
المشكل الكبير الذي نواجهه اليوم ليس فقط في موقف السلطة وتصلبها في مواجهة ابناء الشعب، ولكن في مواقف افراد وجماعات مبنية على ردود افعال تجاه تصرفات وممارسات سياسية خاطئة وغير مقبولة من بعض الجماعات البرلمانية وبعض القوى السياسية، ردود الافعال هذه جعلت العاطفة وبروز التحيز يطغيان على الفعل.
 

غير مقبولة

نعم، جرت تصرفات غير مقبولة استفزت الناس، بل أفزعت قطاعات اجتماعية واسعة، فصرنا نتحدث عن داخل السور وخارج السور وعن حضر وبدو وشيعة وسُنة. طبعا الممارسات الخاطئة انعشت الترسبات وبدلا من ذهابها الى الأفول عادت إلى الازدهار واتسعت وتعمقت، وإذا كان الصراع السياسي سيمتد إلى آماد قصيرة فإن الصراع الذي يتولد من الانقسام الاجتماعي سيمتد إلى آماد اطول، خاصة في الظروف السياسية التي تعيشها المنطقة العربية والشرق الأوسط من إيران الى السودان والمغرب، هذا الصراع سيمتد، ومحاصرته واطفاء لهيبه لا يحتاجان الى عقل وحكمة وحنكة سياسية من كل الأطراف، سلطة سياسية وقوى شعبية فقط، لكن يحتاجان إلى عبقرية فائقة، فهل نملكها؟ لا أدري..
 

أمر مخيف

التشبيه بما حدث ويحدث في لبنان وما يحدث في العراق أمر مخيف، في مقالات سابقة تطرقت الى لبننة الكويت.. والآن اخشى ان يتجاوز صراعنا الحالة اللبنانية، صحيح ان لبنان سابقا عاش حالة حرب أهلية، والعراق اليوم يعيش صراعا بالمتفجرات العبثية التي تلتهم أرواح الأبرياء، ولكن لبنان لا توجد فيه سلطة سياسية تملك عصا أمنية.. ولبنان على الأقل فيه جمال طبيعة وبشر وفيه ثقافة راقية وأدب جميل.
 
اما صراع السلطة والكتل والفئات في الكويت قد يكون صراعا خشنا. الله وحده يسترنا منه، الا ان الحرب أولها كلام.
 

أمرنا عجب

أقرت الخطة الخمسية في السنة المالية 2009/2008، وقد مضى عليها اربع سنوات، ولم تتبين اثارها حتى الآن، والحالة الاقتصادية في ركود، بل انتكاس، فكيف ستنفذ الحكومة العتيدة في ثلاثة اشهر ما عجزت عن تطبيقه في اربع سنوات، اذا كانت ترسية مناقصة فقط يستغرق اكثر من ستة اشهر؟!
 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك