ماذا أعددنا لما بعد النفط؟!.. سامي الإبراهيم متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 670 مشاهدات 0


القبس

نحتاج لدرع مختلفة لحماية الجزيرة

سامي فهد الإبراهيم

 

لستَ أنت من طرح هذا السؤال المفصلي والمهم، ولستُ أنا - أيضاً - قبل خمس عشرة سنة تقريباً مَن طرح السؤال نفسه بصيغة أخرى، غيرنا من أصحاب الفكر الوطني النير طرحوا أيضاً، وما زالوا يطرحون «ماذا أعددنا لما بعد النفط»؟!

سؤالك مشروع وليس فلسفياً، كما ذكرت، لا بل أكثر من ذلك التوقيت أيضاً، كان مناسباً وجيداً علّه يقرأ من قبل الفريق المكلف بإعداد جدول أعمال قادة الخليج لاجتماعهم المبارك المقبل في البحرين.

أقول حفزت ذاكرتي، ودعوتها بعجالة لإعادة قراءة ما قلنا قبل خمس عشرة سنة تقريباً، قلنا مثلاً «لماذا لا نزرع البرتقال والرمان بدلاً من القات»؟ هنا يجب التأكيد ان شجرة القات تستهلك ثلاثة أضعاف ما تستهلك الزراعات الأخرى، قلنا أيضاً «لماذا لا تكون عمان واليمن والبحرين سلة للغذاء الخليجي»، هي محاولات لم يكن لها قبول، هكذا كنت أفهم مع الأسف، ولم تدرك أيضاً أبعادها.

أما لماذا الرمان والبرتقال بدلاً من القات، فسؤال ذو مغزى لا أريد أن أقول إن له بعداً فلسفياً، فالرمان والبرتقال أعني بهما الزراعة بشكلها العام والموسع وبمحاصيلها المتنوعة، نكون بهذا العمل ساهمنا في تغيير نمط من السلوك المعطل لقدرة الإنسان عن العمل والإنتاج، هذا الإنسان هو نفسه من بنى الحضارات وعاش السعادة وسميت بلده «اليمن السعيد»، ومن جانب أهم حافظنا على المياه لتوظف للحياة وليس للموت «وجعلنا من الماء كل شيء حي».

دعونا نقفز إلى سلة الغذاء الخليجي، وإلى سلطنة عُمان العزيزة تحديداً، جغرافيا وأمطاراً، وسواحل، وتاريخاً.. إلخ، يجب أن تكون لنا ملاذا مهما وسلة الغذاء الخليجي هي الملاذ.

ذلك هو المكان والعمل المناسب للفوائض المالية لدى الدول الخليجية المنتجة للنفط قبل أن يفقد بريقه.

نقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) (الثلاثاء 2012/10/16) تقريراً صادراً عن شبكة الأمن والعلاقات الدولية التابعة للمعهد الاتحادي السويسري للتقنية في زيورخ، يقول إن معدل استهلاك النفط الحالي سيؤدي إلى نضوبه بعد 47 سنة فقط، واستشهد التقرير ببيانات وأرقام مصدرها منظمة أوبك، يجب ان نتذكر أيضاً ان ملايين الدولارات مسخّرة للبحث العلمي لوصول الدول المتقدمة والمستهلكة لنفوطنا الى بدائل النفط.

ندرك كم هو مهم التفكير العاقل والسريع لما هو متوقع من معاناة تواجه الاجيال القادمة يترتب عليه، وبشكل عاجل ان نشمر عن سواعدنا، ونسبق الحدث، ويا له من حدث!

تكرر شبكة العلاقات الدولية التابعة للمعهد الاتحادي السويسري للتقنية، وما حصلت عليه من ارقام موثقة، تؤكد ان عمر النفط سوف لا يتجاوز خمسين عاماً لو استمر الاستهلاك بمعدلاته الحالية، والبحث العلمي يسابق الزمن ايضا للوصول إلى البدائل.

واذا كان لا بد من الرد كيف نشمر عن سواعدنا، ونبدأ ذلك مرهوناً باتخاذ قرار مفصلي وطني اثناء مؤتمر القمة الخليجي المقبل في البحرين، تشكل لجنة او اكثر من اصحاب الخبرة المشهود لهم بعلومهم وامانتهم، تحدد مهامها على ان تكون كل تلك الدراسات جاهزة لمؤتمر القمة الذي يلي قمة البحرين، دراسات للتنمية الزراعية، استثمار السواحل، شبكة مواصلات برية وبحرية حديثة، مدارس مهنية عالية المستوى صناعات خفيفة.. الخ.

لا ادري اذا كان من حقي ان اقول وبصوت مسموع اننا دول فقيرة.. نعم، فقيرة. فالغني - يا اخوان - لا يقاس بأن يستمتع جيل او جيلان بثروة ناضبة «ومن بعدي الطوفان»، الغني يعني كيف نستطيع ان نضمن استمرارية حياة كريمة لاجيال ما بعد النفط الزائل مهما طال امده، نريد من زراعة الرمان والبرتقال، نريد سلة الغذاء الخليجي، نريد ان نرى شعوب المنظومة الخليجية قريب بعضهم من بعض، نريد ان نزيل جزءا من تلك الفوارق والمعاناة.

وها نحن نرى ما جاء ضمن اولويات توصيات مؤتمر القمة الاول لحوار التعاون الآسيوي، مركزاً على التعليم والامن الغذائي. اذاً هو هاجس يشغل فكر الجميع، فلنتحرك.

سوف نرى بعدها ان هذا الجيل المرفّه مرحليا، قد بنى سوراً يحمينا جميعا ودرعاً تنموية صلبة للجزيرة العربية ولابنائها، والله وحده القادر والموفِّق.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك