أخطر ما يواجه الوطن اليوم هو عدم الحسم.. بنظر شملان العيسى

زاوية الكتاب

كتب 896 مشاهدات 0


الوطن

ملتقطات  /  الحاجة للحسم

د. شملان يوسف العيسى

 

يتساءل المواطنون: ما العمل تجاه حالة الفوضى والتظاهرات والتطاول على السلطة في ساحة الارادة يوم الاثنين الماضي؟ التجارب الديموقراطية في العالم المعاصر تؤكد ان الديموقراطية لا يمكن ان تزدهر في البلاد غير المستقرة سياسيا، فالدولة القوية امر ضروري لبقاء واستقرار الديموقراطية.
لماذا يجب ان تكون السلطة والنظام قويا حتى ترسخ الديموقراطية؟ لان بناء الدولة الحديثة والعصرية تتطلب وجود مجتمع حديث تنصهر فيه كل طوائف المجتمع. ما هو موجود لدينا في الكويت هو تعدديات قبلية وطائفية وعائلية ترفض ان تنصهر في بوتقة الدولة الحديثة فالتجارب الغربية في الولايات المتحدة وفرنسا مرت بحروب اهلية استطاعت بها الدولة فرض وترسيخ كيانها القوي لفرض الامن والاستقرار وبعدها تحولت مع الوقت الى دولة ديموقراطية بعد ترسيخ كيان الدولة القوي.
السؤال الآن ونحن على مفترق طرق في الاختيار ما بين دولة قوية ومدينة ودستورية يحكمها القانون والدستور او دولة ضعيفة يقرر الغوغاء في الشارع كيفية ادارتها حسب المفاهيم القبلية والطائفية، اليوم لم يعد مقبولا العودة للنظام التقليدي القديم في ادارة الحكم حسب الاعراف والتقاليد وسياسة وارضاء الجميع من قبائل وطوائف وعائلات على حساب الدولة والقانون.
الآن وبعد ان كلف سمو امير البلاد مجلس الوزراء لاختيار النموذج الافضل للانتخابات القادمة.. وحتما سيواجه الاختيار الحكومي معارضة من بعض فئات المجتمع وقبولا من فئات اخرى.. الموقف الحكومي يجب ان يكون حاسما باتخاذ الاجراءات التي تضمن الاستقرار واستمرار العملية الديموقراطية حتى وان كانت الاجراءات المتبعة قوية وغير ديموقراطية، لتوضيح الامور اكثر.. علينا ان نحسم امرنا كشعب وحكومة هل نريد بلدنا ان تكون بلدا ديموقراطية حديثة عمادها الدستور والقانون ام نريدها دولة دينية تخضع لأهواء رجال الدين والاحزاب الدينية والقبائل والطوائف؟!!
هل الذي يدير الدولة ويسيرها هو الدستور والقانون ام رغبات شيوخ القبائل وزعماء الطوائف وكبار العائلات؟! نريد الحسم الحضاري لنفرق ما بين الدولة المدنية والدولة الدينية، تقرير ما هية الدولة والحسم حولها ليس بالامر السهل فعندما نقول ونكرر باننا نريدها مدنية ديموقراطية معنى ذلك باننا نرفض وبقوة وحسم كل المطالب الداعية لأسلمة قوانين الدولة وتغيير دستورها والمثال على ذلك واضح، وزارة الاوقاف عن طريق مشايخ الدين اصدروا فتوى من ادارة الافتاء والبحوث الشرعية تفيد بعدم جواز تولية المرأة العمل في السلك القضائي، وتأتي هذه الفتوى بعد ان اعرب المجلس الاعلى للقضاء شفاهة عن عدم اعتراضه على فتح باب القبول للمرأة للالتحاق بوظيفة وكيل نيابة تمهيدا لدخولها السلك القضائي.
هنا هل سننصاع لفتاوى رجال الدين ام نلتزم باستقلالية القضاء ومفهوم فصل السلطات والدستور؟
ان اخطر ما يواجه الحكم والوطن اليوم هو سياسة عدم الحسم في اختيار الطريق الصحيح وهو الالتزام بالدستور والقانون وعدم الالتفات الى رغبات القبائل والطوائف والعائلات. طريق الحداثة والدولة المدنية شأن طويل ويتطلب الالتزام بالديموقراطية والحداثة ومفهوم دولة القانون وتكافؤ الفرص للجميع واحترام حقوق الانسان والحريات ورفض الولاءات الجانبية.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك