عن رأس الأفعى؟!.. تكتب إقبال الأحمد

زاوية الكتاب

كتب 1543 مشاهدات 0


القبس

رأس الأفعى!

إقبال الأحمد

 

مثلما كتبت أخي الفاضل أحمد الفهد في «الوطن» واستغربت... أنه وقبل أن يجف حبر قلم الشيخ خليفة علي الخليفة في التنازل عن المدانين في اقتحام مبنى تلفزيون الوطن، والمحكوم عليهم بالسجن سنتين مع الشغل والنفاذ.. وصف النائب مبارك الوعلان في ندوة ديوانية محمد الخليفة «الوطن» بأنها رأس الأفعى، بعد أن ألقى بميكرفون تلفزيون الوطن أثناء تغطية الندوة.. نحن نتساءل، أيضاً.

وما تساؤلك أخي الفهد انه بدل أن يتقدم الوعلان بالشكر لإدارة «الوطن» على موقفها وتنازلها عن أبناء عمومته.. أخطأ بحقها حين وصفها برأس الأفعى، ورمى ميكرفونها... إنه تساؤل واستغراب واستهجان في مكانه.

أنا شخصياً اعتبرت ما حصل صورة مصغرة لما سيحدث بعد أيام في حال حكمت المحكمة بالسجن ضد من ثبت اقتحامه مجلس الأمة في يوم الأربعاء الأسود، سواء للنواب أو من سار وراءهم... وما سيتبع الحكم من حالة هيجان وتخبط سيصاب بها النواب المعنيون والقوى التي تقف وراءهم.. والذين سيمارسون كل أنواع الضغط وردود الفعل المتاحة.

سينزلون إلى الشارع ويحاولون قلب الطاولة من كل زواياها... وسيسبون ويشتمون ويهددون ويتوعدون.. وهو أسلوب تعودنا عليه منهم... كما سيلجأون، أيضاً، إلى مسح اللحى والترجي.. وستتكثف زياراتهم لكبار المسؤولين والقادة من أجل التنازل، لأن من وقع ضحية الأربعاء الأسود ما هم إلا شباب غرر بهم... وما إلى ذلك من محاولات لعل وعسى.

وكما حصل مع إدارة «الوطن» التي رأت أن العفو والمسامحة وتقدير كبار الشأن والسن الذين لجأوا يطلبون العفو لأبنائهم، هو تصرف راق، وفيه نأي عن المشاحنات وقطع للمشاكل...وفيه، أيضاً، اعتبار لمن جاء من أهالي المتهمين الشباب، وهو ما جبل عليه أهل الكويت...وأنا أعني بوجه خاص أهل الكويت... وهذا بحد ذاته جميل ينم عن الرقي والتسامح... ما حصل مع «الوطن»، إن كان شيئاً حميداً، إلا أنه لا يمكن أبداً أن يستثنى من سلسلة التهاون والضعف والخضوع، أيضاً.

ما يحصل في وطننا اليوم من سلبيات أخذت تتسارع في اتساعها بشكل مخيف..من حيث حجمها وشكلها.. بدءاً من تجاهل القانون ومخالفته في كل أشكاله ومجالاته.. والاستهتار بكل شيء من أجل مصلحة ذاتيه آنية...كل هذا يحصل بسبب هذه التساهلات كلها.

قد... وأقول: قد... تحكم المحكمة بالسجن ضد مقتحمي المجلس... وقد، وأقول: وقد .. يلجأ المتضررون من تلك الأحكام إلى أسلوب أهالي مقتحمي «الوطن» نفسه... طلباً للرحمة وإسقاط الأحكام والتنازل...وتكون النتيجة كما استغربها الكاتب الفاضل أحمد الفهد حين انتقد الوعلان.

شيء مهم، ومهم جداً يجب أن نثيره هنا...ومن حقي أنا وحق كل كويتية وكويتي أن يفكر به ملياً...أين الحق العام في مثل هذه الأمور... أين حقي كمواطنة استخف بشرطة بلدها، وتم التهجم عليهم؟... أين حقي حين يخترق القانون وتضعف هيبة الدولة؟... أين حقي كمواطنة شعرت بفقد الثقة بالجهات المسؤولة عن أمنها وأمن أهلها وبلدها... حين تغلق محطات تلفزة، بعد أن تحطم أجهزتها، ويسب القائمون عليها.. وتؤخذ الحقوق بالذراع؟... ما تأثير وتداعيات ذلك، كل هذا على نفسياتنا.. وما يمكن أن تسببه من خوف وهلع وقلق مما هو قادم.. فمن لا ذراع ولا لسان له في هذا البلد يكون عرضة للدوس عليه، لأنه لا يملك مؤهلات رد الاعتبار لذاته، ولا يملك استرداد حقوقه... أما القانون... فـ باي باي.

لنستعد جميعنا للآتي من الأيام، وما يمكن أن تحمله من تغيرات.. فإما تثبيتاً لقانون الغاب وأخذ الحق باليد واللسان... وإما إعادة القانون لقصره ومملكته... وتثبيت مقولة إن الكويت بلد قانون... لا مكان فيها إلا للقانون...وإن هناك شيئاً كبيراً وكبيراًَ جداً، اسمه الحق المدني الذي يجب ألا ينسى أبداً.

أتمنى أن يأخذ المتعدي على الحق العام والمعتدي عليه.. وعلى الكرامات وعلى أسس الدولة.. كل من يعمل على زعزعة هيبة القانون... مواطناً كان أو مسؤولاً... مدنياً كان أو عسكرياً... كبيراً كان أو صغيراً.. رجلاً كان أو امرأة... أن يأخذ عقابه... وألا يكون للتسامح والتهاون مكان بيننا اليوم... على الأقل في هذه الفترة الصعبة والحرجة من حياتنا في الكويت اليوم.

الأم تضطر في كثير من الأحيان، ومن وراء قلبها وهي تتعذب وتتقطع وتتألم.. تضطر أن تعاقب ابنها عقاباً قاسياً... قد يتألم بسببه أو يعاني.. إلا أنها تضطر إلى ذلك حتى تحمي باقي أخوته، وتحمي البيت ومحيطه.. وتحمي مستقبله... حتى لا يأتي اليوم الذي تندب حالها حين يفوت الفوت.. وتصرخ يا ليتني أصلحت اعوجاجه حين كان صغيراً.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك