الخطيب يخاطب الشباب قبل الإنتخابات
زاوية الكتابطالبهم بالحكم على المرشحين من خلال اهتمامهم بالتعليم
كتب أكتوبر 11, 2012, 5:43 م 2339 مشاهدات 0
التعليم العالي أم التجهيل العالي؟!
بقلم الدكتور أحمد الخطيب:
يبدو أن الانتخابات ستجرى في وقتها، ما لم يطرأ ما «يلخبط» ذلك، لا سمح الله، لكنني أعتقد بأنه من السذاجة أن نتوقع أي تحسُّن في أوضاعنا، لأن فرسان الحملة الانتخابية سيكونون في غالبيتهم ممثلي جميع الأمراض التي تفتك بمجتمعنا.
سوف يتبارى صقور التفرقة الطائفية والمناطقية و«حرامية» المال العام وأعداء الدستور والحريات العامة في معاركهم المدمِّرة للوطن، ولن تستطيع القلة من الشباب الوطني - أملنا للمستقبل - أن تلعب الدور المطلوب منها، لأن الإغراءات في المناصب والمكافآت والوعود الكاذبة بالإصلاح أفقدت البعض البوصلة الأكيدة للإصلاح الحقيقي.
ولكن مع ذلك، يجب ألا يكون هذا مدعاة لكفرنا بالديمقراطية، كمنهج وأسلوب.. وكذلك بالشباب، حيث ينبغي ألا يتزعزع إيماننا بمقدراتهم على إنقاذ وطننا من الوضع المأساوي الذي نعيشه، فحتماً سيأتي اليوم الذي ينقشع فيه هذا الغبار «الردي» الذي ابتلينا به فترة طويلة.
لا مكان لليأس، فقوى الظلام والجهالة وأحزاب وأد البنات التي تريد أن تتصدَّى لمسيرة التاريخ مصيرها معروف.
كما لا أتوقع أن نسمع كثيراً عن برامج إصلاحية حقيقية، أو حوارات ثرية حقاً، لأننا افتقدنا ذلك منذ زمن بعيد.
ولكنني سأكون سعيداً لو أن التعليم أخذ الحيِّز الذي يستحقه في الحملة الانتخابية القادمة، فهو بنظري أهم بند يطرح، لأنه من دون التعليم الجيد لن يكون لنا مستقبل في هذا العصر.
والتعليم في الكويت - والأحسن أن نقول التجهيل - يعيش في أسوأ أحواله، فمن غير المقبول أن يحمل البعض الشهادات الجامعية وهو لا يعرف القراءة والكتابة.
وغير معقول أن يأتينا خريجون من جامعات خاوية أو غير موجودة على الإطلاق، وليس مقبولاً أن تجهل جهات التعليم العالي كل هذا التزوير. فكيف تقبل شهادة جامعية في بلد أجنبي يجهل المتخرِّج فيها لغة ذاك البلد؟
والأنكى، أننا بتنا نواجه الآن مجموعة من هؤلاء المزورين وهم يحتلون المراكز المهمة في الدولة أو حتى التعليم. تصوروا أن هذا الجهاز - التعليم العالي - يطلب من الجامعة الأميركية في بيروت أن تغيِّر برامجها لتعليم الطب، حتى ترسل إليها طلبة كويتيين.
هم لا يعترفون بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت، علماً بأن خريجيها يعملون.. لا، بل يديرون أهم كليات الطب ومراكز الأبحاث في الولايات المتحدة.
أذكر أنني عندما قدَّمت طلباً لجامعة بريطانية للتخصص جاءني جواب القبول خلال أسبوع واحد، فاستغربت ذلك. وعندما التحقت بتلك الجامعة شكرتهم على سرعة الرد، فقالوا إن خريجي كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت هم الوحيدون الذين ينجحون من أول مرة في الامتحان عندهم. والحمد لله انني لم أخيِّب ظنهم في جامعتي التي أحببتها.
هذه الجامعة العريقة التي مضى عليها أكثر من قرن ونصف القرن يأتي جهابذة التعليم العالي عندنا في الكويت لينتقدوا التعليم فيها، وكأنهم يشرفون على أعلى صرح علمي في العالم.
قليل من الحياء أيها الأحبة.. والتواضع صفة كريمة.
هذا هو التعليم أو التجهيل في الكويت. هل تستغربون بعد ذلك أن يبقى مشروع بناء جامعة في الكويت الذي أقرّ عام 1965 قيد الدرس، فيما مشاريع الزينة و«الفخفخة» تتم انجازها بين ليلة وضحاها. وحتى لو تم بناء الجامعة، فلن تكون أكثر من عمارة كاملة الجمال وفارغة المحتوى.. لماذا؟
أمثالنا الشعبية تجيب عن ذلك، إذ يقول أحدها: «اللي ما يعرف الصقر يشويه».
أملي أن يُعطي بعض المرشحين الاهتمام بالتعليم على الأقل، فمن دونه لا يمكن ان تتم أي تنمية حقيقية، ولأن الجهل هو السرطان القاتل الذي يفتك بالمجتمعات.. حمانا الله منه.. ويا ليت شبابنا الواعي يعتمد هذه المسطرة - أي الاهتمام بالتعليم - في الحُكم على المرشحين.
تعليقات