عن الفتنة المقدسة.. يكتب ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب أكتوبر 3, 2012, 12:44 ص 1134 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية / الفتنة المقدسة
ناصر المطيري
بين يدي كتاب قيم أعكف على قراءته منذ أيام للمفكر المعروف ابراهيم محمود بعنوان: «الفتنة المقدسة، عقلية التخاصم في الدولة العربية الاسلامية» ولقد وجدت في سطور هذا الكتاب العميق تفسيرا تاريخيا وفلسفيا لكثير من أحداث هذا العصر وما يموج به من فتن فكرية وطائفية وصراعات مذهبية تسببت فيها «عقلية التخاصم» التي طبعت الذهنية العربية الاسلامية.
ويتقصى الكاتب عقلية التخاصم في الدولة العربية الاسلامية عبر استعراضه لمفهوم الفتنة والتخاصم بين الفرق والمذاهب الاسلامية بأبعادها الثقافية وكذلك اعتبار الاسلام حقيقة العروبة الأولى، وتوصل الى حقيقة مفادها ان العنف المعاصر يستمد طاقته من العنف القديم.
ويرى المفكر ابراهيم محمود ان من المسائل التي تشغل وتغذي عقلية التخاصم في الساحة الثقافية العربية اتساع ساحة المواجهات والصدامات الفكرية..
ويرى المؤلف ان عقلية التخاصم هي عقلية سلطوية وتسلطية، فهي تسعى الى السلطة والاحتفاظ بها، وفي سبيل ذلك هي تسعى الى ممارسة كل ما من شأنه ابقاؤها أكثر في رحاب السلطة وهذا لا يتم الا بالمزيد من العنف والقمع.
ويبدو ان هذا السلوك المعاش تاريخيا، يشكل ذاكرة مصاحبة لكل جماعة، انه سلوك يفكر به يستقر في العقل الجمعي بين الحكام والمحكومين عبر التاريخ، فالصورة القمعية للحاكم موجودة وراسخة في الذهنية العربية يقابلها في الوقت ذاته ما يستدره المحكومون من صفات الرحمة والعدل والعطف والأمان التي ينتظرون الحاكم ان يفيض بها عليهم.
وشواهد التاريخ تؤكد هذه العقلية الكامنة في النفس العربية، فالخليفة العباسي أبو العباس السفاح يوصف بأنه أسخى الناس، وبالحلم أيضا، وفي الوقت نفسه كان يوصف بأنه سريع في سفك الدماء ومنه أخذ لقبه «السفاح».
والخليفة المأمون يوصف بالحكمة والحلم والعدل وحبه للعلم ولكنه في ذات الوقت لم يمنع نفسه من تعذيب الامام مالك الفقيه المعروف، وأبي حنيفة، وتقطيع أوصال ابن المقفع.
وها هو المعتمد بن عباد صاحب اشبيلية الأندلسي يقدم نفسه لنا بوصفه شاعرا مرهف الاحساس ولكنه في الوقت نفسه لم يجد مانعا في ان يقيم في قصره حديقة لزرع الرؤوس المقطوعة.
ولعل شواهد الحاضر ليست بعيدة عن الماضي!
تعليقات