بدر البحر يدعو للاقتداء بسياسة اليهود في محاسبة المرتشين!

زاوية الكتاب

كتب 1668 مشاهدات 0


القبس

زاوية حادة  /  لنقتد باليهود في محاسبة المرتشين

بدر خالد البحر

 

في مثل هذا اليوم من عام 2005 انطلقت شرارة الإساءة لأشرف خلق الله الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، عندما نشرت صحيفة يولاندس بوستن الدانمركية أول رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول، اعتقدنا للوهلة الأولى، كأي عربي، أن الصحيفة قد اختارت يوم عيد ميلاد اليهودي ايهود اولمرت رئيس وزراء إسرائيل السابق كمناسبة لنشر تلك الرسوم، وهي أيضا تهمة نلصقها بأصل أي زعيم عربي يسيء لقضايا الأمة العربية، وهنا ننصح الزعماء الاحتفاظ بشهادات ميلاد أسلافهم ليتفادوا هذه الإشاعة، فقد قيل أن القذافي يهودي، وهو من حاول رشوة يهود ليبيين لإنشاء حزب سياسي في إسرائيل عام 2007، فرفضوا رشوته، وقالوا له «نحن في اسرائيل شعب واحد»! الشيء نفسه قيل عن عرفات الذي باع «الكضية» لليهود في أوسلو، والذي كان أسوأ من اليهود حين ملأ حساباته البنكية من مساعدات اللاجئين، فتورمت ورثة عقيلته وابنته. عرفات الذي قال عنه زميله جويد الغصين منذ ثماني سنوات في برنامج نقطة نظام على العربية، إنه تسلم رشوة بمائة وخمسين مليون دولار من صدام قبل غزوه للكويت، خمسون حولها لحساب المنظمة والبقية احتفظ بها.

نحن لا نستطيع أن نجزم بتخاريفنا أن الصحيفة الدانمركية قد اتخذت من عيد ميلاد ايهود أولمرت مناسبة لنشر الرسوم المسيئة، لأنه في هذا اليوم أيضا من عام 64 ولدت فائقة الحسن الممثلة والعارضة الإيطالية مونيكا بيلوتشي، ومن يدري فقد تكون هي من أثارت بفائق حسنها صاحب الرسوم المسيئة واستمالت عقله الشاذ. ومن المفارقة أن كلا من هذه الحسناء وايهود اولمرت قد درسا القانون وامتهنا المحاماة.

إن اليهودي اولمرت ذا التاريخ السياسي والاكاديمي الرفيع، الذي لاينفك العرب من نعته، هو شخص للاسف محترم ليس لأنه لم يخطئ، فهو صاحب قرار حرب غزة وحرب تموز 2006 على لبنان التي اندلعت بسبب المغامرة الهوجاء لحزب الله، بل لأن أولمرت كان لديه شيء من الحياء يفتقر اليه كثير من الزعماء العرب، فحين اتهم بالفساد والرشوة قدم استقالته ليواجه القضاء. أما قضية الرشوة الأشهر في إسرائيل، فهي التي أحيل بسببها أريل شارون وابناؤه للنيابة، وهو الملقب بملك إسرائيل، فلم يفصله عن الاعتقال سوى دخوله في غيبوبة مرضية يائسة.

الفساد والرشوة هما نفسيهما اللذان نعاني منهما في بلادنا، شيء لا تحمله البعارين، وشيء حملته ناقلات النفط ولا ندري في أي بحر غار، وشيء تاه في اسبانيا تحت إيقاع أحذية راقصي الفلامنغو الرائعين، وآخر في الاستثمارات الأجنبية التي تبخرت ونزلت كقطرات الندى في جيوب من ارتادوا صالات القمار في ربوع أوروبا وأميركا، فساد ورشوة نعرفهما ولدينا وثائق ومستندات تدين أصحابهما، وأشياء لا يعلم بها إلا الله سبحانه. في الحقيقة نحن من الناس الذين لم نكترث لأي تصريح متفائل أطلقته الحكومة والسلطة للهروب من مأزقهما السياسي، فهما من أشعلا نار الدوائر عنادا، وهما من أطفأها خوفا، لأن ما يهمنا هو شيء واحد كشف المجرمين في قضية رشوة النواب وتطبيق القصاص عليهم قبل الحديث عن أي شيء آخر، لا تنمية ولا هبات ولا مشاريع ولا اقتصاد في بلد يتستر على الجريمة، نريد كشفهم للتاريخ لتدور عليهم الدوائر قبل الحديث عن الدوائر الانتخابية. فلنقتد بساسة اليهود بمحاسبة المرتشين.

***

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك