مكانة الهند في عالم ما بعد القوى العظمى بقلم جيمس كرابتري
الاقتصاد الآنسبتمبر 17, 2012, 2:22 م 779 مشاهدات 0
بعد يومين من تتابع قطع الكهرباء في نهاية الشهر الماضي والذي ترك أكثر من 600 مليون هندي دون كهرباء، حملت الصفحة الرئيسة لإحدى الصحف رسالة إدانة ولكنها بسيطة: ''الهند القوة العظمى، تموت''. لقد كان هذا مثالاً صارخاً عن كيف أن الحياة في أكبر الديمقراطيات في العالم تختلف تماما عما قد يتوقعه شخص ما من لاعب عالمي صاعد. يتحاشى شاشي ثارور أن يتم الإمساك به في تلك اللعبة: الهند التي يتصورها يصر على أنها: ''ليست قوة عظمى، كما وصفها المفرطون في الحماس من داعميها''. ويمكن للهند أن تتجاوز الولايات المتحدة كثاني أكبر اقتصاد عالمي قرب منتصف هذا القرن، لكنها ستكون أحد المشاركين في ''عصر ما بعد القوى العظمى''، حيث تشكل العديد من الدول مستقبل العالم، لكن لا يوجد من يهيمن فيه. كون الهند لها أهمية بشكل متصاعد في الشأن العالمي ليس هذا بالفكرة الكبيرة. أكثر البؤر اشتعالاً وإثارة للقلق تقع إلى جانب حدودها مع باكستان. يمكن أن يكون لها دور كبير تلعبه في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة من أفغانستان. ودورها المتأرجح بين أمريكا والصين سيكون أحد المواضيع الجيوسياسية المصيرية للعصر القادم. وبسبب هذا كله يقر ثارور أن عنوان كتابه ''باكس إنديكا'' خادع. فكتابه ليس اعتباراً لكيف يجب أن يتأقلم العالم مع صعود دولته. لكنه بالأحرى محاولة لتحديد معالم بعض الخيارات التي تواجهها الهند مع وضع الجماهير العريضة في الحسبان. ثارور رجلٌ سياسي ومتعدد الثقافات: عضو برلماني في حزب المؤتمر في الهند؛ وزير سابق في وزارة الخارجية الهندية؛ دبلوماسي لمرة واحدة في الأمم المتحدة، وكاد أن يكون الأمين العام في 2010؛ ولديه منتجات روائية وكتيبات وتعليقات غزيرة من كل الأنواع. إنه يكتب بشكلٍ جميلٍ أيضاً وهذه المواهب في الأسلوب توظف جيداً عندما يظهر ضعف الهيكل الدبلوماسي الهندي، الذي يصفه بأنه صغير ومضطرب. لدى الهند 900 موظف في السلك الخارجي فقط لكي يصبحوا أعضاءً عاملين في بعثاتها الـ 120 حول العالم: ''هو هيكل دبلوماسي يساوي بالكاد ذلك الخاص بسنغافورة''، وهو حجم صغير مقارنة بالدول ذات الثقل الاقتصادي المماثل. يعتقد ثارور أن هذا الجهاز يجب أن يجدد بالكامل، إذا ما أرادت دولته أن تزدهر في مرحلتها العالمية المتوسعة الجديدة. ومع أن كتابه ''باكس إنديكا'' يتحدث بصراحة مثيرة للإعجاب عن هذا الضعف البيروقراطي، فإنها مع الأسف أقل بالنسبة للسياسات التي تنتهجها هذه المؤسسات. حقاً إن الكتاب مهم للغاية لفهم فشل الهند في وضع رؤية لاستبدال سياسة الحرب الباردة الخاصة بها لتحل محلها سياسة عدم الانحياز بين الشرق والغرب. بدلاً من ذلك يرى ثارور أن الأفضل هو استراتيجية يصفها بالانحياز المتعدد، حيث تطور الهند بهذه الطريقة مزيجاً من التحالفات على أساس قضية بقضية تهدف جميعها إلى التطوير المحلى والاقتصادي والاجتماعي للدولة. ولكن كونه مقيداً بدوره كعضوٌ برلماني وطموحه السياسي الكبير في وطنه، ينفق ثارور الكثير من وقته للشرح والدفاع عن مكانة الهند الحالية في الخارج. ويترك القارئ كي يتأمل كيف لمؤسسة السياسة الخارجية غير الملائمة لهدفها نادراً ما تقوم بوضع قدمها في المكان الخطأ. هذه التفسيرات متشابكة على الرغم من الشعور غير المنكر بأنهم لا يريدون وضع البيض كله في سلة واحدة والتعليمات التي تؤدي بشكلٍ متكرر إلى تشويش في الغرب حول دوافع الهند. طورت الدولة بالتأكيد سمعة بأنها تتأخر، بكونها تبدو وكأنها تعطل أعمال اتفاقية كيوتو على سبيل المثال، أو بالمماطلة في مفاوضات الدوحة التجارية. أمريكا في الوقت الراهن أصبحت مخيبة الأمل للغاية بسبب الاستجابة الفاترة لمحكمة الهند، بعد الصفقة المميزة الخاصة بالتكنولوجيا النووية السلمية التي وقعت بين الدولتين عام 2005.
ومع ذلك، فمن المثير أكثر للاهتمام هي رؤاه حول المعضلات السياسة الخارجية العاجلة. فالهند تجري تقارباً مؤقتاً مع باكستان لاستئناف المحادثات التجارية ومباريات الكريكت، لكن الفصل الخاص بمنافسي الهند التقليديين مليء بالنقد والاتهامات بالازدواجية.
مع ذلك فهو متفائل أكثر فيما يخص الصين، منتقداً الشكوك المتزايدة للجارة الأكبر والأغنى لدولته التي خسرت أمامها حرباً مهينة في عام 1962. بدلاً من ذلك يرى مجالاً للتعاون. وكتب في هذا المجال يقول: ''هناك مساحة لكل من الصين والهند لتحقيق طموحات التطور الخاصة بهما''. يمثل كتاب ''باكس إنديكا'' كل هذا على أنه المنطق السليم، لكن كلا الموقفين مثيران بشدة للجدل. العديد من المحللين الأمنيين في نيودلهي قلقون الآن من الصين أكثر من باكستان ويرون في انتشار تأثير بكين في كل مكان بالمحيط الهندي إنذاراً متزايداً. بينما يتزايد دور الهند العالمي فهذان موضعان فقط على صفوة المجتمع أن يختاروا بينهما، ويحسب لثارو أنه فعل هذا. إنه على حق بأن عدم الانحياز لم يعد خياراً. وما يتبع ذلك يعد لقمة سائغة.
تعليقات