روسيا تشنُّ «هجمة استثمارية» على شرق آسيا ..بقلم ديفيد بيلينج
الاقتصاد الآنأكثر من نصف تجارتها مع أوروبا
سبتمبر 15, 2012, 1:30 م 499 مشاهدات 0
فجأة بدأ الجميع يتمحور حول قارة آسيا. العام الماضي كان دور الولايات المتحدة، التي أدتّ عرضاً كبيراً لتأكيد وجودها في المنطقة. في كانون الأول (ديسمبر) تجاوزت ساموا الواقعة في جنوب المحيط الهادي، الخط التاريخي حتى تصبح بذلك أقرب إلى منطقة التوقيت الزمني في آسيا. والآن حل دور روسيا لتنظر تجاه الشرق.
''يتغير المشهد العالمي السياسي تغيراً حرفيا في أثناء تحدثنا الآن'' وفق ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لرجال الأعمال في آسيا الذين غامروا الأسبوع الماضي بالتوجّه نحو فلاديفوستك، وهو المكان الذي استضافتهم فيه روسيا. حتى الآن تجاهلت روسيا الشرق تقريباً. إن تجارتها مع آسيا هي خط تقريبي ضمن ما يزيد على 16 تريليون دولار من تجارة ''أبيك'' الداخلية. على الرغم من أن ثلثي مساحة روسيا آسيوية، إلا أن أقل من ربع تجارتها فقط يتجّه إلى المنطقة مقابل التجارة مع أوروبا بأكثر من النصف من إجمالي تجارتها.
وفي مايلي مزيدا من التفاصيل:
فجأة بدأ الجميع يتمحور حول قارة آسيا. العام الماضي كان دور الولايات المتحدة، التي أدتّ عرضاً كبيرا لتأكيد وجودها في المنطقة. في كانون الأول (ديسمبر) تجاوزت ساموا الواقعة في جنوب المحيط الهادي، الخط التاريخي حتى تصبح بذلك أقرب إلى منطقة التوقيت الزمنية في آسيا. والآن حل دور روسيا لتنظر تجاه الشرق.
'يتغير المشهد العالمي السياسي تغيرا حرفيا أثناء تحدثنا الآن' وفق ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لرجال الأعمال في آسيا الذين غامروا الأسبوع الماضي بالتوجه نحو فلاديفوستك، وهو المكان الذي استضافت فيه روسيا منتدى التعاون الاقتصادي الآسيوي- الهادي، لأول مرة.
تعني كلمة فلاديفوستك 'حاكم الشرق'، وهي امتداد صغير لمدينة معزولة يسكنها 600 ألف شخص. ولكن بوتين الذي استثمرت حكومته ما يزيد على 20 مليار دولار لإنشائها من أجل مؤتمر القمة، يريد أن يحول فلاديفوستك إلى محور يمتد عبر المنطقة الأوروبية الآسيوية.
حتى الآن تجاهلت روسيا الشرق تقريبا. إن تجارتها مع آسيا هي خط تقريبي ضمن ما يزيد على 16 تريليون دولار من تجارة أبيك الداخلية. بالرغم من أن ثلثي مساحة روسيا آسيوية، إلا أن أقل من ربع تجارتها فقط يتجّه إلى المنطقة مقابل التجارة مع أوروبا بأكثر من النصف من إجمالي تجارتها.
أصبحت فلاديفوستك جزءا رسميا من روسيا في 1860 بعد هزيمة الصين في حروب الأفيون، وعندما زار تشيكوف بزيارة سخالين في 1890 وجدها مستعمرة عقوبات. لم يكن الشرق الأقصى حتى 1903، قريب من الانتهاء من خط السكك الحديدية عبر سيبيريا. حتى أيام العهد السوفياتي كانت فلاديفوستك قلعة أكثر من كونها عبّارة، حيث كانت موطنا لأسطول المحيط الهادي السوفياتي وكانت مدينة مغلقة.
الآن تبدو الدوافع والأسباب مقنعة لجعل روسيا، أوروبية آسيوية في كلا الاتجاهين. تقدم آسيا الوقاية ضد حالات الركود الأوروبية.
وعلى الرغم من أن اقتصادها أخذ في البطء أيضا، إلا أن أداءها على بعد عالم آخر، ووفق ما ذكره بنك التنمية الآسيوي فإن معدل النمو في دول آسيا الصاعدة هذا العام سيكون بنسبة 6.6 في المائة، في مقابل التراجع الذي شهدته أوروبا والبالغ 0.7 في المائة.
روسيا تجادل من أجل اللحاق بالركب، عبر توسيع تجارتها السريعة مع الصين بقيمة 80 مليار دولار العام الماضي، الذي يعدّ أعلى بالفعل من معدل تجارتها مع ألمانيا البالغ 50 مليار دولار، ومع الولايات المتحدة البالغ 34 مليار دولار، وتهدف للوصول إلى معدل تجاري بقيمة 200 مليار دولار بحلول العام 2020.
لقد تضاعف حجم تجارتها مع كوريا الجنوبية ثلاث مرات لتصل إلى نحو 18 مليار دولار خلال السنوات الخمس السابقة للعام 2010، وتضاعفت تجارتها مع اليابان لتصل إلى 23 مليار دولار في نفس المدة تقريبا. ويزداد حجم صادراتها إلى اليابان نظرا لاحتياج اليابان للنفط والغاز ليحلا محل الطاقة النووية المهدرة.
حتى قبل وقوع كارثة فوكوشيما، ارتفعت واردات اليابان من نفط روسيا من 0.7 في المائة من إجمالي وارداتها في 2006، لتصل إلى 6.4 في المائة من إجمالي وارداتها في 2010. تقف روسيا على حافة الانتهاء من خطوط أنابيب النفط العابرة لسيبيريا، الذي سينتهي في الميناء الشرقي لكوزمينو قرب اليابان، ما يتيح تصدير كميات أكبر.
'بدون روسيا لن يكون هناك نمو دائم في آسيا' وفق ما قاله أوليج دريباسكا، الرئيس التنفيذي لشركة روسال لإنتاج الألومونيوم في هونج كونج.
هناك أكثر من وجه للجرأة في ذلك، ولكن يمكنك أن ترى ما يعنيه، لأن آسيا تفتقر للموارد، فيم تمثل روسيا أكبر مُصدّر للغاز في العالم، وثاني أكبر مُصدر للنفط في العالم معاً، كما أن لديها وفرة في الأخشاب.
ووفقا لبوتين، فهي مستعدة لمضاعفة صادراتها من الحبوب إلى آسيا، بمقدار الضعف إن لم يكن بثلاثة أضعاف.
من الناحية الدبلوماسية، فإن روسيا تتوجّه ناحية الشرق أيضاً. وبصرف النظر عن المفاوضات التجارية مع أمثال فيتنام ونيوزيلندا، فإنها تركز جهودها على بكين. لا يبدو أن القادة الروس والصين يستطيعون الابتعاد عن عاصمتيهما هذه الأيام، حيث تنسق موسكو وبكين بشكل وثيق موقفهم حيال قضايا السياسية الخارجية، بما في ذلك القضية السورية.
روسيا عضو في المحادثات السداسية الأطراف التي تستضيفها الصين، والتي تهدف حتى الآن ودونما نجاح، إلى إجراء المفاوضات حول وإنهاء البرنامج النووي لكوريا الشمالية. 'إن العلاقات الصينية - الروسية قد وصلت إلى مستوى لم يسبق له مثيل'، وفق ما أشار إليه بوتين في أبيك. ومع ذلك فهناك فجوة واسعة كنهر الفولجا بين الطموح الروسي وأرض الواقع: إحدى العقبات هي عقبة لوجيستية، فالإنفاق ببذخ على الكباري والطرق ومطار جديد، لن يخفي حقيقة أن الشرق الأقصى لروسيا يتأخر بعقود خلف مقارنة معظم أجزاء آسيا. ميناء شنغهاي وحده يتعامل مع حمولات أكبر عشر مرات مما تتعامل به جميع مواني روسيا في الشرق الأقصى مجتمعة. اندريل كوستين، الرئيس التنفيذي لبنك في تي بي، يتحدث عن إحباط المصدرين الروس الذين يقولون إن الطرق والسكك الحديدية والموانئ لا تستطيع أن تواكب اندفاع الشرق.
كما لا توجد فكرة قومية في روسيا عن الانفتاح على آسيا. لعقود طويلة كانت موسكو تخاف من أن الصين الكبيرة في تعدادها السكاني يمكن أن تشن 'غزوا سلميا' على سيبيريا ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
وشكا رجال الأعمال الآسيويون في قمة أبيك، من إجراءات التأشيرة المعقدة. لذا لم يتكبد عديد منهم عناء القدوم إلى فلاديفوستك، لنفس السبب.
لا يوجد، على الرغم من الكلمات الحارة، علاقات ودية دبلوماسية دائمة بين موسكو والعواصم الآسيوية، فما زالت روسيا رسمياً في حرب مع اليابان حول الجزر المتنازع عليها، ولكن هذا لا يعني أن اليابان لن تشتري النفط والغاز، بل يعني أنها لن تكون راغبة في إغراق الشرق الأقصى الروسي، بالاستثمارات الكبيرة. وعلى أي حال، فإن روسيا لا تلهم ثقة المستثمرين، فشركتا ميتسوي وميتسوبيشي ما زالتا تتألمان من السيطرة القهرية لشركة جازبروم على مشروع سكاليون للنفط والغاز الذي تشغلانه مع شركة شل.
حتى الصين، التي يضعها تعقبها للموارد في مقدمة الأسواق في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، تشعر هي أيضا بالقلق. قال أحد كبار المسؤولين الصينيين أن المناخ الاستثماري في روسيا ليس ناضجاً ولا مفهوماً بالنسبة لبكين.
بطريقة أو بأخرى، موسكو لديها الكثير لتلحق به.
عندما أصبح بنك في تي بي هو البنك الأول الذي يفتح له مكتباً في شنغهاي، لم نجد مصرفيا روسيا واحدا يستطيع أن يتحدث اللغة الصينية.
ربما يبدو أن مستقبل روسيا يتجه نحو الشرق، ولكن تاريخها كله يتدفق في الاتجاه المعاكس.
تعليقات