الجبهة الوطنية لن تكون بديلاً عن أحد.. الديين مؤكداً

زاوية الكتاب

كتب 947 مشاهدات 0


عالم اليوم

الجبهة الوطنية

أحمد الديين

 

الجبهات الوطنية هي بالأساس ائتلافات واسعة تضم أحزابا وقوى سياسية تتفق على أهداف محددة وضمن ظرف محدد؛ حيث تعمل مجتمعة من أجل تحقيقها... وتنشأ الجبهات الوطنية عادةً لمواجهة أزمة سياسية عامة محتدمة في البلاد؛ أو للتصدي لأوضاع مستجدة؛ أو للتحرك من أجل تلبية مطالب رئيسية للإصلاح والتغيير تتطلّب أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين أطراف هذه الجبهة مجتمعة، وذلك بغض النظر عن الاختلافات الفكرية القائمة بين هذه الأطراف.

وهناك في تاريخ الكويت السياسي تجارب عدّة لمثل هذه الجبهات والائتلافات والتحالفات التي تأسست في فترات معينة، ولكن مع اختلاف في الشكل النمطي للجبهات، حيث لم تتأسس الجبهات في الكويت بين أحزاب سياسية منظمة، وذلك نتيجة ضعف التراث السياسي والحزبي في مجتمعنا؛ وإنما شارك في تأسيسها أندية وجمعيات أو شخصيات عامة تمثّل تيارات سياسية... ففي العام 1954 تشكّلت “لجنة الأندية الكويتية” وكانت بمثابة جبهة وطنية، حيث لم تكن هناك كيانات منظمة تمارس نشاطها علنا غير الأندية الثقافية والاجتماعية والرياضية، وقد قادت “لجنة الأندية الكويتية” الحراك الشعبي في أواسط خمسينيات القرن العشرين من أجل المطالبة بالديمقراطية والتصدي لشركات النفط الأجنبية والمخططات الاستعمارية في المنطقة العربية وللتضامن مع الكفاح التحرري للشعوب العربية... ومن باب التفاصيل فقد كان الدكتور أحمد الخطيب يمثّل “النادي الثقافي القومي” في اجتماعات تلك اللجنة، فيما كان خالد المسعود وعبدالعزيز محمود بوشهري وعلي الحداد يمثّلون “نادي  المعلمين”، وخالد المضف وسعود إسحاق يمثّلان “نادي العروبة”، وخالد النصرالله يمثل “نادي الخليج”، ومحمد خالد الزيد وعبدالرزاق أمان يمثّلان “النادي الأهلي”، أما خالد الخرافي وفيصل الصالح فكانا يمثّلان “نادي الخريجين”، وكان خالد البدر وعبدالعزيز المساعيد يمثّلان “نادي الجزيرة”، وحسين مكي الجمعة وراشد أدريس يمثلان “نادي النهضة”، فيما كان علي حسين العيسى يمثّل “نادي الاتحاد العربي”... ومن أبرز النشاطات التي قامت بها “لجنة الأندية الكويتية” رفع عريضة تحمل تواقيع المواطنين إلى الشيخ عبدالله السالم للمطالبة بانتخاب مجلس مشترك للبلدية والمعارف والصحة والأوقاف... كما دعت “لجنة الأندية الكويتية” في مايو 1955 إلى عقد اجتماع جماهيري في “مسجد السوق” لانتخاب “الهيئة التنفيذية الأهلية” للتحضير لوضع دستور وإجراء انتخابات تشريعية، وقد منعت السلطة بالقوة ذلك الاجتماع... واستمرت “لجنة الأندية الكويتية” قائمة بدورها إلى فبراير من العام 1959 عندما أقدمت السلطة حينذاك على إغلاق جميع الأندية والجمعيات والصحف والمجلات وفرضت أجواء قمعية استمرت مخيّمة على الكويت إلى بدايات عهد الاستقلال في العام 1961 عندما أدركت السلطة وقتها ضرورة الاستجابة للمطالب الشعبية بالديمقراطية لضمان توحيد الجبهة الداخلية في البلاد لمواجهة التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي عبدالكريم قاسم بضم الكويت إلى العراق!

أما التجربة الأخرى لما يمكن أن يكون مثالا على تأسيس جبهة وطنية فهي تجربة “مجموعة الـ 45” التي تشكّلت في الأول من يوليو من العام  1989 فترة الانقلاب الثاني للسلطة على الدستور، وكانت ائتلافا يضم عشرات الشخصيات الوطنية والناشطين من مختلف التوجهات والتيارات السياسية والمنظمات النقابية والاجتماعية والطلابية، حيث تعاونت مع نواب مجلس 1985 في التحرك من أجل المطالبة بعودة العمل بالدستور وإعادة الحياة النيابية، وقامت “مجموعة الـ 45” بجمع عشرات آلاف التوقيعات من المواطنين على العريضة الشعبية، كما شاركت في قيادة تجمعات “ديوانيات الاثنين” الشهيرة، التي انطلقت بعد رفض “الديوان الأميري” استلام العريضة.

وهذا ما يقودنا إلى التجربة الأخيرة... ففي مساء يوم الأحد الفائت التاسع من سبتمبر الجاري شهدت قاعة الاجتماعات في “جمعية المحامين” اجتماعا تاريخيا ذا دلالة ضم شخصيات وطنية ونقابية وممثلين عن تيارات سياسية وكتل نيابية ومجاميع شبابية وكتّاب رأي وإعلاميين ونساء ممَنْ انعقدت اراداتهم على تكوين “الجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الإصلاحات السياسية”، حيث تشرّفت بإدارة ذلك الاجتماع، الذي أقرّ إعلانا للمبادئ قام الحاضرون بالتوقيع عليه، كما اختاروا هيئة تنفيذية لإدارة عمل الجبهة، حيث ستتصدى هذه الجبهة لمخططات السلطة للانفراد بالقرار، وستسعى للتحرك من أجل تحقيق إصلاحات سياسية ديمقراطية تستهدف الانتقال إلى النظام البرلماني الكامل... ولن تكون هذه الجبهة بديلا عن أحد، وإنما هي ائتلاف وطني واسع يضم مواطنين كويتيين من مختلف فئات المجتمع وطبقاته ومن مشارب فكرية وتوجهات سياسية مختلفة عقدوا العزم على العمل من أجل تحقيق الأهداف المتفق عليها في “إعلان المبادئ”... وهي بالتأكيد جبهة مفتوحة أمام مشاركة كل مَنْ يتفق مع أهدافها المعلنة، التي هي أهداف وطنية ديمقراطية عامة لا تقتصر على حزب أو تيار سياسي بعينه؛ ولا تنحصر في كتلة نيابية منفردة أو تجمّع شبابي محدد دون غيره.

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك