عن الجبهة الوطنية للإصلاح السياسي.. يكتب طارق المطيري
زاوية الكتابكتب سبتمبر 4, 2012, 11:51 م 711 مشاهدات 0
الكويتية
أما بعد / الجبهة الوطنية للإصلاح السياسي
طارق نافع المطيري
من يفهم معنى «الجبهة» السياسي وأسبابها وطبيعة نشأتها فسيدرك شكل المرحلة السياسية التي نحن مقبلون عليها ونتيجة هذا الحراك، فالجبهة الوطنية التي يتم تداول الحديث عنها في الآونة الأخيرة أصبحت قريبة التشكل وفق قراءة مواقف القوى السياسية والفاعلين السياسيين حولها.
فقبل أكثر من شهر وتحديدا في 14 يوليو الماضي دعت الحركة الديمقراطية المدنية «حدم» في بيان لها لتشكيل هذه الجبهة، وفي أقل من شهر في 11 أغسطس دعت الأغلبية البرلمانية إلى نفس الدعوة، وتتوالى التصريحات والاجتماعات والحوارات بين القوى السياسية بشكل ثنائي أو جماعي حول تلك الجبهة التي تعد أول تجربة سياسية من نوعها في تاريخنا السياسي.
وأعتقد أن إمكانية تأليف هذه الجبهة الوطنية المستوعبة لأكبر قدر ممكن من الطيف السياسي متوافرة، فلا شيء يمنع الحوار والنقاش والاتفاق على تشكيل هذه الجبهة وعلى أهدافها، متى ما كانت على أسس سليمة ووفق آلية تضمن
فاعليتها وجدواها.
لا أظن أنه من المناسب أن يدعو طرف معين للجبهة ويضع أسسها واشتراطاتها ومعايير الانضمام لها، كما أنه يجب ألايستثنى أحد من الدعوة للمشاركة فيها منذ ما قبل انطلاقها حتى إعلانها، وهاتان المقدمتان متوافرتان إلى حد بعيد اليوم.
فعلى القوى السياسية الفاعلة، كل القوى، أن تجتمع وتتداعى للجلوس على طاولة الحوار لتشكيل هذه الجبهة وتحديد أهدافها، ويجب ألا يقصي أحد نفسه ثم يتهم الآخرين بإقصائه، كما أنه من غير المقبول أن يشترط المتحاور اشتراطات مفصلية قائمة على وجهة النظر الخاصة ويريد إلزام الآخرين بها، فالمرونة العالية غير المخلة مطلوبة، ولذلك أعتقد أن الاقتصار على الإصلاحات السياسية كهدف للجبهة أرضية مناسبة للاتفاق، فالاختلاف حول هذا الموضوع قليل جدا، فمعايير الإصلاح السياسي للديمقراطية الحقيقية شبه محسومة، والاختلاف المنحصر في التوقيت والأشكال يمكن معالجته، فالآليات الديمقراطية المعيارية لا تدخل فيها مسألة القيم والمبادئ والمحددات الأيديولوجية طالما القاعدة الحاكمة للديمقراطية هي «حكم الشعب نفسه بنفسه»، وبالتالي النقاش سينحصر حول هذه القاعدة المستقرة، لتجيب عن سؤال: كيف نوجد الآليات العادلة للوصول لتلك النتيجة الديمقراطية؟
طبعا نحتاج إلى قدر كبير من التجرد والموضوعية وتغليب المصلحة العامة، وكل ذلك عملة نادرة في الوسط السياسي، لكن قدرا منها مطلوب وضروري للوصول إلى أقصى حد ممكن للتوافق، وخاصة أن الأغلبية العظمى من القوى السياسية أعلنت مواقفها من عدة قضايا رئيسية تصلح لأن تكون قاعدة أهداف الجبهة وهي (نظام انتخابي عادل، الأحزاب، الهيئة المستقلة للانتخابات).
بقي أمر مهم، السلطة من جهة والقوى السياسية الواعية من جهة أخرى، ستفهم بشكل واضح أن هذه الجبهة هي المرشح الأكبر والأهم الذي سيتولى السلطة القادمة، وستكون هي الجهة الوحيدة -ربما- المؤهلة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لأن هذه الجبهة هي التطور الطبيعي، وهي جسر المرحلة الانتقالية التي نعيشها اليوم للديمقراطية المنشودة.
بطبيعة الحال السلطة تدرك خطورة تشكيل هذه الجبهة وأين ستحط رحالها، وهي لن ترغب أبدا في مواجهة جبهة وطنية تضم الطيف السياسي أو أغلبه، ولذلك ستضع العراقيل وستستعين بكل طرف وكل جهد لمنع انعقاد هذه الجبهة، لكننا سننجح بذلك إن أدركنا أن الحكومة المنتخبة القادمة ستخرج من هذه الجبهة بكل تأكيد.
تعليقات