التعاون الخليجي نبتة صغيرة ثمارها ضئيلة.. بنظر حسن كرم
زاوية الكتابكتب أغسطس 31, 2012, 11:26 م 742 مشاهدات 0
الوطن
وزراء الخارجية الخليجيون يبحثون غداً موضوع الاتحاد..!!
حسن علي كرم
جربت الدول العربية في خلال النصف الاخير من القرن الماضي عدة صيغ وحدوية او اتحادية وانتهت كلها بالفشل. فمن الوحدة المصرية السورية (وحدة ما يغلبها غلاب) (فبراير 1958) فانتهت بالانقلاب والانفصال السوري الى الاتحاد الهاشمي بين اسرتي الحكم الهاشميتين في كل من العراق والاردن (1958) فانتهى بمجزرة قصر الزهور في بغداد وقتل الملك الشاب فيصل الثاني واسرته. ثم الاتحاد الثلاثي العراقي السوري المصري (1963) فالاتحاد الليبي المصري. فالليبي التونسي. ثم كانت خاتمة الوحدات بوحدة اليمنين التي كانت في ظاهرها وحدة بين دولتين مستقلتين وفي باطنها وحدة تآمرية قسرية استحواذية. فانتهت بحرب دموية مأساوية في ايار (مايو) 1994.
فشل هذه الوحدات لا لكونها اقيمت من القمة دون الاعتبار للارادة الشعبية، وانما فشلت لافتقارها للمبادئ الاساسية والضرورية لاي صيغة تقاربية او توحدية التي يفترض وجودها بين الدول او الانظمة المتقاربة والمتماثلة في السيادة الوطنية وفي الاستقلال، وتالياً تساوي الحقوق، وفشلت لانها قامت على اساس المطامع والاستحواذ والانفراد بالسلطة وفرد العضلات وعرض للقوة والبلطجة!!
واذا كانت الالفية الثالثة قد شهدت تحولات في الفكر السياسي والانساني واحترام حقوق الانسان والخضوع لارادة الشعوب الا ان ذلك لا يكفي لكي نقول ان شعوبنا او انظمتنا قد تهيأت وتخلت عن شهية الاستحواذ والاستفراد وفرد العضلات واحترام حقوق الغير، فألسنتنا تنطق خلاف بواطننا، فنحن في ظاهرنا حضاريون وفي داخلنا بدائيون متحجرو العقول (…) لذلك فأي صيغة تقاربية او اتحادية ستجمع الدول الخليجية بدون مراعاة للحقوق المتساوية والمتناهية ستصطدم بصخرة الفشل مثلما فشلت الصيغ الوحدوية المماثلة. لا تقولوا احنا غير، ولا تقولوا ان نجاح ثلاثين عاما على مجلس التعاون هو دليل على نجاح الاتحاد الخليجي المأمول، فالتعاون الخليجي مازال نبتة صغيرة وثمارها مازالت ضئيلة، وأكلها محدوداً، ولعلي اتصور بعد ثلاثين عاما من مسيرة التعاون اخذ الوهن يدب في مفاصل تلك المسيرة، والفتور يتقدم الحماس فتأخر الاتحاد الجمركي الخليجي والخروج من العملة الموحدة. هذا يدل على ان للتعاون الخليجي خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها، والراغبون في الاتحاد لا يزيد عددهم على عضوين فيما الباقون بين رافض او متحفظ او متردد. فأي نجاح سيحظى به هذا الاتحاد في ظل الرافضين والمتحفظين والمترددين؟!
ان الخليجيين اذا كانت تجمعهم الكثير من المشتركات لكنهم دول مستقلة، وكل دولة تسعى للحفاظ على مكتسباتها ونجاحاتها، ولن تتنازل اي منها عن مكتسباتها من اجل انجاح الاتحاد، واذا كانت مملكة البحرين وحدها تسعى للاتحاد فذلك شأنها وقد تدفعها ظروفها الداخلية الى ذلك الامر الذي قد لا ينطبق على بقية دول المنظومة.
هناك الكثير من الخلافات والمعوقات التي ينبغي اولا حلها قبل الذهاب الى الاتحاد، كالخلافات الحدودية وتعطيل او اعاقة دخول المنتجات الى اسواق بعض دول المنظومة، هناك دول خليجية مازالت ترفض تنفيذ قرارات القمم وترفض معاملة المواطنين الخليجيين بمواطنيها، ولعل هذه مجرد نماذج والباقي اكثر.
غدا (الاحد) عندما يلتقي وزراء الخارجية الخليجيون في اجتماعاتهم الدورية الروتينية، هناك على جدول اجتماعاتهم موضوع الاتحاد الخليجي، ما هو المطلوب منهم الا يجنحوا للخيال، فالواقعية في هذا الموضوع مطلوبة فالاتحاد مازال حُلُما يسبح في الفضاء ونزوله الى الارض قد يستغرق سنوات بل عقوداً طويلة..
تعليقات