حكوماتنا تغرق في شبر ميّه!!.. خليفة الخرافي مستنكراً
زاوية الكتابكتب أغسطس 30, 2012, 10:57 م 851 مشاهدات 0
القبس
كنا ويا ما كان أجمل زهرة في بستان
خليفة مساعد الخرافي
من نافذة مكتبه في سوق التجار، المطلة جهة قصر السيف العامر، سرح تفكيره بعيداً وهو يذكر ماضيه، فمن كان يتوقع أن بحاراً رأسماله في الدنيا أمانته ونشاطه وصبره على أهوال البحر وجرأته، يصبح مليونيراً؟! فلله الحمد والمنّة.
وتذكر أنه في مرحلة ما قبل النفط، حين حاول أن يتوسّع في تجارته في العقار وأنشطة أخرى كان يراجع مديري بلدية الكويت، والتي أنشئت عام 1930 بمقترح للشيخ يوسف بن عيسى القناعي ويُختار أعضاؤها بالانتخاب، وكانت البلدية مسؤولة عن سلطات ومهام كثيرة، ومن اختصاصاتها الإشراف على الأسواق والمناطق وحراستها ونظافتها، ومراقبة الموازين، وفحص اختيار المتقدمين للحصول على إجازات قيادة السيارات. وقدمت كذلك خدمات متنوعة داخل أسواق الكويت القديمة مثل الإشراف على الأوزان لمنع الغش والاحتكار وتفتيش المواد الغذائية والرقابة على السلع، وتجميع مبالغ من المال وتوزيعها على المحتاجين كمعونات ومساعدات اجتماعية. وقامت البلدية أيام الروبيات بتثمين بيوت أهل الكويت بمبالغ كنوع من توزيع الثروة ورفع المستوى المادي للمواطن الكويتي، وبيعهم قسائم سكنية في ضواحي الكويت الجديدة مقابل مبلغ مادي للدولة يقدّر بعشرين ألف روبية للقسيمة.
وفي مرحلة الخمسينات، كانت البلدية هي الجهة التي تعطي أهالي الكويت القسائم السكنية والزراعية والصناعية والتجارية (حالياً تحوّلت كل منها لهيئة أو مؤسسة)، والبلدية هي التي تخطط المدينة، وأحسنت تخطيط الكويت مع مجلس الإنشاء في مخطط «سبنسلي ومانبريو»، الذي خطط مناطق الكويت في فترة الخمسينات، شوارع شعاعية ودائرية من الدائري الأول الى الدائري السادس، وخطط منطقة ثانوية الشويخ التعليمية ومنطقة مستشفى الصباح الصحية ومنطقة الشويخ والري، صناعية، حرفية، خدمية، وتخزينية، لتشجيع الأنشطة التجارية وتطويرها. ومطار الكويت وميناء الشويخ. لقد كانت الكويت زهرة الخليج وجوهرته بحسن الترتيب والتنظيم.
وبدرت ابتسامة على وجه تاجرنا البحار حين تذكر في حقبة ما قبل النفط توجيهات البلدية لأصحاب ــــ أكرمكم الله ــــ الحمير بعدم مضايقة المارة بالطرقات، وعدم تحميل حمولة كبيرة على ظهر الحمار ــــ اجاركم الله ــــ كما يدعونا ديننا الحنيف، وكان عمال التحميل (العتالون) في السوق لديهم رخصة وأرقام على قطعة نحاسية توضع للتعريف في مكان بارز على ثيابهم. وتذكر تاجرنا البحار، الذي بلغ عمره تسعين عاما، انه تعامل مع غالبية مديري البلدية، وكانت الأمور تدار بحزم شديد وكان للمسؤول هيبة ولموظف البلدية تقدير واحترام ووقار، وكذلك المواطن كان يتقيّد بالنظام. ويتذكر تاجرنا البحار من مديري البلدية: سليمان العدساني ونصف اليوسف وعيسى القطامي وسلطان الكليب وعبدالله العثمان وعبدالله العسعوسي وحمد الحميضي وعبدالحميد الصانع وعبدالله السدحان وعبدالله الفلاح وعبداللطيف ثنيان ومحمد العصفور ويوسف الشايع وجاسم المرزوق ومحمد المعوشرجي وراشد العثمان وم. عبدالرحمن الدعيج وم. محمد عيد النصار وحالياً م. أحمد الصبيح.
***
في صيف 1993، دخلتُ بلدية الكويت كعضو مجلس بلدي ورئيس أهم لجنة في الكويت، وهي اللجنة الفنية، وفوجئت، بل انصدمت، حين دخلت غرفة كبيرة وضعت فيها مخططات بأعداد كبيرة ومكدّسة يعلوها الغبار، وحين سألت عن محتواها أجابوني بأنها مخططات منجَزة وجاهزة للإنشاء لمشاريع حيوية مهمة، إسكانية وترفيهية وخدمية، مهملة منذ ما قبل 1985 ولم يتم اتخاذ قرار فيها من قبل الحكومة، منها مدينتا الصبية والخيران، ومنها مخططات جاهزة لشارع عبدالله الأحمد ومجمع المنطقة التجارية في الفنطاس عدا مترو وقطار الكويت، ومخططات عديدة لتطوير مدينة الكويت وتنميتها وتوسيع الانشطة الخدمية، فاستغربت وذُهلت: كيف تضيع الجهود والأموال الطائلة التي صرفت على تصميم هذه المخططات؟! لعن الله التخبّط والفوضى.
إن دور المجلس البلدي هو وضع مقترحات ونظم ولوائح، إنما التطبيق والإقرار فلدى مجلس الوزراء أو الجهاز التنفيذي. ويتميز قانونا المجلس البلدي، سواء السابق 1972/15 أو الحالي 2005/5 بأن القرار النهائي بيد الحكومة والتنفيذ أيضاً يتبعها، وحكوماتنا كالعادة تغرق في شبر ميّه، لهذا فالإنجاز بطيء إلا لمن لديه حظوة ومكانة لدى الحكومة لإنجاز مشروعه، لهذا السبب تعدتنا دبي وغير دبي.
خلال فترة عضويتي في المجلس البلدي شاهدت العجب العجاب، كيف يتحوّل عضو المجلس البلدي من محدود الدخل الى مليونير؟! وجيرانهم وأقرباؤهم متعجبون مستغربون للبذخ والثروة المفاجئة التي هبطت عليهم من دون ميراث، ولم يعرف عنهم أنهم من أهل التجارة.
***
• عائلة محمد أحمد الغانم وثنيان الغانم والجبر الغانم من العائلات الكويتية، التي تمتلك مقاطعات كبيرة من مزارع النخيل في البصرة.
***
مقالتنا المقبلة عن ديموقراطية انتخاب مجالس الإنشاء والبلدية والتعليم والأوقاف.
تعليقات