السفير كروكر: هناك تقدم يتم إحرازه في العراق ولكنه قابل للزوال!
عربي و دوليإبريل 9, 2008, منتصف الليل 217 مشاهدات 0
اعتبر السفير الأميركي أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي في كلمته امس الحديث عن اراز تقدم في القعراق في اطار شهادته التي أدلى بها الأميركي وممثل الرئيس بوش الخاصهناك أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي والتي تضمنت تقييمه للوضع في العراق على جميع الصعد.
وفيما يلي نص الكلمة :
السيد رئيس اللجنة، حضرة السناتور مكين، أعضاء اللجنة:
يشرفني أن أمثل أمامكم لتقديم تقييمي للتطورات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية في العراق. عندما قدمنا أنا والجنرال باتريوس إفادتنا لكم في شهر أيلول/سبتمبر، قدمت حكمي الموزون في ما يتعلق بما إذا كانت أهدافنا في العراق ممكنة التحقيق – هل يمكن للعراق أن يتطور إلى بلد موحد ومستقر تحكمه حكومة منتخبة ديمقراطيا وتعمل في ظل حكم القانون؟
قلت في شهر أيلول/سبتمبر الماضي إن المسار المتراكم للتطورات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية في العراق يتجه نحو الأعلى، إلا أن خط انحدار ذلك الخط ليس سحيقا. وقد عززت التطورات خلال الأشهر السبعة الماضية إحساسي بوجود توجه إيجابي. ولا زالت هناك تحديات هائلة، كما أن التقدم ليس متكافئا وكثيرا ما يكون بطيئا إلى درجة تثير الإحباط، ولكن هناك تقدما. وستتطلب المحافظة على ذلك التقدم تصميما والتزاما أميركيا متواصلا. وما تم إنجازه بالغ الأهمية، ولكنه قابل للتلاشي. قبل خمس سنوات تمت إطاحة تمثال صدام حسين في بغداد. وقد تبخرت سعادة تلك اللحظة منذ وقت طويل. ولكن مع خروج العراق من العنف المدمر الذي شهده في العام 2006 وأوائل العام 2007 فإن هناك ما يدعو إلى المحافظة على هذا الالتزام والاستثمارات الهائلة التي قدمناها في كل من حياة شبابنا وشاباتنا الشجعان ومن مواردنا. اسمحوا لي أن أصف التطورات التي أبني عليها مثل هذا الحكم.
المصالحة: السياسة الوطنية والمتعلقة بالمحافظات
التطور الأول على الصعيد الوطني يتمثل في شكل تشريع وتطور البرلمان العراقي. أصبنا بخيبة أمل في شهر أيلول/سبتمبر لأن العراق لم يسن بعض التشريعات الأساسية. إلا أن البرلمان العراقي قام خلال الأشهر العديدة الماضية بصياغة ومناقشة قوية، وفي حالات كثيرة بإقرار، تشريعات تتعلق بقضايا حيوية للمصالحة وبناء البلاد. وعمم قانون للتقاعد فوائد ومزايا للأفراد الذين حرموا في السابق منها بسبب خدمتهم في ظل النظام السابق. ويعكس قانون المساءلة والعدل (الإصلاح المتعلق باجتثاث حزب البعث)، الذي أقر بعد مناقشة طويلة تميزت في كثير من الأحيان بالجدل والنزاع، يعكس روحا قوية للمصالحة، كما هو الحال بالنسبة لقانون العفو الواسع الأثر.
ويعدّ قانون سلطات المحافظات خطوة رئيسية إلى الأمام في تحديد العلاقة بين الحكومة الفدرالية وحكومات المحافظات. وقد تطلب إقرار هذا القانون نقاشا حول الطبيعة الأساسية للدولة، وهو مماثل في تعقيده لنقاشنا الطويل والصعب حول حقوق الولايات (في الولايات المتحدة تاريخيا). كما دعا قانون سلطات المحافظات إلى إجراء انتخابات على مستوى المحافظات بحلول الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2008. وهناك قانون انتخابي قيد البحث حاليا، وسوف يحدد هذا القانون حدود ومعالم الانتخابات. وقد أعلنت جميع الأحزاب الرئيسية دعمها لهذه الانتخابات التي ستكون خطوة رئيسية إلى الأمام في التطور السياسي للعراق وستمهد الطريق للانتخابات الوطنية في أواخر العام 2009.
وتعني موافقة البرلمان العراقي في شهر كانون الثاني/يناير على تغيير تصميم العلم العراقي أن العلم يرفرف الآن في جميع أنحاء البلاد لأول مرة منذ عدة سنوات. ويضمن إقرار الميزانية للعام 2008، والتي تتضمن مبالغ قياسية من النفقات الرأسمالية، يضمن حصول الحكومة الفدرالية وحكومات المحافظات على الموارد اللازمة للإنفاق العام. وقد تحقق كل ذلك منذ شهر أيلول/سبتمبر. وهذه القوانين ليست مثالية ويتوقف الكثير على الطريقة التي سيتم تنفيذها بها، ولكنها خطوات مهمة.
كما أن من الأهمية بمكان التطور الذي شهده البرلمان العراقي كمؤسسة وطنية. وقد عانى المجلس في شهر أيلول/سبتمبر الماضي من نزاعات مستمرة وفي أحيان كثيرة مؤدية إلى شل الحركة حول القيادة والإجراءات. وهو يصارع ويعالج حاليا بنجاح قضايا معقدة ويتوصل إلى مبادلات وصفقات مبنية على تقديم التنازلات. ومع تحول النقاشات في البرلمان العراقي نحو كيفية حل المشاكل الصعبة بطريقة عملية، أصبحت السياسة العراقية أكثر مرونة وسلاسة.
إسمحوا لي أيضا أن أتحدث عن الأمور غير الملموسة: المواقف بين السكان والأحاديث التي تدور بين الزعماء العراقيين. شكك أشخاص كثيرون خلال العامين 2006 و2007 في ما إذا كانت الكراهية بين العراقيين من مختلف الخلفيات الطائفية عميقة بحيث أن اندلاع حرب أهلية كان شيئا حتميا. وتواصل حركة الصحوة السنية في الأنبار، التي جابهت القاعدة بشجاعة كبيرة، تواصل المحافظة على السلام في المنطقة وعلى بقاء القاعدة خارجها. كما أن مدينة الفلوجة التي كانت في وقت من الأوقات رمزا للعنف والإرهاب، أصبحت الآن واحدة من أكثر مدن العراق أمنا. وتتمتع مدينتا النجف وكربلاء الشيعيتيان المقدستان بالأمن والازدهار المتزايد بعد الرفض الشعبي لنشاطات الميليشيات المتطرفة. وقد لعبت الزعامة الدينية الشيعية – المرجعيات – ومقرها النجف – دورا هادئا ولكنه دور مهم في دعم الاعتدال والمصالحة. وفي بغداد، يمكننا أن نرى أن العراقيين ليسوا منقسمين ضد بعضهم البعض على أساس الانتماء الطائفي. وقد حدّت التحسينات الأمنية خلال الأشهر الماضية من جو الشك والارتياب وأتاحت القيام بأعمال إنسانية تجاوزت الهويات الطائفية.
عندما وصلتُ إلى بغداد قبل سنة، كانت أول زيارة أقوم بها إلى واحدة من مناطق المدينة زيارة حي الدورة ذي الأغلبية السنّية. وكانت قوات الطفرة قد بدأت لتوها التحرك إلى داخل الأحياء التي كانت ما زالت خاضعة لقبضة القاعدة. وكان السكان مرعوبين من المليشيات الشيعية المتطرفة. وفي نهاية شباط/فبراير، أي بعد أقل من سنة من ذلك، عبر آلاف الحجاج الشيعة الشوارع في طريقهم إلى كربلاء لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين. وخرج السكان السنة يقدمون الطعام والماء للحجاج أثناء مرورهم فيما انضم بعضهم إلى موكب الحجيج.
لقد طغت أنباء الوضع في البصرة على ما عداها من أنباء العراق في الأسابيع الأخيرة. وأصبح من الصعب، مع لقطات الصور ومناظر العنف المتزايد والمسلحين الملثمين في الشوارع، رؤية كيفية مقارنة هذا الوضع مع الحديث عن التقدم في العراق. فما زال هناك الكثير مما ينبغي على الحكومة العراقية أن تفعله لفرض سيطرتها كاملة على شوارع البصرة والتخلص من جماعات المتطرفين والمجرمين والمليشيات المتحصنة هناك.
وعندما ينظر إلى قرار العراق بمحاربة تلك الجماعات في البصرة من منظور أوسع، يتبين أن له أهمية كبرى. فقد برهنت الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية التي يتزعمها رئيس الوزراء (نوري) المالكي، أولا، على التزامها بالتخلص من المجرمين والمتطرفين، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية. ثانيا، تصدرت قوات الأمن العراقية تلك العمليات في البصرة وفي بلدات ومدن الجنوب الأخرى. وقد قامت عناصر من القوات البريطانية والأميركية بأدوار هامة، لكنها كانت أدوارا مساندة كما كان ينبغي لها أن تكون.
وقد أدت عملية البصرة أيضا إلى زعزعة السياسات العراقية. إذ عاد رئيس الوزراء من البصرة إلى بغداد قبل وقت قصير من مغادرتي لها في طريقي إلى واشنطن – وهو واثق من صحة قراره ومصمم على تشديد الحرب ضد الجماعات غير المشروعة، لكنه مصمم أيضا على إلقاء نظرة متعمقة على الدروس المستقاة. وتلقى جهود الحكومة ضد عناصر المليشيات المتطرفة تأييدا سياسيا واسع النطاق مثلما اتضح ذلك من بيان صدر في 5 نيسان/أبريل من الزعماء السياسيين العراقيين البارزين من سنة وشيعة وأكراد.
في غضون ذلك لا يزال الاتجاه الصدري هو 'الكرت الفرار' – كما لا يزال من غير المعروف ما إذا كان العراقيون يستطيعون أن يدقوا إسفينا بين عناصر ذلك التيار والجماعات الأخرى التي تدعمها إيران. فمن التطورات الخطيرة التي أعقبت عملية البصرة مباشرة ما بدا من عودة الوحدة بين الجماعات الخاصة وجيش المهدي. وقد شهدنا احتمال انهيار 'تجميد' العمليات العسكرية الذي كان أعلنه جيش المهدي. إلا أن مقتدى الصدر أصدر في الوقت الذي كان فيه الوضع يزداد تكشفا بيانا تبرأ فيه من أي شخص يحمل 'سلاحا ثقيلا' – مما يشير بصفة خاصة إلى أسلحة الجماعات الخاصة. ومن شأن ذلك البيان أن يوضح الفارق المميز بين التيار الصدري الذي ينبغي أن لا يشكل تهديدا للدولة العراقية وبين أعضاء 'الجماعات الخاصة' الذين يشكلون مثل (هذا الخطر).
إحدى النتائج التي أستخلصها من الأدلة على التقدم هي أن الاستراتيجية التي بدأت بالدفع بطفرة القوات هي استراتيجية ناجحة. ولكن ذلك لا يعني على أي حال أن الدعم الأميركي يجب أن يكون بلا نهاية، أو أن مستوى أو طبيعة تعاطينا لا ينبغي أن يبدآ بالانحسار مع الوقت. وفي هذا الإطار بالذات، بدأنا التفاوض حول العلاقة الثنائية بين العراق والولايات المتحدة. في آب/أغسطس طالب الزعماء العراقيون الخمسة الرئيسيون بعلاقة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة تتضمن تعاونا اقتصاديا، سياسيا، دبلوماسيا وأمنيا. وسيكون صلب هذه العلاقة هو إطار قانوني لوجود القوات الأميركية، إطار مماثل للأطر القانونية التي تحكم وجود القوات الأميركية في حوالي 80 بلدا في العالم.
إن العراقيين ينظرون إلى التفاوض حول هذا الإطار على أنه تأكيد قوي لسيادة العراق – إذ أنه يضع العراق على قدم المساواة مع حلفاء الولايات المتحدة الآخرين ويزيل وصمة وضع الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي تعمل بموجبه قوات التحالف حاليا. ومثل هذا الاتفاق هو في مصلحة العراق – ومصلحتنا. إن القوات الأميركية ستبقى في العراق إلى ما بعد 31 كانون الأول/ديسمبر، 2008، عندما ينتهي أجل قرار الأمم المتحدة الذي ينظم وجودها. وستحتاج قوات أخرى إلى تفويض وحماية أساسيين لكي تواصل عملياتها – وهذا الاتفاق سيوفر ذينك الترخيص والحماية.
إن الاتفاق لن ينشىء قواعد دائمة في العراق، ونحن نتوقع بأنه يتنصل منها بصورة صريحة. ولن يحدد الاتفاق مستويات القوات، كما أنه لن يقيد يدي الحكومة (الأميركية) القادمة. هدفنا هو أن نضمن بأن الرئيس القادم سيصل إلى مكتبه بأساس راسخ يبني عليه قراراته السياسية، وذلك بالضبط ما سيفعله هذا الاتفاق. وسيبقى الكونغرس على اطلاع كلي بينما تستمر هذه المفاوضات في الأسابيع والأشهر القادمة.
حضرة الرئيس، إن تحديات مهمة تبقى قائمة في العراق. وإن وجود حكومة أعيد تنشيطها ضروري لكل من التوازن السياسي ولتحسين تقديم خدمات للشعب العراقي. والتحديات لحكم القانون، وخصوصا للفساد، لا زالت كبيرة جدا. والحدود الداخلية المتنازع عليها – عملية المادة 140 – يجب حلها. وعودة اللاجئين والأشخاص المشردين محليا يجب أن تعالج. وحقوق المرأة والأقليات ينبغي أن تصان بصورة أفضل. والعراقيون واعون للتحديات التي يواجهونها، وهم يعملون على معالجتها.
إن تقدم العراق السياسي لن يكون يسير بخط مستقيم. فالتطورات الإيجابية بوجه عام يمكن مع ذلك أن تكون لها نتائج غير متوقعة أو مخلة بالاستقرار. ثم إن قرار عقد انتخابات في المحافظات – وهي حيوية للتطور الديمقراطي للعراق وللاستقرار في الأمد الطويل – ستنتج أيضا توترات جديدة. ويعكس بعض العنف الذي شاهدناه مؤخرا في جنوب العراق بعض الديناميكيات المتغيرة ضمن المجتمع الشيعي بينما يتغير الإطار السياسي والأمني. ومثل نقاط الانعطاف هذه تؤكد هشاشة الوضع في العراق، ولكن سيكون من الخطأ الاستنتاج بأن أي انفجار للعنف يسجل بداية انحدار حتمي.
الاقتصاد وبناء الطاقة
في أيلول/ تشرين الأول ذكرت لكم أنه كان هناك بعض المكاسب في اقتصاد العراق وفي جهود البلاد لبناء طاقة لترجمة هذه المكاسب إلى حكم وخدمات أكثر فعالية. وقد بنى العراقيون على هذه المكاسب خلال الأشهر الماضية، كما هو واضح من انتعاش الأسواق عبر العراق وإعادة فتح أعمال كانت متوقفة منذ مدة طويلة. ووفقا لاستطلاع أجراه مركز المشاريع الخاصة الدولي في الشهر الماضي، فإن 78 بالمئة من أصحاب مؤسسات الأعمال العراقيين الذين جرى الاتصال بهم يتوقعون أن ينمو الاقتصاد العراقي نموا كبيرا خلال العامين القادمين. ومع تحسن الوضع الأمني وزيادة الإنفاق الحكومي، يتوقع صندوق النقد الدولي نمو إجمالي الناتج القومي العراقي بنسبة 7 بالمئة بصورة حقيقية هذا العام، في حين تمت السيطرة على التضخم. ولا يزال الدينار العراقي قويا بينما بدأ المصرف المركزي في تخفيض معدلات الفائدة.
وقد تم تخصيص مبلغ 13 بليون دولار في ميزانية العراق للعام 2008 لإعادة الإعمار، وستستثمر ميزانية إضافية بمبلغ 5 بلايين دولار هذا الصيف عائدات التصدير في بناء البنية الأساسية وتوفير الخدمات التي تمس حاجة العراق إليها. وسيفيد هذا الإنفاق الولايات المتحدة أيضا – فقد أعلن العراق مؤخرا قراره شراء 40 طائرة تجارية من الولايات المتحدة بتكلفة تبلغ نحو 5 بلايين دولار.
وفي الوقت الذي اكتسب فيه العراق موارده المالية التي يحتاجها لعمليات البناء الأساسية عن طريق إنتاج النفط وتصديره، تحول اهتمامنا الأساسي إلى تطوير الإمكانيات والتأكيد على تطور ما بعد الحركة وذلك من خلال شبكة فرقنا الخاصة بإعادة إعمار المحافظات. فقد انتهى عهد مشاريع البنية التحتية التي تمولها الولايات المتحدة. فنحن نسعى إلى ضمان أن تعمل مساعدتنا من خلال المشاركة مع العراق في زيادة موارد العراق الخاصة. وقد عكفت فرقنا لإعادة إعمار المحافظات التي يبلغ عددها 25 العاملة في العراق على تحسين الحكم في المحافظات والحكم المحلي وخاصة بالنسبة لوضع الميزانيات وتطبيقها. وهي تساعد أيضا في إقامة الروابط الضرورية جدا بين حكومات المحافظات والحكومة الفدرالية. ولفرقنا لإعادة الإعمار دور كبير في بناء الطاقات، ولذلك نحن نعمل على ضمان استمرار حيويتها في الوقت الذي تتم فيه إعادة نشر قواتنا. وللمبالغ الضئيلة التي توزعها تلك الفرق بموجب مخصصات الاستجابة السريعة تأثير كبير في المجتمعات المحلية، ولذا فإن دعم الكونغرس هام كما هو هام بالنسبة للبرامج الحيوية في طلب الميزانية الإضافية للسنة المالية 2008 للحرب العالمية على الإرهاب.
يتزايد استخدام العراق لموارده الخاصة بتمويل المشاريع والبرامج التي وضعناها نحن. وقد خصص مبلغ 200 مليون دولار لتمويل برنامج لتوفير التدريب المهني للمواطنين المحليين المهتمين الذين وقفوا معنا في بناء قوات الصحوة. وقد ساعد مستشارونا للمساعدة الفنية في تصميم الإجراءات الجديدة لنظام المشتريات لوزارة النفط العراقية. كذلك وضعنا المواصفات الفنية التي ستستخدمها شركة النفط العراقية التي تملكها الحكومة لبناء أرصفة ومنصات جديدة لتصدير النفط وخطوط أنابيب تحت الماء تقدر تكاليفها بأكثر من بليون دولار. وفي بغداد تقدمت البلدية خلال الشهور الثلاثة الماضية لتولي عقود عمالة تبلغ قيمتها 100 مليون دولار كنا نحن نقوم بتمويلها بموجب برنامج استقرار المجتمع.
الاقتصاد العراقي هش، شأنه في ذلك شأن الكثير من الأمور في العراق، مكاسبه قابلة للتعثر والانعكاس، والتحديات القائمة في المستقبل كبيرة. ولذا فإن العراق بحاجة إلى استمرار تحسن إمكانياته الحكومية والموافقة على قانون النفط على المستوى القومي للبلاد وإلى زيادة إنتاجه من الطاقة الكهربائية وتوزيعها وتحسين البيئة بالنسبة للاستثمارات الأجنبية والمحلية وإيجاد الأعمال والوظائف للمدى القصير والطويل ومعالجة المشاكل الهيكلية والاقتصادية للنظام الزراعي الحيوي. ونحن بدعم من شركائنا الدوليين بما في ذلك الأمم المتحدة والبنك الدولي، سنساعد العراقيين في معالجة جدول الأعمال الحافل بالتحديات هذا.
الحراك الديناميكي الإقليمي والدولي
عملنا إلى جانب الطفرة الأمنية في العام الماضي على بدء طفرة دبلوماسية – انصبت على تعزيز نشاط الأمم المتحدة في العراق وترسيخ اتفاق الميثاق الدولي مع العراق وإنشاء عملية الجيران الموسعة التي تعمل بمثابة فريق اتصال لدعم العراق.
وقد اغتنمت الأمم المتحدة فرصة تمديد الانتداب الممنوح لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق لزيادة مدى نشاطها وحجم موظفيها. وتقوم بعثة الأمم المتحدة للمساعدة تحت قيادة نشيطة جديدة بدور هام في التحضير لانتخابات المحافظات وذلك عن طريق تقديم المساعدات الفنية لحل النزاعات القائمة حول الحدود المحلية. كذلك أعادت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين موظفيها الدوليين إلى العراق للمساعدة في عودة النازحين في الداخل واللاجئين. ويوفر الميثاق الدولي مع العراق إطارا يستمر خمس سنوات لإصلاح العراق اقتصاده وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي الذاتي مقابل الإعفاء من عبء الدين المستحق من عهد صدام. ويجري الإعداد حاليا لعقد اجتماع لمجموعة الميثاق الدولي على المستوى الوزاري في السويد في الشهر القادم. وكانت 74 دولة ممثلة في اجتماع الميثاق الذي عقد في مصر في العام الماضي.
ويدرك جيران العراق أيضا أن لهم مصلحة كبرى في مستقبل العراق. وقد استضافت تركيا في تشرين الثاني/نوفمبر المؤتمر الثاني لجيران العراق، وستستضيف الكويت المؤتمر الثالث في وقت لاحق من هذا الشهر. ويضم المؤتمر بالإضافة إلى كل جيران العراق الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية ومجموعة الدول الثماني الصناعية.
لم يكن التأييد من العواصم العربية قويا – ولذا يجب أن يتحسن من أجل مصلحة العراق ومصلحة المنطقة. وقد قوبل بالترحيب إعلان البحرين مؤخرا أنها ستعيد سفيرها إلى بغداد، وعلى الدول العربية الأخرى أن تحذو حذوها. صحيح أن العراق بلد متعدد القوميات لكنه أيضا عضو مؤسس للجامعة العربية وجزء لا يتجزأ من العالم العربي. وقد استضاف العراق في الشهر الماضي مؤتمرا لاتحاد البرلمانيين العرب جمع رؤساء المجالس النيابية والاستشارية العربية في العراق في أول اجتماع عربي هام هناك منذ العام 1990. ومن الجدير بالذكر أن الاجتماع عقد في إربيل في المنطقة الكردية، تحت العلم العراقي الذي أعيد تصميمه مؤخرا، حيث دلل المؤتمر على الازدهار الملحوظ والاستقرار اللذين تتمتع بهما المنطقة الكردية بحضور الحكومة الفدرالية. وأملنا أن يساعد هذا الحدث على مشاركة عربية أكثر نشاطا وفاعلية مع العراق ونتوقع أن تلقى جهود رئيس الوزراء [نوري] المالكي ضد المليشيات الشيعية المتطرفة في البصرة تأييدا عربيا.
لقد أدى وجود حزب العمال الكردي الإرهابي في الجبال النائية عند الحدود التركية إلى قيام توتر بين تركيا والعراق وأدى إلى قيام تركيا بعملية عبر الحدود في شباط/فبراير، بما فيها دخول قوات برية تركية إلى العراق. وقد عملت حكومتا البلدين في الوقت ذاته على تنقية أجواء العلاقات بينهما وقام الرئيس (جلال) الطالباني بزيارة ناجحة إلى تركيا في آذار/مارس.
سورية، من جهتها، تلعب دورا متناقضا. فقد شهدنا دلائل على قيامها بجهود لاعتراض بعض المقاتلين الأجانب الساعين إلى دخول العراق عبر أراضيها، لكنه ما زال هناك آخرون يعبرون حدود سورية التي تستضيف أيضا أفرادا يقومون بتمويل ودعم التمرد العراقي.
وإيران ما زالت تقوض جهود الحكومة العراقية الرامية إلى إقامة دولة مستقرة آمنة وذلك عن طريق تمكين وتدريب عناصر المليشيا الإجرامية التي تقوم بأعمال العنف ضد قوات الأمن العراقية وقوات الائتلاف والمدنيين العراقيين. وقد تبين مدى تأثير إيران الضار بشكل مؤثر عندما اشتبكت عناصر المليشيا التي سلحتها ودربتها إيران مع قوات الحكومة العراقية في البصرة وبغداد. وكان الرئيس (بوش) عندما أعلن عن الطفرة قد تعهد بملاحقة شبكات القتل المدعومة من إيران في العراق وتدميرها. ونحن نعرف الآن أكثر من أي وقت مضى عن تلك الشبكات وعن فيلق القدس الذي تتبناه. ونحن نؤيد في الوقت ذاته قيام علاقات بناءة بين إيران والعراق ونشارك في عملية ثلاثية الأطراف لبحث الوضع الأمني في العراق. وقرار الخيار عائد لإيران الآن.
التطلع إلى الأمام
السيد الرئيس، إن كل ما يتعلق بالعراق أمر صعب. وسيستمر الوضع صعبا طالما ظل العراقيون يكافحون لإصلاح الضرر الذي أحدثته جراح 35 سنة من حكم البعث الاستبدادي. غير أن الصعوبة لا تعني فقدان الأمل، وما العملية الاقتصادية والسياسية التي شهدتها الشهور القليلة الماضية سوى شاهد هام. غير أنه يجب عليّ أن أبين أن تلك المكاسب هشة ويمكن أن تزول. وقد استثمر الأميركيون وضحوا بالكثير في العراق من دم ومال، ومن حقهم أن يسألوا عن استحقاق ذلك وعن ما إذا كان قد آن الأوان لكي نتخلى ونترك العراقيين يدافعون عن أنفسهم. إن العراق يملك إمكانية التحول إلى ديمقراطية مستقرة آمنة متعددة الأعراق متعددة الطوائف في ظل حكم القانون. أما تحقيق تلك الإمكانية فعائد للشعب العراقي في نهاية المطاف. إلا أن دعمنا سيبقى أساسيا. وقد قلت في أيلول/سبتمبر إنني لا أستطيع أن أضمن النجاح في العراق. وهكذا ما زال الحال الآن على الرغم من أننا أصبحنا الآن أقرب إلى ذلك. وأنا ما زلت عند قناعتي بأن تغييرا أساسيا في تعاطينا الحالي في العراق سيؤدي إلى الفشل، ولذا يجب أن نكون صريحين مع أنفسنا بالنسبة لما سيعنيه الفشل.
إن القاعدة متراجعة في العراق، لكنها لم تنهزم بعد. وقادة القاعدة يتربصون بأي فرصة يمكنهم استغلالها. وقد وصف أسامة بن لادن العراق بأنه 'القاعدة المثالية'، وهذا يذكرنا بأن الهدف الأساسي للقاعدة هو أن ترسخ نفسها في العالم العربي. وكانت على وشك النجاح في العراق، ولذا لا يسعنا أن نمنحها فرصة ثانية.
لن تكون القاعدة وحدها المستفيدة – فإيران قالت علنا إنها على استعداد لملء أي فراغ ينشأ في العراق، وتعود المليشيات الشيعية المتطرفة من ثم في تأكيد ذاتها. وقد شهدناها في البصرة وبغداد قبل أسبوعين. وفي كل هذا، الشعب العراقي هو الذي سيعاني على نطاق يتجاوز كل ما شهدناه حتى الآن. وقد يؤدي تصاعد العنف إلى جر الجيران إلى عواقب مدمرة للمنطقة والعالم.
السيد الرئيس، على الرغم من الأهمية البالغة لأحداث العراق في السنوات الخمس الماضية، فإن العراقيين والأميركيين والعالم سيحكمون علينا في نهاية المطاف من خلال ما سيحدث وليس على أساس ما حدث. وسيكون ما نخلفه عندما نغادر في النهاية أهم من كيفية مقدمنا. إن نهجنا الحالي نهج صعب لكنه ناجح. فالتقدم حقيقي رغم هشاشته، وعلينا أن نبقى معه ونلازمه.
سنستمر في الشهور القادمة في مساعدة العراق على اتخاذ مزيد من الخطوات نحو المصالحة والوفاق والتنمية الاقتصادية. وهذا يصبح على مر الوقت وبشكل متزايد عملية عراقية محضة كما ينبغي لها أن تكون. وستتركز جهودنا على زيادة تلاحم العراق واندماجه إقليميا ودوليا ومساعدة المؤسسات العراقية المحلية والقومية في تعزيز العملية السياسية وتوسيع النشاط الاقتصادي ودعم جهود الأمم المتحدة حينما يجري العراق انتخاباته المحلية قريبا من نهاية السنة. وستتطلب تلك الجهود التزاما مدنيا متزايدا ودعما مستمرا من الكونغرس والشعب الأميركي.
وختاما سيادة الرئيس، أريد أن أقدّر وأشكر كل أولئك الذين يخدمون بلدنا في العراق، من عسكريين ومدنيين. فشجاعتهم والتزامهم قد استحقا، بتضحياتهم الكبيرة، إعجاب الشعب الأميركي بأسره، وإعجابي أيضا، ولي الشرف أن أكون بينهم
تعليقات