من حق الشعب استبدال الحكومة المعوقة لتحقيق أهدافه.. برأي طارق المطيري
زاوية الكتابكتب أغسطس 12, 2012, 8:44 م 1120 مشاهدات 0
الكويتية
أما بعد / من وحي وثيقة إعلان الاستقلال الأمريكي
طارق نافع المطيري
«ونحن نرى أن الحقائق الآتية بديهيات: إن الناس قد خلقوا متساوين، وإن الخالق منحهم حقوقا أصلية لا يمكن التخلي عنها، ومن هذه الحقوق: حق الحياة والحرية والسعي وراء السعادة، ولقد أنشئت الحكومات من أجل نيل هذه الحقوق، فاستمدت قوتها من رضا المحكومين.
ولذا، من حق الشعب أن يستبدل بالحكومة التي تعيق السعي إلى تحقيق هذه الأهداف حكومة جديدة تقوم على هذه المبادئ (من وثيقة إعلان الاستقلال الأميركي سنة 1776م).
لقد سطرت تلك الوثيقة قيما رائعة وحقوقا كما وصفتها «بالبديهيات»، والتي عرفتها أمة تختلف ثقافتها عن ثقافتنا ومرجعيتها عن مرجعيتنا وتاريخها عن تاريخنا، إلا أن قارئ تلك السطور لا يساوره الشك بأن كل ما ورد فيها هو من صميم ثقافتنا ومرجعيتنا وتاريخنا.
لقد ابتليت أمتنا بأنظمة وحكومات حرفت ما تعارفت عليه الأمم الحرة على أنها «بديهيات»، وجعلت من مجرد المناداة والمطالبة بتلك الحقوق البديهية جريمة يعاقب عليها ما ادعوا وزعموا أنها دساتير وقوانين، بل الأدهى والأمرّ أنهم صنعوا منها شعوبا انتكست فطرتها وقيمها ومبادئها، حتى أصبحوا هم أنفسهم يدافعون عن تلك الأنظمة المستبدة، وبأنفسهم يحاربون ما هو حق بديهي لهم!
فتخيلوا حجم الجريمة والانتكاسة حين تنبري فئة من الشعب لتحارب حقها في اختيار حكومتها التي تمثلها وتنتخبها بنفسها، بل هم يصفون من ينادي بحقهم بأنه خائن وانقلابي وكافر بالنعمة!
ويا لفرحة تلك الأنظمة بأولئك المتطوعين في الدفاع عن حالة بؤسهم وضنك عيشهم، يا لفرحتها بشعب تقطع عنه الكهرباء وتلوث له الهواء، وتسيء معاملته وتضربه، وتسرق أمواله، وتعرضه لخطة المعالجة في مستشفيات تجلب الأمراض لا تداويها، بل إنها تمنّ عليه حين يأخذ شيئا يسيرا من ماله وطعامه، فيكون واجبا عليه الشكر لتلك السلطة المنعمة!
وواهم وحالم من اعتقد بأن كل ذلك التذلل من الشعوب والخضوع يرضي غرور تلك الأنظمة ويشبع غرائزها الوحشية البدائية، فتلك الأنظمة -رغم ما تلقاه من سكينة الشعوب وانشغالها بمعاشها وتدابير يومها- فإنها تبقى قلقة متوجسة من استفاقة الشعب وصحوته التي لطالما ساندتها حركة التاريخ ونواميس الخالق وقواعد الكون، فتعمد إلى تمزيق المجتمع وتفتيت وحدته وضرب مكوناته ونهش لحمته، وإن صاح في ذلك المجتمع صوت المنبه والمنذر بسوء العاقبة بادرت إلى كتمه وإخفائه وإنهائه، حذرا من أن يستمع الناس لنداء العقل والضمير، ولكن، هل يؤتى الحذر إلا من مأمنه؟!
وهكذا تكون الأمور، ومن حذر تلك الأنظمة ومحاولاتها الأولى للبطش بمخالفيها المنادين بتلك البديهيات تبدأ عجلة التاريخ بالدوران، كما حددتها نواميس الكون وقوانينه، فيبدأ سخط الناس وشحن نفوسهم وتعاظم الغضب في صدورهم، وما هي إلا شرارة تولع فيها مجاميع من الناس عملت تلك السلطة الغشوم على جعلها أكواما من القش لا وزن لها ولا قيمة، فأصبحت مادة حريق تبدأ أول ما تبدأ بحرق ذلك المستبد، وعندها تحدث الثورة.
تعليقات