ياسر الصالح: لهذه الأسباب الشيعة مع الدستور!
زاوية الكتابكتب أغسطس 5, 2012, 9:22 م 2088 مشاهدات 0
الكويتية
الشيعة.. بين رمضاء الحكومة ونار الأغلبية
د. ياسر الصالح
لو قدّر أن يتم إجراء استقراء للساحة الشعبية الشيعية عن موقفها وموقعها في الساحة السياسية المحلية، لكان جوابها أنها مع الدستور وضد كل تعدّ عليه، لأنها ترى أن خير ضمان لحقوقها هو التطبيق الصحيح للدستور، ولذلك فإن اصطفافاتها محكومة بهذه القاعدة المهمة، وأن قربها من التوجهات والجهات في الساحة السياسية يكون بناء على تشخيصها لقرب أو بعد والتزام هذه التوجهات والجهات بالدستور.
من هذا المنطلق اصطفت أغلبية الساحة الشيعية مع المعارضة في فترة ما قبل أزمة التأبين، حيث كانت ترى مصداقية طرحها الدستوري، ولكن بعد انفضاح حقيقتها وجدت الساحة الشيعية أنها أقرب إلى بعض التوجهات في السلطة، وتحديدا توجه الشيخ ناصر المحمد، منها للمعارضة، وهذا التقارب لم يعنِ الرضى التام عن توجهاته، بل كان الأمر تفضيليا له على غيره من التوجهات في السلطة والمعارضة.
تقارب الساحة السياسية الشيعية مع الشيخ ناصر المحمد لم ينعكس بشكل إيجابي ملموس على القاعدة الشعبية لهذه الساحة، بل ظلت تعاني التمييز، كما كانت الحال عندما كانت في المعارضة، وأخذت الأصوات تتعالى في هذه الساحة، داعية إلى فك الارتباط مع الشيخ ناصر المحمد، ولكن التطرف في الخطاب الطائفي بعد أحداث البحرين الذي ظهر بقوة في المعارضة، التي سميت لاحقا بالأغلبية، والذي أبرز توجه هذه المعارضة كحاضنة لرموز الطائفية والتكفير في البلد، وارتباطها الواضح بقوى إقليمية طائفية وتكفيرية، هذا الواقع كان حاسما في إبقاء بل تقوية اصطفاف الساحة الشيعية شبه الكامل مع التوجه الحكومي، وكان داعما رئيسا للسلطة ضد توجهات الأغلبية الانقلابية على الدستور وتقليص صلاحيات الأسرة الحاكمة في الحكم.
بعد أن تمت الإطاحة بحكومة الشيخ ناصر المحمد وظهور رجاحة للأغلبية، مع توجه السلطة الذي أمسك بالحكومة وجدت الساحة الشيعية نفسها في موقع أقرب إلى العزلة، وبدأ النقاش داخلها في القراءات والخيارات المطروحة، فإذا بنتائج قبول الضباط في الحرس الوطني التي ظهرت أخيرا لتحسم النقاش، ولتبلغ رسالة قوية وقاسية لهذه الساحة، بأنه رغم دفاعها عن الحق الدستوري في ما يخص الحكم فإن التوجه الحكومي سيظل تمييزياتهميشيا، كما كان.
إن ظهور أصوات في الساحة السياسية الشيعية تدعو إلى التقرب من الأغلبية المعارضة المنحلة لا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد، فلا يمكن أن يتم اللجوء إلى نار الطائفية والتكفير وانتهاك الدستور، حتى إن كان الطرف الآخر يمثل رمضاء التمييز والتفرقة.
الساحة الشيعية مدعوة لإعادة هيكلة وإعادة تنظيم لمجمل متبنياتها ومنهجها السياسي المحلي الذي تنازلت فيه ببرغماتية عن حقوق المواطنة المتساوية التي كفلها الدستور، وبذلك توصل للسلطة بأن الدستور كل واحد لا يتجزأ، وخرقه في مواد المساواة في حقوق المواطنة يعني في الوقت نفسه والدرجة خرقه من قبل الخارق في المواد الأخرى، فمن يخرق الدستور في جزئه فقد خرقه كله.
تعليقات