الاكتفاء بالنصائح النظرية أضاع أمماً أكبر من الخليج.. الزامل منبهاً
زاوية الكتابكتب أغسطس 2, 2012, 9:06 م 892 مشاهدات 0
الأنباء
كلام مباشر / 'تبغي السمن.. فلقيت حتفها بذلك السمن'
فيصل الزامل
تأثرت «التركيبة السكانية» في دول الخليج بظاهرة الهجرة الواسعة بسبب وفرة فرص العمل وكثافة المشاريع التي تطرح في وقت واحد في هذه الدول حتى بلغت نسب قوة العمل في دول مثل الإمارات وقطر عام 2010 (6% مواطنين، 94% أجانب) هذا الأمر يتطلب النظر في المستقبل السياسي لهذه الدول، حيث لا يمكن فصل النظام السياسي الملائم لأي دولة عن وضعها الداخلي من جميع نواحيه السكانية والاقتصادية والثقافية، وهي المعاناة التي لم تسلم منها حتى الولايات المتحدة، حيث تمثل شريحة المهاجرين الاسبان 30% من السكان معظمهم لا يتكلم الانجليزية وليست له روابط ثقافية كافية بهذا البلد مقارنة ببلده الأصلي، ومع ذلك فإن له ثقلا سياسيا كبيرا عبر الانتخابات، فإذا كان هذا حال دول بهذا الحجم فما هو مستقبل دول خليجية مثل الإمارات وقطر ـ في حال العمل بأنظمة انتخابية ـ والتي ستجد نفسها خلال سنوات، وقد تغير وضع المهاجرين الذين نزحوا إليها لأجل العمل بينما هم لايزالون يحتفظون بهوياتهم ومساكنهم في الهند أو بقية دول العالم، إلا أن المتغيرات الجديدة ستتيح لهم الحصول على جنسية إضافية ليصبح المواطن الجديد مزدوج الجنسية بغير أن يفصح عن الأولى بالطرق المعروفة لدينا جيدا في الكويت.
في ظل العملية الانتخابية فإن التنافس الانتخابي بين أبناء البلد «أنفسهم» سيدفع كل شريحة منهم للبحث عن الأقرب إليه من بين هؤلاء المهاجرين والعمل على تجنيسهم، خصوصا أن شريحة كبيرة من هؤلاء المهاجرين هم من كبار رجال الأعمال في الإمارات وغيرها، وهي تعرف جيدا «قيمة» الحصول على جنسية البلد الجديد في الحصول على الأراضي وإقامة مشاريع ضخمة، مثلما حدث في سنغافورة، حيث لم تمض إلا سنوات قلائل حتى صار أهلها «الملاي» أقلية لا تذكر وانحصرت أعمالهم التجارية في مسالخ اللحوم والبقالات الصغيرة وتسببت الكثافة السكانية للصينيين في إجراء تصويت لصالح انفصالها عن الوطن الأم ماليزيا، ومن يستبعد حدوث ذلك في الخليج فعليه ألا يستعجل، ولينظر حوله!
البعض يكتفي بتوجيه نصائح نظرية بغير النظر مليا في الواقع، ويتعامل مع سلبيات الوضع الحالي بطريقة انقلابية وليست إصلاحية لا تشوبها تأثيرات جانبية كثيرا ما عصفت بالهدف الجليل الذي تحرك بسببه المصلحون، ولنأخذ مأساة أفغانستان الطويلة التي بدأت بانقلاب قاده عام 1973 محمد داود ضد الملك ظاهر شاه رغم أنه بدأ إصلاحات جذرية بإصداره دستور 1964 الذي تحسنت معه الحريات العامة، ثم.. لم تمض 5 سنوات حتى تم اغتيال محمد داود وتوالت القلاقل التي شجعت موسكو على غزو البلاد في ديسمبر 1979 ثم حروب متوالية لم تنته حتى اليوم، وقد كانت البداية هي في نية طيبة لم تجد آذانا صاغية، ما يؤكد الحاجة الى الكثير من بعد النظر والعمل المتأني البعيد عن الخفة والعجلة، فالنتائج ليست خسارة مشروع، بل ذوبان دول، وضياع أمم أكبر كثيرا من دول الخليج!
كلمة أخيرة: قال عمر رضي الله عنه لما أقبل الناس يبايعونه: «لو علمت أن أحدا من الناس أقوى على هذا الأمر مني لكنت أقدم فيضرب عنقي أحب إلي من أن أليه».
وكتب يوما الى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: «أما بعد، فإن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته، وإن أشقى الرعاة عند الله من شقيت به رعيته، إياك أن ترتع فترتع عمالك، ويكون مثلك مثل الدابة، نظرت الى خضرة من الأرض فرتعت فيها تبغي بذلك السمن، فلقيت حتفها بذلك السمن».
تعليقات