سعي لإمساك نمر الائتمان من ذيله ..بقلم صامويل بريتان

الاقتصاد الآن

773 مشاهدات 0


إنكم تعرفون القصة القديمة للطفل الذي تعلّق بذيل النمر، فإذا نجح في التشبت به، فالله يعلم إلى أين سيأخذه النمر، وإذا أفلته، فقد يلتهمه النمر. هذه الاستعارة طُبقتْ في الأصل على مشكلات الاقتصاد التضخمي من قِبل فريدريك هايك، المعروف حالياً بالاقتصادي المفضل لدى مارغريت تاتشر. وإذا سُمح للتضخم الجامح بالاستمرار، فإنه قد يدمّر الاقتصاد، في حين لو سُمح له بالحدوث، فإنه قد يُحدِثُ كساداً اقتصادياً شديداً.

وبحلول الوقت بدأ هايك يوظّف هذه الاستعارة، فأصبح في الأساس فيلسوفاً سياسياً؛ ولم يدخل في تفاصيل حول العملية التضخمية أو السبل المحتملة الممكنة للنجاة. ويفعل ريتشارد دنكان هذا بكثرة، ولا سيما فيما يتعلق بالمهمة الأولى للتشخيص، ومما لا شك فيه أنه يتمتع بخبرة عملية، حيث درس الاقتصاد والمالية وهو الآن كبير الاقتصاديين في شركة بلاك هورس إنترناشونال منجمنت.

ويبتعد عن خبراء النقد في توجيه اللوم إلى التحميل الزائد، بل النمو المتقلب للائتمان، الائتمان وليس المال. ما زلت أتذكر ميلتون فريدمان وهو يؤنّب تلاميذه على الخلط بين المال والائتمان، واعتدت التساؤل عن الهرج والمرج اللذين كانا حول هذا الشأن حيث إن كليهما يمثلان وجهين متناقضين للميزانية العمومية المجمعة للمصارف، حيث تفصل بينهما بعض الشكليات الحسابية القليلة. ويشير دنكان إلى أن الائتمان، في شكل أغرب الأوراق المالية الجديدة على الإطلاق، قد أخذ طريقه نحو حياته الخاصّة.

ومن المدهش هو كيف سبق كلاً من انهيار 'وول ستريت' في عام 1929 والأزمة المالية لعامي 2007-2008 انفجار ائتماني ضخم. حيث قفزت ديون سوق الائتمان باعتبارها حصة في الناتج المحلى الإجمالي الأمريكي من نحو 160 في المائة في منتصف العشرينيات إلى 260 في المائة في عامي 1929-1930، وبعد ذلك تعرّض لهبوط حاد في الثلاثينيات فعاد إلى موضعه الأصلي. وأخيراً ارتفع مرتين بعد عام 1980 فبلغت النسبة 350 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2008. (إن أفضل الرسوم البيانية لهذا ستظهر في كتاب جديد، اليد الخبيثة للأسواق The Malign Hand of the Markets تأليف جون ستادون)، وينسب دنكان هذا الائتمان إلى قرار الرئيس لندون جونسون عام 1968 لقطع آخر الصلات الموجودة بين الدولار والذهب، ولكن هذا الفرضية من الصعوبة أن تتناسب مع الانفجار الذي حدث في عشرينيات القرن الماضي عندما اعتمد الدولار على معيار الذهب. وعلى الرغم من ذلك، فإن مؤشرات العرض التقليدي للنقود لا يزال لديها قيمة تشخيصية. ولقد رسم الدكتور ستيفهانكي بجامعة جون هوبكنز بعض الرسوم البيانية التي تظهر أن الدول التي تعاني أشد الركود الاقتصادي قد عانت هبوطاً كبيراً أدنى من التوجّه الموجود بأرقام نقود بمفهومها الواسع. ولإعادة الولايات المتحدة والمملكة البريطانية إلى المسار، يجب أن تقفز النسبة إلى نحو 10 في المائة، وبنسبة 20 في المائة فيما يتعلق بحالة إيرلندا وإلى 30 في المائة بالنسبة لحالة اليونان. وفي جميع الحالات، الأرقام القليلة تعكس نهوضاً من انفجار حدث في السنوات الأخيرة، حيث إن الفرق بين الصقور والحمائم هو أن الأول يود العودة إلي وقت قبل حدوث الإفراط النقدي والائتماني، في حين الأخير يعتقد في البدء مما نحن عليه الآن.

ولا يتناسب دنكان بسهولة مع أي من هؤلاء، فهو يعتقد كعديد الآخرين بألا يمكن للائتمان الاستمرار في النمو بالنسب التي كانت موجودة قبل عام 2008، ولكن أي صقر يتوقع منه أن يتجادل حول تقشف مالي أو شن حملة قمع مالي سيكون أمراً مخيباً للآمال، وهو واضح جلي كأي كينزي في القول إن 'التقشف يعني الانهيار.' ويرى أنه لا توجد احتمالية واقعية للاستيلاء على الاستهلاك الخاص أو الاستثمار في الأعمال التجارية من قِبل الحكومة الفدرالية الأمريكية باعتباره مصدراً لنمو الطلب. وفي حالة ما أُريد تجنب حالة ركود كبير، ينبغي أن تستمر المحفزات المالية. وهنا يتم فعل شيء مفاجئ وغير متوقع، حيث يفضل مناصرة محفز جديد وهذا ليس لتشجيع الاستهلاك الخاص ولا لنفقات الحكومة على القطاع العام، ولكن لما وصفه بمبادرة أمريكا الشمسية لاشتقاق الطاقة من الشمس.

وسواء أكانت هذه فكرة قيمة لا أتظاهر بأنني أعرفها، ولكني أخشى أنني أشك في وثائق المؤلف حول الجهر بهذا الموضوع. لقد كانت لديه فكرتان رائعتان في السابق، الذي يشتكي من أنهما لقياً تجاهلاً: رفع الحد الأدنى للأجور عالمياً واستثمار الحكومة الأمريكية بمبلغ يصل ثلاثة تريليونات دولار في 'تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين على مدار عشرة أعوام' وأميل إلى ذكر مرة أخرى كلمات قريبتي البعيدة لزوجها الغني: 'لا تتحدث عن أشياء لا تعرفها'. وعلاوة على ذلك كعديد من الكتاب الأمريكيين، ليس لدى دنكان أي طرح سياسي لهؤلاء الذين من سوء حظهم عاشوا خارج الولايات المتحدة.

وماذا بعد؟ يبدو على المؤلف إيمانه بأن سياسات الحوافز التقليدية ستشمل التضخم الجامح والركود الذي يزداد عمقاً أو كليهما. ومع هذا فما الخطأ البحث عن حافز معقول للمساعدة على إعادة إحياء نمو غير تضخمي، والاستمرار فيه حتى استعادة الموازنة العمومية الشخصية بما فيه الكفاية ليستمر نمو الاستهلاك الشخصي؟ وهذا قد يجمع إصلاحاً صارماً بشكل كافٍ للمؤسسات المالية حتى تصبح عملية تكرار التجاوز الائتماني السابق أقل احتمالية.

 

 

الآن:فاينانشال تايمز

تعليقات

اكتب تعليقك