المطلوب: وكيل رخيّص بقلم سليمان محمد المنديل

الاقتصاد الآن

849 مشاهدات 0



تبيّن لعدد من أصحاب المعالي الذين عيِّنوا مؤخرًا في وزارات، وهيئات، ومؤسسات حكومية، أن تلك الجهات بحاجة إما لإعادة هيكلة، أو وضع إستراتيجيات جديدة لها، وقد اكتشف أولئك المسؤولون سريعًا أنهم بحاجة إلى وكلاء، ومساعدين جدد، يشتركون معهم في الرؤية، وعندما بدؤوا في البحث، وجدوا أن وظيفة وكيل وزارة (المرتبة الخامسة عشرة)، لم تُعدُّ جاذبة لنوعية العناصر التي يبحثون عنها، فراتب وكيل وزارة هو (18) ألف ريال فقط، ومن يتمنونه، يحصل على أكثر من ذلك، ولذلك لم يُعدُّ أمامهم إلا أن يبحثوا عن قدرات أقل، «لأن الجود من الموجود»، ومن ثمَّ فإن العطاء المتوقع أقل!!

استطيع أن أفتي في هذا الموضوع، لأنني كنت وكيل وزارة، قبل عشرين سنة، وكان أعلى راتب شهري حصلت عليه هو مبلغ (16) ألف ريال، وكان علي تحمّل تخصيص ميزانية لشراء المشالح للمناسبات الرسمية، بألوان مختلفة، وكان علي استقبال مستخدمي الوزارة السعوديين في كلِّ عيد، وكل منهم يتوقع إكرامية من «سعادة الوكيل»!!

المحصلة النهائية لكل ذلك هي أننا اليوم نطلب الكثير من المسؤول الحكومي، ونتوقع منه الإخلاص، ولكن راتبه لا يمكن أن يجعله مرتاحًا، وربما أسوأ من ذلك، فهو ينتهي بأن يكون أحد شخصيتين، إما «عبيطًا، وأمينًا»، ومن ثمَّ سيعاني في عمله، وينعكس ذلك على أدائه، أو أن يتحول إلى عنصر فاسد، يحاول الاستفادة من منصبه، وذلك، مع الأسف، هو الاحتمال الأقرب!!

للمعلومية: وبالرغم من التعتيم على المعلومات التي تتعلّق بعدد موظفي الحكومة، ومخصصاتهم، فالتقديرات تشير إلى أن عدد موظفي الحكومة هو أكثر من مليون موظف، وكلفتهم السنوية هي أكثر من مائتي بليون ريال، وذلك المبلغ قابل للزيادة سنويًا، وهذا يعني أن من الضروري ترشيد العمل الحكومي، بحيث يكون لدينا عددٌ أقل من الموظفين، ولكنهم يكونوا مكرمين ماليًا، وفي نفس الوقت يمكن استخدام بعض تلك الميزانية الضخمة لإعادة تأهيل من لا تحتاجهم الحكومة كموظفين، لذلك لو طبَّقت الحكومة الإلكترونية، وتم إيكال الأعمال للآخرين، وذلك من خلال التركيز على دعم القطاع الخاص في أهم قطاعين منهكين للحكومة، وهما قطاعا التَّعليم، والصحة، فكل ذلك سيفضي إلى قطاع حكومي نشط، ومنتج، ومجدٍ.

هنا أتمنى على مجلس الشورى، أن يعلن المعلومات التي يعرفها عن كلفة الجهاز الحكومي، وعدد الموظفين، وأن يضع اقتراحات لخفض العدد، والكلفة، وأن توجه الوفورات، لتوجيه فائض الموظفين إلى القطاع الخاص، بعد تدريبهم، وتأهيلهم، ولا يفوتني التذكير أنه من دون ذلك، فنحن نراهن على بقاء أسعار البترول مرتفعة، لاستمرار الوضع الحالي، وتأجيل القرارات الصعبة، التي علينا اتخاذها.

أخيرًا إن كان من بين القراء من يرغب في وظيفة وكيل وزارة، فإنني على استعداد لتقديمه إلى أحد أصحاب المعالي، ولكن عليه أن يحدد في سيرته الذاتية، عمّا إذا كان «عبيطًا، وأمينًا»، أو غير ذلك!!

الآن:الجزيرة

تعليقات

اكتب تعليقك