أسرار كونية: سبب تكاثر 'الجامية' ومسّاحة الجوخ!

زاوية الكتاب

كتب 1584 مشاهدات 0


إن كان داروين قد تحدث عن التطور الجيني وآلياته، فأنا لست عن إهتماماته ببعيد، أنني في هذا المقال سأتحدث عن التغيرات الثقافية ودوافعها ونتائجها ومستشهداً على سبيل المثال بالفرقه الجامية ومسّاحة الجوخ شارحاً سبب تكاثرهم وإنتشارهم!
داروين والتطور الجيني:
إكتشف داروين أن هناك تطوراً جينياً يطرأ على بعض الكائنات الحية نتيجة تغير الظروف المحيطة بها وإن قدرة هذه الكائنات على البقاء منوطة بمدى قدرتها على التكيف مع الظروف الجديده. إن أي كائن حي لا يستطيع التأقلم مع الظروف المستجده فإن سلالته مهدده بالإنقراض. وإذا تحدثنا على صعيد الكائنات الحية، فإن الإنسان هو أكرمها وأفضلها بسبب نعمة العقل. إن هذا الامر يعني أن هناك أمراً جديداً يطرأ على نظرية داروين والذي يختص بالتغير الثقافي وآلياته على اعتبار ان العقل هو الفارق الوحيد بين الانسان وباقي الكائنات الحية. فإن كان داورين يهتم بالجانب الجيني فإننا سنقوم بطرح فكرة 'التغير وآلياته' بطريقة شمولية وإعتبار نظرية داروين جزء منها، إن الحديث عن الإنسان يعتبر أكثر شمولية من الحديث عن الحيوان على التسليم بأن الثاني جزء من الأول، وبهذا المقال القصير لايمكننا إلا التطرق الى الجانب الثقافي لـمفهوم 'التغير وآلياته'.
الأركان الثلاثة للتغير الثقافي:
أركان التغير الثقافي ثلاثة: قابلية الانسان على التكيف، الظروف الثقافية المحيطة، الانسان أو المنظمة التي تفرض ظروف ثقافية معينة. إن كل إنسان لدية القدرة على التكيف مع الظروف الثقافية المحيطة إلا أن ليس لدى جميعهم القابليه لذلك، وأنا هنا أفرق بين قدرة شخص على الإعتقاد  بأمر ما وبين تقبله للإعتقاد بهذا الأمر. وأما الظروف الثقافية المحيطة فهي البيئة التي تُشكل عقائد المجتمع الدينية والاجتماعية وأن مثل هذه الظروف لايمكن لها أن توجد من غير أن يشكلها شخص ما - قد يكون حاكماً مستبداً- أو مؤسسة حكم وقد تكون أيضاً إستبدادية كاللوبي الصهيوني، وإن هذا الشخص أو هذه المنظمة لا يمكن لهم التحكم بالظروف الثقافية المحيطة لولا نفوذ إجتماعي هائل يملكونه كقوة إقتصادية مثلاً. وإذا أردنا تبسيط الموضوع فليس أسهل علينا من الاستشهاد بـ'الجامية' أو مساحة جوخ السلطة وسبب ظهورهم وتكاثرهم!
ماذا حدث للرجل العربي؟
الكرامة، الحرية، الأنفة، الشجاعة، الفروسية، الزعامة، الغيره، القسوة، جميع هذه المفاهيم كانت تملئ دماغ الرجل العربي في يوم من الايام واليوم تبدلت بـ'اسمع ولو ضربك'، 'الحكومة أبخص'، 'الله يعزهم ولا يعز عليهم'، 'أكل وأحمد ربك' ، 'أنعم يا نعيمه'، وهذا التحول مر بظروف ثقافية معينة فُرضت منذ عهد معاوية رضي الله عنه الى يومنا الحالي وأنتج جيش 'الجامية' الديني و جموع مساحة الجوخ 'الشبعانه'!
'الجامية' نِتاج ظروف سيئة:
لا أشك في أن الحكم الاستبدادي منذ عصر معاوية رضي الله عنه الى يومنا هذا وعلى مدار مئات السنين لا يمكن له إلا أن يفرض ظروف ثقافية سيئة مانحاً نفسه نفوذا كبيرا وعمرا طويلاً، وإن في مثل هذه الظروف السيئة دفعت بنشوء أفكار تدعم بقاء السلطة في دفة الحكم سواء دينياً كما تفعل فرقة الجامية أو إجتماعياً كما يفعل مساحة الجوخ من شتى الأعراق. إن أي فكر يرفض مثل هذه الظروف المفروضة لم يكن لها القدرة على الانتشار وأي حتى البقاء، إن الاشخاص الذين لديهم القابلية على التكيف أخذوا في إزدياد وفكرهم في إنتشار تحت رعاية السلطة، وإذا ما أردنا الامعان في ماهية الأشخاص الذين تقبلوا الظروف السيئة فإننا سنلاحظ أنهم يندرجون تحت فئتين: أشخاص لديهم خلل في العقل (التفكير) أو أشخاص لديهم خلل في الفؤاد (الأخلاق). أما الفئة الاولى فلديهم قدرات قاصرة في التفكير فتقبلوا الوضع بسهوله، والفئة الثانية لديها مشكله أخلاقيه مثل الجبن والخوف فلم يتقبلوا ضريبة رفض الوضع المفروض. إن فرقة 'الجامية' تندرج تحت التصنيف الأول ومساحة الجوخ تحت الثاني!
موروث سيئ:
إن مساحة الجوخ لديهم الكثير من الشواهد التي تؤكد انهم هم الرابحون، هذا إذا ما تحدثنا عن الجانب الاجتماعي، أما عن الجانب الديني، فسيجد أتباع الجامية القدر الهائل من الموروث الديني في حياة السلف والخلف ما يؤكد صحة فكرهم ومنهجهم، فإذا كان 'القرآن حمال وجوه' كما قال علي رضي الله عنه ، فإن حديث الصحابة والسلف والخلف حمال مليون وجه!

طلال عيد العتيبي

 

بقلم: طلال عيد العتيبي

تعليقات

اكتب تعليقك