تصحيح مسار الحركة الإصلاحية
زاوية الكتابكتب يوليو 11, 2012, 12:55 م 2496 مشاهدات 0
تصحيح مسار الحركة الإصلاحية
إن الصحوة المجتمعية التي حدثت في الكويت كان هدفها إحداث تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية، لذلك نددت هذه الصحوة بسيطرة السلطة المطلقة المستمرة التي تفتقر لأبسط أسباب العدالة، وتطلع الشعب الكويتي لتحقيق الديمقراطية الحقيقية، وبدأت مطالبات الشعب تفرض واقع سياسي جديد بإقالة الحكومة الفاسدة وكان من المتوقع أن يتم تشكيل حكومة وطنية كفء تكنوقراط ويتم تفعيل الرقابة الحقيقية بمجلس جديد منتخب تحقيقا لمطالب الحركة الإصلاحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية فتتحقق العدالة.
ولكن أصبحت كل هذه التطلعات والمطالبات الشعبية رهن لما تقوم به السلطة من إجراءات شكلية اعتبرها الشعب غير كافية لتحقيق مطالبه بل اعتبرها انقلاب على الإرادة الشعبية إن صح التعبير، نعم لقد نجحت التحركات المضادة، وكالعادة أي حركة إصلاحية في التاريخ أو أي ثورة أو أي صحوة أو أي فكرة تواجه بتحركات مضادة من المستفيدين وأصحاب المصالح والبطانة العليا الفاسدة وتجمعهم جميعا السلطة.
ويعود الوضع كما كان عليه بل ويزداد سوءا، ولقد رأينا جميع المكتسبات التي حققتها الحركة الإصلاحية في الكويت أطاحت بها الإجراءات الشكلية الخاطئة والتفت عليها السلطة التفاف ماكر يؤدي إلى دخول البلاد في دوامة سياسية وقضائية جدلية ترهق أمال وطموح وتطلعات الشعب، وظن الجميع أنه حدث تغيير وحدث إصلاح ولكن فجأة وجدنا أنفسنا نعود من حيث بدأنا بل بالعكس نعود إلى الوراء بسرعة الصاروخ.
وطالما عاد الشعب الكويتي إلى حيث بدأ مشواره في الإصلاح فعليه أن يبدأ هذه المرة بداية صحيحة وقوية يتلافى فيها الأخطاء التي اقترفها أول مرة وهذا في عدة خطوات:
** أولا: لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتكون حكومة جديدة من رحم حكومة قديمة فاسدة، لأن صانع المشكلة لا يستطيع حلها وهذا ما رأيناه في الحكومة الجديدة التي طمست أدلة إدانة المسئولين وتحايلت على الإرادة الشعبية وستغلت جميع مؤسسات الدولة في النيل من الحركة الإصلاحية نعم هذه الحكومة التي تدير شئون البلاد قد إحدثت كم هائل من التشويش على الإرادة الشعبية والحركة الإصلاحية وعدم وضوح الرؤية التي تتبناها من أجل تحقيق أهداف الشعب وساهمت في بث روح الخوف والقلق والأحباط في نفوس المواطنين وتبنت الحركات المضادة،،، لذلك ينبغي أن نتكاتف من أجل إيجاد حكومة وطنية حقيقية كفء مغايرة تماما للحكومات السابقة ولا تعتبر مسخ من حكومة سابقة فاسدة.
**ثانيا: الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرض لها المجلس المنتخب ورموز الحركة الإصلاحية ولقد رأينا جميعا عناوين الصحف وعلى شاشات القنوات حجم الحملة التي شنتها التحركات المضادة من قبل السلطة التي كان هدفها العصف بالإرادة الشعبية ورموزها وإظهارهم أصحاب فتن والقلاقل واتهموهم بالعمالة وفي المقابل تستقبل بكل حفاوة المفسدين وتلقي الضوء على صورة مغلوطة تحسن بها الفاسدين ، إن معظم وسائل الإعلام الكويتية الخاصة والحكومية موجهة وتستخدم كسلاح في يد السلطة لذلك لا ينبغي أبدا أن نخطأ نفس الخطأ وننقاد وراءها فيجب أن نبدأ من الأن في تدارك الخطر الذي يمكن أن يسببه الإعلام الموجه، ويجب أن يتم من الأن إنشاء إعلام حر مستقل يقضي على دمى السلطة المتلونين الذين يتلونون من آن إلى أخر بما يتفق مع أهواء ومصالح السلطة وبطانتها الفاسدة، لقد ضربت الممارسات الإعلامية في دولة الكويت الإرادة الشعبية في مقتل لذلك يجب تقنينها وتطهيرها وإيجاد إعلام حر مستقل.
** ثالثا: عدم هيكلة المؤسسات فلم نرى إحداث تبديل وتدوير للكوادر الرئيسية مثل الوكلاء والمديرين كان ذلك سلسلة من الانقلاب على الإرادة الشعبية لأن المطالبة بحكومة جديدة قوية يستدعي أن يكون لديها الأجهزة القوية الكفء التي تساعدها في تحقيق الإصلاح ولكن لأن الحكومة ظلت كما هي فكان من الطبيعي أن يظل الوكلاء والمديرين كما هم وهذا أضعف الإصلاح بل قضى عليه لذلك لا ينبغي أبدا أن نقتنع بتحقيق إصلاح حقيقي بدون إحداث هيكلة تتناسب مع هذا الإصلاح وتتناسب مع إحداث تغيير جذري يلبي مطالب الإرادة الشعبية، فيجب أن يكون هذا المطلب على أولويات المطالبات القادمة لتحقيق الإصلاح.
**رابعا: إن الاقتراب من المؤسسات القضائية شيء في غاية الخطورة والحساسية ولجميع يكن كل الاحترام والتقدير للقضاء ولكن يجب أن نعلم جميعا أن هناك حالات استثنائية وفترات تضعف فيها جميع مؤسسات الدولة بما فيها القضاء ويجب أن نقبل جميعا أن يكون هناك نوع من التطوير والتكميل للقضاء بحيث يصل إلى أعلى درجات الاستقلال والحيادية وتطبيق القانون وهذا لا يعيب من يسعى لتحقيق لذلك، وبما أن القضاء مؤسسة داخل الدولة لذلك يجب أن ينالها من التطوير والتغيير ما يكفل لها أن تصبح أكثر استقلالية وأكثر تطبيقا للحق وإقامة العدل لأن السلطة عادة ما تلجأ لاستخدام القضاء استخدام سياسي يؤدي إلى الالتفاف على الإرادة الشعبية وما حدث في مصر وفي الكويت في الأحداث الأخيرة أحاط القضاء بالشكوك وزج به في دائرة السياسة التي تقبل النقد والتجريح، لذلك لا ينبغي أبدا أن يتحقق الإصلاح إلى إذا طالبنا جميعا بتطهير القضاء وإرساء المبادئ الحقيقية العادلة لاختيار رؤساء المؤسسات القضائية في البلاد حتى تتحقق أهداف الحركة الإصلاحية.
**خامسا: التصدي بكل حزم لجميع الفتن التي تثيرها السلطة ولقد رأينا مؤخرا ملفات السلطة المعروفة لإثارة الفتن بين المذاهب وبين القبائل للفت نظر الرأي العام وإلهائه عن حقيقة الصراع الحقيقي من أجل تحقيق الإصلاح ولإشعاره بالقلق والإحباط لذلك لا ينبغي أبدا أن ننساق وراء هذه الفتن ويجب أن نعلم جيدا أنها مسألة وقتية ومقصودة الهدف منها العبث بالوحدة الوطنية لهذا البلد الذي طالب مواطنوه بالإصلاح فيجب أن نفعل ونحفز الوحدة الوطنية.
**سادسا: لا يمكن أن يكون هناك إصرار حقيقي على تحقيق الإصلاح ونترك مؤسسات ذات طابع خاص تعبث بمؤسسات الدولة في الخفاء أو تحتوي من تم إطاحته بإرادة شعبيه وكأنها الملجأ لكل مخطئ والملاذ لكل مذنب والحصن لكل من أجرم في حق الشعب، لذلك يجب أن يتم توصيف اختصاصات المؤسسات ذات الطابع الخاص مرة أخرى والجميع يعلم أن هناك أكثر من مسئول تم إطاحتهم بإرادة شعبية واضحة ثم تم احتوائهم من قبل مؤسسات ذات طابع خاص بل وتم مكافأتهم وتكريمهم ماديا وأدبيا لذلك يجب أن يتم توصيف مهام واختصاصات هذه المؤسسات جيدا حتى نتمكن من ملاحقة أي مخطئ.
** سابعا: انتشار المطالب الفئوية تعمل السلطة على انتشار المطالب الفئوية التي تشعر الناس بالفوضى حتى يخافوا من المطالبة بتحقيق الإصلاح واللجوء إلى السلطة المطلقة كبديل سهل ولكن يجب أن نعلم جيدا أنه يجب أن نحقق المطالب العامة أولا وبعدها سوف تتحقق جميع المطالب الفئوية من تلقاء نفسها.
** ثامنا: لا يمكن أن نتصور أن يكون هناك إصلاح حقيقي في ظل بطانة عليا فاسدة تتحكم في الخفاء بجميع القرارات وتفرض تأثيرها فتؤدي إلى الصراعات حيث تأخر البلاد وعدم تحقيق الإصلاح والاستقرار، البطانة العليا الفاسدة أصبحت أمر واقع في دولة الكويت وأصبحت تناصب رموز الإصلاح العداء وتعصف بنفوذها المفرط داخل السلطة بأي إرادة شعبية والغريب أنها أصبحت ذات حصانة سلطوية لا يمكن لإنسان انتقادها أو توجيه التهم إليها وكأنهم أصحاب القرار لذلك لا ينبغي أن نقبل أبدا أن تقع السلطة تحت أي تأثير من البطانة العليا الفاسدة يؤثر على مصالح ومستقبل البلاد.
**تاسعا: البعد عن التناقض تجاه القضايا السياسية والاجتماعية التي تمس الوطن فيجب أن يكون هناك جنوح إلى إقامة العدل والمبادئ العامة فلا يمكن أن نطالب بتحقيق العدل والمساواة وجميع المبادئ العامة ثم لا نتبنى قضية مثل قضية البدون أو نقوم بظلمهم في الوقت الذي نطالب فيه بتحقيق العدل، فإذا أردنا إقادمة دولة قانون وتحقيق الإصلاح الحقيقي يجب أن ننظر إلى جميع القضايا بعدالة عمياء دون التعامل بمكيالين الذي يظهر التناقض ويضعف موقف من يطالب بالإصلاح، فيجب على الحركة الإصلاحية أن تطالب بتحقيق العدالة العمياء بدون التناقض حتى تكون أكثر مصداقية وتتبنى جميع قضايا مجتمع الكويتي وتنوي حلها حل فعلي.
** وأخيرا أدعو الشعب الكويتي الكريم ورموز الإصلاح والحركة الإصلاحية إلى التوجه بكل صدق وإخلاص إلى الإصلاح الحقيقي وإذا كنا جميعا نطلب الإصلاح الحقيقي فيجب أن نعلم جيدا أن الإصلاح لن يكون إلى بتغيير كل واقع مؤلم تسبب في تأخر البلاد وانهيار قطاعاتها وكل واقع مؤلم قضى على العدل فيها وهذا يتطلب الجهد الحقيقي وترك أي ثغرة سوف يرجعنا جميعا إلى نقطة الصفر والبدء من جديد وفي كل مرة أتمنى أن نتلافى الأخطاء الجسيمة التي وقعنا فيها كحركة إصلاحية والاخطاء الماكرة المقصودة التي حاكتها السلطة للشعب كسلطة مطلقة تلتف على إرادة الشعب.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
تعليقات