دراسة: ربع اللبنانين البالغين عانوا اضطراباً نفسياً واحداً على الأقل في حياتهم
عربي و دوليأعدتها 'إدراك' وشملت نحو 3 آلاف شخص ونشرت في مجلة PLoS Medicine العلمية
مارس 31, 2008, منتصف الليل 449 مشاهدات 0
أظهرت دراسة أعدّتها جمعيّة 'إدراك' (مركز الأبحاث وتطوير العلاج التطبيقي) ونشرت في احدى أبرز المجلات العلمية، أن نحو ربع اللبنانين البالغين (25.8 في المئة) عانوا اضطراباً نفسياً واحداً على الأقل خلال مرحلة ما من حياتهم، وأكدت مجدداً العلاقة الوثيقة بين التعرض لأحداث الحرب والإصابة باضطرابات نفسية.
والدراسة التي تنشر غداً، الاول من نيسان/ابريل الجاري، في مجلة 'المكتبة العامة للعلوم' ( PLoS Medicine) العالمية، والتي تحمل عنوان 'نسبة انتشار الاضطرابات النفسية على مدى الحياة في لبنان: بداية عوارضها، علاجها والتعرض لأحداث الحرب'، هي جزء من الدراسة الوطنية حول تقييم عبء الأمراض النفسية وحاجات الوطن في لبنان Lebanese Evaluation of the Burden of Ailments and Needs Of the Nation أو اختصاراً دراسة L.E.B.A.N.O.N، التي أجرتها 'ادراك' ضمن مشروع 'الصحّة العقليّة والنفسيّة العالميّة'، بالتعاون مع كليّة الطبّ في جامعة هارفرد ومُنظّمة الصحّة العالميّة (جنيف) ، وهو مشروع شمل دراسات مماثلة في 29 بلداً من مختلف القارات.
وأشارت 'إدراك'، في بيان أصدرته تزامناً مع نشر الدراسة في المجلة العلمية، الى أنها أجرت، في اطار هذا المشروع، مسحاً شاملاً للأمراض العقليّة والإضطرابات النفسيّة في لبنان، بالإضافة الى الأمراض الجسديّة المزمنة. وتناولت الدراسة الخاصة بلبنان، مجموعة كبيرة من الاسباب المحتملة للاضطرابات النفسية، من بينها الحرب.
ويفتقر العالم العربي إلى معطيات علمية عن نسبة انتشار الاضطرابات النفسية وعلاجها. كذلك لم تتم سابقاً، على صعيد عالمي وخصوصاً على مستوى العالم العربي، دراسة تأثير الحرب على بداية الاضطرابات للمرة الاولى، رغم أهمية هذا النوع من المعطيات في تكوين قاعدة معلومات تستند عليها الحكومات لوضع سياسات صحية واجتماعية، وتنفيذ حملات توعية، ولتوفير الخدمات المتعلقة بالصحة النفسية لمواطنيها. ومع ان العالم العربي تعرض لظروف الحرب على مدى عقود، تندر الدراسات عن تأثير الحرب على اضطرابات الصحة النفسية، وعن علاجاتها.
وأوضحت 'إدراك'، في بيانها، أنها، سعياً الى سدّ هذا النقص، عملت على مدى السنوات العشرين المنصرمة على دراسة العلاقة بين التعرض لأحداث الحرب ودرجات الاضطرابات النفسية. والدراسة التي نشرت في مجلة PLoS Medicine هي الاولى من نوعها تتم على المستوى الوطني في لبنان والعالم العربي.
وشملت الدراسة عيّنة تمثل المجتمع اللبناني على صعيد وطني، تتألف من 2857 راشداً. واعتمدت 'ادراك' منهجية صارمة في اختيار العيّنة، واستخدمت في الدراسة استمارة منظمة الصحة العالميةCIDI 3.0. .
وأظهرت النتائج أن 25.8 في المئة من البالغين في لبنان عانوا اضطراباً نفسياً واحداً على الأقلّ خلال حياتهم. وبيّنت أن اضطرابات القلق (16.7 في المئة) والاضطرابات المزاجية (12.6 في المئة) أكثر انتشاراً من اضطرابات التحكم في الاندفاعات (4.4 في المئة) والاضطرابات المتعلقة بالإدمان (2.2 في المئة).
وابرزت الدراسة أن التعرض للحرب ليس فقط مرتبطاً باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، ولكن له ايضا علاقة باضطرابات نفسية تظهر آثارهاُ على المدى البعيد، كالاكتئاب والتحكم بالاندفاعات. وأشارت الدراسة الى أن التعرض لأحداث الحرب زاد ستة أضعاف تقريباً من احتمال أن يصاب اللبناني بأحد اضطرابات القلق، وزاد أكثر من ثلاثة أضعاف احتمال أن يصاب اللبناني بأحد اضطرابات المزاج، وضاعف أكثر من 12 مرّة احتمال الاصابة لدى اللبنانيين باضطرابات التحكم في الاندفاعات للمرة الأولى.
ومع ذلك، فان اللبنانيين، بحسب الدراسة، يعانون اقل من الأميركيين والأوروبيين الاضطرابات المزاجية وأقل من الأميركيين اضطرابات القلق.
وأظهرت الدراسة ان ثمة فارقا بين الجنسين في ما يتعلق بالعلاقة بين الحرب والاضطرابات النفسية. فالرجال، نظراً الى انهم يمكن أن يكونوا مشاركين في الحرب، يتعرضون أكثر لأحداثها، من موت واصابات وفظائع. أما النساء اللواتي هنّ عادة في صفوف المدنيين او المهجرين، فهنّ معرضات اكثر لاضطرابات القلق بعد الحرب.
أما في ما يتعلق بالعلاج، ورغم ان نصف المشمولين بالدراسة، تلقوا علاجات للاضطرابات المزاجية، فان معدّل المدة الزمنية بين تشخيص هذه الاضطرابات وبدء معالجتها، هو ست سنوات، وتلقى 12,3 في المئة فحسب من المشمولين بالدراسة، العلاج في السنة نفسها. لكن هذا النقص في العلاج أو التأخر الكبير في تلقيه، والذي يصل أحياناً الى 28 سنة، لا يعود الى عدم توافر الأخصائيين، اذ أن نسبة الاطباء في لبنان هي الأعلى على المستوى العربي (325 طبيباً لكل 100 الف مواطن)، بل يكمن السبب على الأرجح في نقص الوعي او في الصعوبات المادية.
ورغم الدلالات الخطيرة لنتائج هذه الدراسة، فان حجم الاضطرابات النفسية في لبنان قد يكون اكبر في الواقع مما تبيّنه، نظراً الى غياب ثقافة الابلاغ عن هذه الاضطرابات لدى اللبنانيين.
ورأت 'ادراك' في بيانها أن ثمة حاجة الى العمل على زيادة التوعية في ما يتعلق بتأثير الحرب على الصحة النفسية وخصوصا في لبنان والمنطقة، وكذلك ثمة حاجة ملحّة الى تشخيص الأمراض النفسية في وقت مبكر و الشروع في معالجتها. وشددت على ضرورة اجراء المزيد من الدراسات المتعلقة بالصحة النفسية في لبنان وعلى المستوى العربي.
تعليقات