الديموقراطية الكويتية بنظر البغلي أنجبت أقلية معارضة أصبحت أغلبية

زاوية الكتاب

كتب 790 مشاهدات 0


القبس

جرة قلم  /  لبنان.. الكويت.. من يتعلم من الآخر؟

علي أحمد البغلي

 

من المعروف أن الدولتين العربيتين اللتين تتمتعان بديموقراطية نيابية، ولو كانت متقطعة، هما: لبنان والكويت. فلدى البلدين دستور ومجالس نيابية، صحيح أنهما لا يمثلان الحد المثالي أو المطلوب، ولكنه على أي حال يتمتع البلدان بالديموقراطية النيابية بما تكفله من مبادئ حرية التعبير والتمثيل السياسي بدرجة أفضل بكثير مما هو موجود في ما يسمى بدول الربيع العربي وغيرها من دول عربية لا داعي لتعدادها.

الديموقراطية اللبنانية ولدَّت حرباً أهلية طاحنة استمرت 15 عاماً، والديموقراطية الكويتية أنجبت أقلية معارضة أصبحت أغلبية في ما بعد، ومع ذلك فلم تترك «ديدنها التأزيمي»، على الأقل منذ 6 سنوات!

***

ذهلت بملاحظتي لأوجه شبه بين آن وآخر بالممارسات الديموقراطية في البلدين، مع اختلاف الظروف طبعاً، فأين دخل الكويت من البترول وميزانيتها المتعادلة مع موازين المدفوعات اللبنانية المترنحة على وجه المثال فقط؟ شاهدنا في جلسات مجلس الأمة الكويتي المنحل بحكم قضائي صحيح وناجز ونهائي، وفي جلساته الأخيرة، فاصلاً صادماً من بذاءات وتصرفات بعض أعضائه تتوارى منها خجلاً بذاءات وتصرفات حواري العوالم في أزقة مصر القديمة التي نقلها لنا الأديب الراحل نجيب محفوظ في «بين القصرين» و«بداية ونهاية» وغيرهما! رأينا في المهرجان الخطابي الأخير للمعارضة النيابية التي أصبحت معارضة شوارعية بعض قيادات هذه المعارضة تتلفظ بألفاظ يعف عن ذكرها الدهماء والغوغاء. رأيناهم يشتمون بعض قيادات ذلك البلد بأقذع الألفاظ ويتطاولون حتى على المحرمات الدستورية، ويهينون نصف المجتمع «المرأة» وهي من أتت بهم لسدة النيابة، في غفلة من الزمان، يشتمون خصومهم بتشبيههم بالمرأة! فهل هناك إسفاف وانحطاط فكري أكثر من ذلك؟! ولا يتسع المجال لذكر انحرافات بعض قيادات المعارضة الشوارعية عن جادة الصواب وثوابت أهل هذا البلد الأصليين!

الزميل زهير قصيباتي كتب في جريدة «الحياة» (السعودية اللندنية) في 28 يونيو 2012 عن «جدار الخوف اللبناني» مقالاً ذكر فيه: «يستحق ساسة لبنان بجدارة انتزاع الصدارة لدى موسوعة «غينيس»، إذ يسجلون الأرقام القياسية في اشتقاق مفردات النقد الجارح والشتائم التي تستبيح كل أعراف العمل السياسي، من أجل إذلال الخصم، وتسجيل النقاط أمام الرأي العام، ولا حرج طبعاً في تبديل التحالفات والقناعات كلما هبت رياحهم شرقاً أم غرباً» - انتهى.

فإذا ما أبدلنا كلمة «ساسة لبنان» بساسة الكويت، نجد أن أوصاف الزميل قصيباتي تنطبق على ربعنا أيما انطباق!

***

هناك ثقافة جديدة سادت الشارع السياسي الكويتي لتنتقل منه هذه المرة إلى الشارع اللبناني أخيراً، فقد شاهد العالم أجمع هجوم الغوغاء والدهماء على محطتي «سكوب» و«الوطن» في الكويت لمجرد طرح ضيوف المحطتين آراء لم تصادف هواهم، فهاجموا المحطتين وكسروا محتوياتهما!

الأسبوع الماضي، قامت مجموعة لبنانية من أقران هؤلاء الفوضويين بمهاجمة «محطة الجديد» اللبنانية وأشعلوا الإطارات خارجها (ولم يدخلوها مثل جماعتنا)، وقبض على أحدهم وأودع الحبس ثم أطلق سراح المتهم الرئيسي بكفالة مالية مع منعه من السفر، لتأتي قاضية تحقيق جديدة وتعيده إلى الحبس أمس الأول... إلخ.

نتمنى ألا تصل ثقافة حرق مقرات المرشحين الذين لا يعجب البعض طرحهم إلى الأخوة في لبنان! وألا يقوم مجموعة من نواب البرلمان اللبناني بقيادة الهجوم على مبنى ساحة النجمة البيروتي، ليفتخروا بعدها بما اقترفوه بالقول إن أمهاتهم أنجبتهم لمثله!

من هذه الجردة المقارنة البسيطة، أظن أننا تفوقنا على أشقائنا اللبنانيين في أكثر من موقعة وموقف شائن!

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك