استثمارات قطر الأجنبية تجلب إليها النفوذ.. والانتقاد ..بقلم شهرازاد دانيشخو
الاقتصاد الآنيوليو 4, 2012, 12:42 م 1236 مشاهدات 0
توشك قطر أن تتم صفقة مع ستاروود كابيتال لشراء جزء من مجموعة الفنادق الأمريكية الفاخرة في فرنسا بسعر لم يعلن عنه. وهذه هي أحدث موجة من عمليات شراء عالية القيمة في فرنسا لهذه الإمارة الغنية بالغاز، ما قد يتسبب في ردة فعل سياسية.
ويشمل الاستحواذ القطري مجموعة فنادق منها مارتينز في مدينة كان، الذي كانت تديره مؤسسة كاترا هوسبتاليتي، وهي مجموعة فندقية مملوكة للدولة. وتتم معظم استثمارات الإمارة من خلال هيئة حكومية أخرى هي هيئة الاستثمار القطرية، وهي صندوق سيادي تنتمي إليه شركة قطر القابضة، ذراع الاستثمارات المباشرة، وشركة الديار القطرية.
وتستثمر الإمارة فائض عائداتها في الخارج ليس لتحقق عائدات لشعبها الصغير فحسب، بل تسعى أيضاً إلى كسب قوة على مائدة التفاوض فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية والسياسية العالمية.
ومنذ تأسيسها في 2005 حتى الآن، بلغت قيمة الأصول التي تديرها هيئة الاستثمار القطرية 100 مليار دولار. وتمتلك الهيئة والشركات التابعة لها استثمارات في شركة المصوغات الأمريكية تيفاني، وشركة فولكسفاجن لصناعة السيارات، ومتجر هارودز في لندن، وشيل، وباركليز، وكريدي سويس.
وامتلاك شركة قطر القابضة 11 في المائة من شركة إكستراتا للتعدين جعل من الشركة القطرية عنصرا حيويا في نجاح اندماج إكستراتا مع شركة جلينكور العاملة في مجال تجارة السلع، والتي طالبت بتعديل بنودها الأسبوع الماضي.
لكن الاستثمار في فرنسا لم تتزايد وتيرته إلا العام الماضي.
فقبل 2011 كانت شركة الديار القطرية قد امتلكت حصة في مجموعة فينسي للإنشاءات وفي شركتي المرافق والخدمات، سويز إينفرومنت وفيولا، وفي فنادق وكازينوهات جنوبي فرنسا.
ومنذ العام الماضي زاد نشاط المستثمرين الذين تدعمهم الحكومة القطرية، فاشتروا نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم، وشركة المصنوعات الجلدية الفاخرة 'تانيور'، وحصة نسبتها 1.5 في المائة من شركة الترفيه والاتصالات 'فيفيندي'.
وتستثمر شركة قطر القابضة بقوة في 'لاجاردييه'، حيث استحوذت على 8 في المائة من الأسهم عام 2011، ارتفعت إلى 13 في المائة هذا العام، لتصبح أكبر مساهم في هذه المجموعة الإعلامية.
وأبدت اهتماما أيضا بحصة لاجاردييه البالغة 7.5 في المائة في شركة EADS الفرنسية ـ الألمانية لصناعة الطائرات. وتعد الخطوط الجوية القطرية واحدة من أكبر مستهلكي طائرات إيرباص التي تصنعها EADS.
وطالعنا العام الحالي بشراء شركة قطر القابضة 1 في المائة من LVMH، واستحوذت على 3 في المائة من مجموعة توتال النفطية، أكبر شركة في فرنسا. ومؤخرا اشترت هذه الصناديق عدة مبان في الشانزليزيه وبوليفارد هوسمان، أشهر منطقتين في باريس.
وقال أحد المصرفيين ممن لهم دراية بشركة قطر القابضة، إن فرنسا تأتي في المرتبة الثانية بعد المملكة المتحدة فيما يتعلق بالاستثمارات الأوروبية، وعزا ذلك جزئيا إلى استراتيجية التحوط الجيوسياسية.'فالفرنسيون غالبا ما يكونون على النقيض من الأنجلوساكسون، لذا احتمال جمعهم معاً في الوقت نفسه ضعيف'.
ولم تفصح هيئة الاستثمار القطرية عن حجم استثماراتها، إلا أن أحد المتعاملين مع شركة قطر القابضة أبلغ 'فاينانشيال تايمز' أن الصندوق يهدف إلى إقامة 'علاقات جيدة مع كل الأطراف، وفي كل الدول والمناطق، ولن نشهد أي نوع من المنافسة بين هذه الدول المضيفة، التي نستثمر فيها دون أن نبالي إذا ما كان أحدها أفضل من الآخر'.
وعند سؤاله عن السبب في تفضيل فرنسا في الوقت الحالي، أجاب: 'الظروف الاقتصادية التي تؤثر في الأسواق المتقدمة والمتنامية زادت من فرص الاستثمار التي تبدو جذابة خاصة في أوروبا، وكذلك بالنسبة للمناطق الأخرى بما في ذلك آسيا، ويبدو أن قطاعي العقارات والسلع هما أفضل القطاعات التي يمكن استكشافها. كذلك هناك بعض الحالات الخاصة التي قد تظهر نتيجة للتدهور الاقتصادي'.
وتحتل قطر مكانة مؤثرة في بعض الشركات الرائدة في فرنسا، والتي أثيرت بشأنها بعض الاعتراضات السياسية.
وكانت مارين لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المفوهة، قد اتهمت قطر بمحاولة بسط سيطرتها على الأصول الوطنية الفرنسية، بينما تسعى في الوقت نفسه إلى تمويل أصوليين إسلاميين من خلال صندوق قيمته 50 مليون يورو تعهدت قطر باستثماره في ضواحي باريس الفقيرة.
وقد أجلت قطر توزيع الأموال على هذه الضواحي تفاديا لأي انتقادات أخرى، حتى بعد أن فاز فرانسوا هولاند ممثل الحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أيار (مايو).
وتواترت أنباء الأسبوع الماضي تفيد بأن الأموال لن تذهب إلى هذه المناطق وإنما ستستثمر في مؤسسات صغيرة ومتوسطة خاضعة لوزارة الصناعة.
واتهم كامل حمزة، رئيس جمعية آنيلد الداعمة للتنوع، التي تعود إليها فكرة تشجيع قطر على الصندوق الذي خصصته بمبلغ 50 مليون يورو وتحديد المستفيدين المحتملين، الحكومة بـ 'تعطيل' الفكرة في خطاب مفتوح إلى هولاند الأسبوع الماضي.
مسألة الأموال هذه أثيرت بعد لقاء رحب فيه هولاند بالشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، في فرنسا في حزيران (يونيو) الماضي. وقد اتفقا خلال اللقاء على 'تعميق وتقوية شراكتهما وتعاونهما' في قطاعات عديدة بما في ذلك الاقتصاد والدفاع.
كوادر قطرية لامعة
يحظى أحمد السيد، الرئيس التنفيذي لشركة قطر القابضة، وهو قطري الجنسية، بالاحترام في مجتمع البنوك بوصفه مبرم صفقات ناجح ومباشر.
ولا يزال السيد في أواخر الثلاثينيات من العمر، وهو يشغل منصب الرئيس التنفيذي لذراع الاستثمارات المباشرة لقطر منذ عام 2008، قادما إليه من مكتب المستشار القانوني في هيئة الاستثمار القطرية. ودرس السيد القانون وإدارة الأعمال في الدوحة، وبوسطن، ونيويورك، ولندن، وباريس.
وقصة السيد الذي جيئ به من مجمع المواهب القانونية في هيئة قطر للاستثمار، لا تختلف عن قصة حسن الثوادي، المستشار القانوني القطري الشاب الذي عُين على رأس ما أصبح عرضا قطريا ناجحا لاستضافة الدوحة للأدوار النهائية لبطولة كأس العالم.
ويقول مصرفيون إن إلمام السيد بالمسائل القانونية يتيح له أن يلعب دوراً نشطاً في إبرام الصفقات في منطقة غالبا ما يكون الوسطاء والمندوبون فيها هم من ينجز معظم العمل. ويقضي السيد معظم وقته مسافراً لإبرام الصفقات، وهو شخص موثوق به لدى رئيس الوزراء، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، الذي يتولى رئاسة هيئة قطر للاستثمار.
ويقول أحد كبار المصرفيين الاستثماريين: 'يمكنك أن تعرف سريعاً أين يقف أحمد'، مضيفا: 'فهو صريح جدا وجريء جدا أيضاً'.
تعليقات