علي محمد الفيروز يعدد القوانين الناجحة التى أصدرها المجلس المنحل، ويرى أن التجربة وحدها هى التى ستؤكد نجاح فكرة الدوائر الخمس أم لا

زاوية الكتاب

كتب 398 مشاهدات 0


 

 

هل يتحمل مجلس الأمة مسؤولية الحل؟


هل فكرة تطبيق قانون الدوائر الخمس تعتبر ناجحة بعد الحل الخامس لمجلس الأمة؟ وهل هي تصب في صالح الناخب والناخبين؟ وهل أزمة الحل كان يقف وراءها أعضاء مجلس الأمة السابقون أو الحكومة هي التي افتعلت تلك الأزمة؟ انها اسئلة تدور في خلد الشارع الكويتي الذي يبحث عن مصلحة الوطن فوق المصالح كلها، فصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في خطابه الأخير عن حل مجلس الأمة قال: «صبرت طويلاً حتى نفد صبري»، وهي جملة تحمل أكثر من معنى وسبب بعد أن تعاقبت الأزمات بين السلطتين منذ بداية الفصل التشريعي الحادي عشر وسط الظروف والأوضاع المحلية الصعبة والتطورات الاقليمية والدولية التي لا تبشر بالاستقرار، وهو واقع معاكس للديموقراطية التي تبحث عنها دولتنا الكويت، فأين الحكمة في الحوار وأين التعاون الذي لم نشاهده بين السلطتين، وما يجري في العديد من دول المنطقة المجاورة هو عبرة وعظة لنا جميعاً تدفعنا الى نبذ الخلافات والطائفية عن طريق الالتزام بمكارم الأخلاق التي تخلو من اسلوب التجريح والبحث عن أمور تنمي بلادنا، فالمجلس السابق كان يمارس ممارسات خاطئة تتنافى مع تقاليدنا وشريعتنا، ولم يكن لها وجود في يوم من الايام، والحكومة ايضاً كانت مقصرة بأداء واجباتها بالشكل الصحيح، ولم تكن تمارس دورها التنفيذي، حسب ما نص عليه الدستور، رغم المطالب الجماعية من النواب وحثهم على التعاون بشكل ايجابي ومثمر، الا انها كانت ترمي أخطاءها وثقل عجزها بحل القضايا العالقة على المجلس المنحل من دون اعطاء اي اولويات أو خطة ذات معايير واضحة، لذلك تعمدت الحكومة عرقلة مشاريع عدة تقدم بها عدد من النواب، مثل مشروع الزيادة المقترحة على الرواتب، وعدم تفعيل القوانين المتعلقة بالحركة الرياضية وقوانين اسقاط القروض التي تهم شريحة كبيرة من المواطنين، اضافة الى قرارها المفاجئ لازالة الدواوين الخارجة من مساحة المنزل، والتي اصبحت مادة خصبة لطرحها بالمجلس والندوات الخارجية، فالتهديد النيابي باستجواب الحكومة ممثلة بوزرائها كان متداولاً وباستمرار، والتصريحات النيابية «النارية» ضد الحكومة اصبحت هاجساً يومياً يعكر صفو العلاقة بين السلطتين الى ان وصلت الحال في عدم احترام الرموز الكبيرة وتقدير مكانتها أو دورها في خدمة البلد، ناهيك عن فشل الحكومة بالتعامل مع مسألة «التأبين» بحنكة حتى تطور الموضوع وتحول الى قضية رأي عام،. وهذا كان دليلاً واضحاً على التردد والتخبط الحكومي في اتخاذ القرار الصحيح لحسم الموضوع من البداية من دون اللجوء الى «النيابة»، غير ان الواقع السياسي الحكومي كان لا يتسم بواقعية ورؤية واضحة في غياب التكتيك لادارة الأزمات السياسية، وسوء التصرف الحكومي أعطى مجالاً واسعاً لجميع الاطراف والكتل السياسية بالتدخل واثارة الفتن والأقاويل والطائفية لاعطاء الموضوع أكثر من حجمه اعلامياً وسياسياً.
إن استقالة الحكومة الجماعية لا تعني ان سببها اعلان عدم التعاون بين السلطتين، ولكنها أيضاً كانت مطالبة بتفعيل القرارات والقوانين الصادرة من مجلس الأمة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطنين، حتى لا يصاب المواطن بالاحباط والاستياء الشديد ويرمي اللوم فقط على المجلس، وما أعنيه هنا أن الحكومة والمجلس مشتركان في تأزيم الأمور والاوضاع السياسية والاقتصادية التي ادت الى تقديم الحكومة استقالتها والتوجه الى حل مجلس الأمة، مع ان الحكومة بإمكانها حل سيناريو الحل بطريقة ديبلوماسية من خلال التنسيق مع النواب على كل ما تريده في الفترة المقبلة من قضايا مثيرة للجدل لايجاد مساحة للتفاهم من دون التلويح بعصا الحل وعصا المحكمة الدستورية أو النيابة، ولكنها فشلت في التعامل مع المجلس بمصداقية واضحة. مع أن الرغبة الأميرية في اتخاذ قرار حل مجلس الأمة فوق كل اعتبار ونحترمها.
لا أزال أتذكر ما قاله الأخ جاسم الخرافي، رئيس مجلس الأمة السابق، حينما قال ان حال التوتر بين السلطتين بحاجة الى تصفية النفوس ومعالجة المواضيع معالجة جذرية، وان التوتر السياسي سببه المجلس والحكومة معا، ولكن الحكومة كان لها دور أكبر بذلك وساهمت بكثير من السلبيات، خصوصاً اذا ما تحدثنا عن موضوع الوحدة الوطنية فإن اجراءات الحكومة كانت متعثرة».
إذاً ماذا نستطيع القول بعد كلام الأخ بو عبدالمحسن عندما يحمل البعض المجلس المنحل فقط مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع الأخيرة.
بعد انقضاء 617 يوماً من عمر المجلس المنحل شهدت فيه سبعة استجوابات نارية، وقوانين ادت الى خلخلة استقرار الحكومة واجبارها على تشكيل حكومات ثلاث جديدة، ولكن رغم ذلك استطاع من خلالها أن يقر قوانين في غاية الأهمية كقانون تنظيم الانتخابات والمقار الانتخابية والاعلانات، وقانون الزكاة وأملاك الدولة، وتأسيس بنك جابر الاسلامي، وزيادة مكافأة الطلبة، وانشاء شركة لخدمات الاتصالات اللاسلكية، وتعزيز ميزانية الزراعة وقانون الغش التجاري، وتحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة، تعديل قانون الأحوال الشخصية، ثم زيادة العلاوة الاجتماعية التي لم تر النور وغيرها من قوانين تهم شريحة كبيرة من المجتمع كانت عالقة في الادراج منذ أعوام.
اننا الآن بعد الحل الدستوري للمجلس أمام عرس ديموقراطي جديد وانتخابات تفصيلية جديدة مبنية على نظام الدوائر الخمس، لا نعلم مدى نجاحها أو سقوطها حتى تظهر النتائج، فالبعض يرى ان هناك ظلماً في تطبيق قانون الدوائر الخمس ويفضل نظام الدائرة الواحدة، بينما يرى البعض الآخر هو الأفضل لمعرفة نتائج تطبيق هذه التجربة في ثوبها الجديد... حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه... ولكل حادث حديث.

علي محمد الفيروز

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك