مصداقية الإخوان المسلمين في مصر على المحك.. بنظر المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 819 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  مرسي وبناء الوطن.. وقدرة إنكار الذات

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

لا تزال مصداقية الإخوان المسلمين في مصر على المحك، بعد أن ظهرت منهم تصريحات ومواقف، برز من خلالها توجههم نحو التفرّد بالسلطة، بعد أن فازوا بمقاعد كبيرة أتاحت لهم، مع السلفيين، تكوين أغلبية كاسحة داخل البرلمان بلغت %60، وقد تدافعوا بشيء من الغرور المصحوب بقصر النظر السياسي للإعلان عن الترشح لرئاسة الجمهورية، بعد أن تعهّدوا بغير ذلك، ورفضوا تحديد اختصاصات الرئيس انتظارا لمن يفوز بالمنصب، فإن كان منهم يُمنح أوسع الصلاحيات، وإن كان من غيرهم تُقلّص صلاحياته، كما اتهموا الأقباط بعدم التصويت لهم في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، وذاك فيه إشارة للتفرقة بين أبناء شعب مصر، وغيرها من الأمور التي تمس الحياد والمصداقية وتثير قلق فئات عديدة من أبناء مصر.

ثم صدر قبل شهر تقريبا حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان انتخاب أعضاء مجلس الشعب المصري، وفجأة وجد الإخوان أن الأغلبية التي كانت بين أيديهم لا وجود لها، وقد قاد المتطرفون منهم حشداً شعبياً بميدان التحرير احتجاجا على حكم قضائي، وافتعال مواجهة سياسية مستهجنة مع القضاء، لكن حكم بطلان مجلس الشعب المصري كانت له آثار إيجابية مهمة في فرض إعادة التعقل للإخوان وفتح المجال في التوازن عن انحرافهم بسبب غرور الأغلبية، وقد تزامن مع ذلك بدء الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، التي لم تمنح الإخوان الأغلبية للنجاح من الجولة الأولى، بل وتبين من خلالها التقارب بين مرشحهم مرسي والمرشح المنافس شفيق مما مهد للتيار المعتدل والعقلاني لدى الإخوان - كما يبدو - أن يلعب دورا مؤثرا لإعادة التعقل والتوازن لمواقف «الإخوان» سياسيا في خطابها مع كل شرائح المجتمع المصري.

وقد تأكدت توجهات الاعتدال في خطاب مرسي في ميدان التحرير، حينما وجّه خطابه لجميع المصريين، وأكد وقوفه على مسافة واحدة منهم جميعا، مؤيدين أو معارضين، بعد أن أدرك «الإخوان» أنه لا مكان لفكر التفرّد بالسلطة وغرور الأغلبية ومحاولة إلغاء الآخر وفشل لغة التهديد والقوة، وهو ما يفتح باب استعادة «الإخوان» لمصداقيتها، خصوصا أنها مازالت على المحك، وقد كرر الرئيس مرسي هذه العبارات بعد أداء القسم.

إن الحدث في الكويت في المشهد السياسي ليس ببعيد، حيث أصاب الأغلبية غرور أدى بها إلى الانحراف، بل وجد الطرح المتطرف غير المسؤول ضالته بين الأغلبية، فإذا بالقدر يأتينا بحكم المحكمة ببطلان عضوية كل أعضاء المجلس، وإذا به يحمل في آثاره تنبيهاً للانحراف واللامسؤولية اللذين مارسهما عدد من أعضاء الأغلبية المغرورة، وهل سيستفيد أعضاء هذه الأغلبية للعدول عن انحرافهم وتفرّدهم وغرورهم؟ ولا شك أن بطلان المجلس فرض بمستجداته تساؤلات مهمة، منها:

هل تصحّ عودة مجلس 2009 بالرغم من تجاوز الأمة والزمن له - غير مأسوف عليه -؟ وماذا خسر أعضاء مجلس 2012.. مقاعدهم أم مصداقيتهم، أم عجزهم عن الإنجاز، أم جميع ذلك؟ لماذا لم تنجز الأغلبية طوال مدة 4 أشهر أيا من ملفي التحقيق في «الإيداعات» والتحويلات الخارجية، بالرغم من توافر كل الظروف المساعدة على ذلك؟ هل هناك خلل في النظام الانتخابي، وتحديدا الدوائر التي يرفض المساس بها معظم أعضاء تلك الأغلبية؟ وهل اختلفت إفرازات هذه الدوائر عن نظام الـ25 دائرة؟ ما مدى مصداقية توجهات الأغلبية بإصلاح الدوائر، الذي قدم أعضاؤها ما يزيد على 5 مشاريع لإصلاحه، وهم يرفضون المساس به رغم ما فيه من شبهات عدم الدستورية؟ ما الحال حينما تسيطر على المجلس أغلبية مستبدة بأي توجه كان؟ وكيف يمكن مواجهة مثل هذا الاحتمال؟

اللهم إني بلغت

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك