في دراسة قانونية ،،

زاوية الكتاب

د. دخيل: الدستورية بحكم حل المجلس خلطت بين اختصاصاتها المنفصلة

كتب 1599 مشاهدات 0

د.علي دخيل اظبيه

أكد د. علي دخيل اظبيه 'مستشار مساعد ' في دراسة قانونية بعنوان بطلان حكم المحكمة الدستورية الصادر بإلغاء الانتخابات لمخالفته لقانون إنشاءها ولائحتها الخاصة على وجود خطأ جسيم تمثل بالخلط بين اختصاصاتها المنفصلة . وقال بداية ' تنص المادة 95 من الدستور على الآتي : ' يفصل مجلس الأمة في صحة انتخاب أعضائه ، ولا يعتبر الانتخاب باطلاً إلا بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس ، ويجوز أن يعهد بهذا الاختصاص إلى جهة قضائية '

ولقد وردت هذه المادة في فصل السلطة التشريعية تأكيداً على أن الفصل في الطعون الانتخابية الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة هو اختصاص من اختصاصات مجلس الأمة وهذه الطعون بطبيعتها النوعية ليست منازعة دستورية بطبيعة الحال والأصل في الفصل فيها لمجلس الأمة ، ولكن أجازت المادة الدستورية أن يعهد بهذا الاختصاص إلى المحاكم أن أراد المشرع ذلك وعبارة ( يجوز أن يعهد بهذا الاختصاص إلى جهة قضائية ) تعني أن الدستور قد خير المشرع في أن يحدد أي محكمة موجودة أو إيجاد محكمة نوعية خاصة بهذه الطعون لا سيما وإن المحاكم الموجودة لحظةإصدار الدستور هي المحاكم العادية ( المدني ، الأحوال ، الجنايات .... الخ ) ولم تنشأ محكمة التمييز كما لم تنشأ المحكمة الدستورية فضلاً عن عدم وجود القضاء الإداري المتخصص .

وزاد ' وعليه فإن الدستور كلف مجلس الأمة بالفصل في صحة انتخاب أعضائه مع إعطاءهجوازية إحالة الطعون الانتخابية إلى المحاكم دون تخصيص محكمة بذاتها كما أنه لا توجد أي محكمة تحظي بهذا الاختصاص دون غيرها فاختيار المحكمة من الاطلاقات التشريعية لمجلس الأمة فكل الاختيارات بالنسبة للمشرع مفتوحة في تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعون الانتخابية الخاصة بمجلس الأمة ويستطيع المشرع أن يكلف محكمة التمييز أو الدائرة الإدارية أو غيرها بهذا الاختصاص ولا توجد أي خصوصية للمحكمة الدستورية في مباشرة هذا الاختصاص النوعي دون غيرها .

وفي سنة 1973 صدر القانون 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية وأشارت ديباجته بشكل واضح وصريح إلى نص المادة 95 من الدستور وتم تكليف المحكمة الدستورية بالاختصاص بنظر الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم وبذلك يكون المشرع العادي قد اختار المحكمة الدستورية دون غيرها في الطعون الانتخابية لأعضاء مجلس الأمة ، لإضفاء حيادية القضاء على هذه الطعون وضمان حماية البيئة الانتخابية لاختيار أعضاء البرلمان .

وبالإطلاع على قانون المحكمة الدستورية يتضح جلياً أن هذه المحكمة الاستثنائية تمارس أدوار متنوعة ومختلفة واختصاصات نوعية متعددة ولا تداخل بينها إطلاقاً ، فالمحكمة الدستورية اتخذت مسمى خاصة هو ( المحكمة الدستورية) لكنها قد تباشر أحياناً بعض الاختصاصات التي لا تعتبر منازعات دستورية بطبيعتها كالطعون الانتخابية وعلى النحو التالي :

( اختصاصات المحكمة الدستورية )

1- الاختصاص الأول للمحكمة الدستورية ( التفسير )

وأشارت المادة 1 من قانون إنشاء المحكمة الدستورية إلى اختصاصها بتفسير النصوص الدستورية وبينت اللائحة الخاصة بالمحكمة الدستورية أن طلبات التفسير تقدم فقد من مجلس الأمة أو من مجلس الوزراء ( المادة 1 ، 2 من اللائحة ) بما معناه أن المحكمة لا تباشر تفسير الدستور إلا بمناسبة طلب رسمي من مجلس الأمة أو مجلس الوزراء ولا تستطيع أن تقوم بالتفسير بمناسبة طعن انتخابي لعدم جواز ذلك موضوعياً وإجرائياً .

ويلاحظ أن اختصاص التفسير هو بطبيعته ليس نزاعاً قضائياً وإنما طلب تفسير لنص دستوري ولا شك بأن هذا الاختصاص جعل للمحكمة الدستورية اختصاص فقهي وتفسيري وهو اختصاص منفصل تماماً عن الاختصاصات الأخرى لها فهدفه تفسير نصوص الدستور على نحو يؤدي إلى سيادة مبدأ الوضوح في تطبيق الدستور ولا يتداخل إطلاقاً مع الاختصاصات الأخرى سواء من حيث الموضوع أو الإجراء .

2- الاختصاص الثاني للمحكمة الدستورية ( المنازعات الدستورية )

وهذا الاختصاص هو الاختصاص الأصلي للمحكمة الدستورية والتي لا ينازعها به أحد ولقد ذكر هذا الاختصاص على نحو واضح وصريح بالدستور الكويتي – فصل السلطة القضائية – حيث نصت المادة 173 من الدستور على أنه :

' يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح ويبين صلاحياتها والإجراءات التي تتبعها ، ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية القوانين واللوائح ، وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون أو لائحة يعتبر كأن لم يكن '

وتابع'

وبناءاً على هذه المادة الدستورية أصدر المشرع القانون رقم 14 لسنة 1973 وكلف المحكمة الدستورية بتطبيق أحكام المادة 173 من الدستور والبت بالنزاعات الدستورية المتعلقة بإلغاء نصوص القانون الغير دستورية إضافة للوائح .

ولقد أسهبت لائحة المحكمة الدستورية في تنظيم المنازعات الدستورية وحددت أن اللجوء للمحكمة الدستورية لا يكون إلا من خلال السلطات الثلاث بالدول حيث لا تقبل المنازعة الدستورية إلا من قبل مجلس الأمة أو من مجلس الوزراء ( المادة 3 ، 4 من اللائحة ) أما الحالة الثالثة للجوء للمحكمة الدستورية فلا يكون إلا عبر المحاكم في حالة الدفع من أحد المتقاضين بعدم الدستورية أو أن تتشكك المحكمة من تلقاء نفسها بعدم دستورية نص قانوني ، وهكذا منع الأفراد من اللجوء بشكل مباشر للمحكمة الدستورية بخصوص المنازعات الدستورية ما لم تكن بمناسبة دعوى أمام أحد المحاكم ( المادة 5 ، 6 من اللائحة ) .

وجدير بالذكر أن هذا الاختصاص هو بيت القصيد من إنشاء المحكمة الدستورية وهو الاستحقاق الدستوري الواجب إعماله استنادا إلى المادة 173 من الدستور وهو الاختصاص الذي تستمد المحكمة الدستورية مسماها منه .

3- الاختصاص الثالث للمحكمة الدستورية ( الطعون الانتخابية لمجلس الأمة )

وكما بينا بأن هذا الاختصاص يستند إلى المادة 95 من الدستور وهو تكليف استثنائي للمحكمة الدستورية بالفصل في الطعون الخاصة بانتخاب مجلس الأمة وبصحة عضويته وتباشره على سبيل الملائمة التشريعية ودون اختصاصها الوجوبي به خلافاً للاختصاص الثاني لها ، بما معناه أن المشرع يستطيع في أي وقت أن يسلب هذا الاختصاص من المحكمة الدستورية ويمنحه لأي محكمة أخرى يراها كما يملك المشرع سلب هذا الاختصاص ( الطعون الانتخابية ) بكامله من المحاكم وعودته لمجلس الأمة كما بينت المادة 95 من الدستور .

وأضاف وعليه فإن اختصاص المحكمة الدستورية ببحث الطعون الانتخابية هو اختصاص طارئ لها ومنفصل تماماً عن المنازعة الدستورية أو طلب التفسير ولا يعتبر الطعن الانتخابي بأي حال من الأحوال منازعة ذات طبيعة دستورية كما لا يجوز للمحكمة الدستورية أو أي محكمة انتخابية وهي في طور بحثها لأي طعن انتخابي أن تبحث في المسائل الدستورية أو أن تخلط بين الاختصاص الثاني لها ( المنازعات الدستورية ) وبين الاختصاص الثالث ( الطعون الانتخابية ) باعتبار أن الطعون الانتخابية حالة موضوعية مختلفة بطبيعتها عن المنازعات الدستورية ، كما لا يجوز أيضاً للمحكمة وهي بصدر طعن انتخابي أن تقوم بتفسير الدستور لعدم جواز ذلك وفقاً لقانون المحكمة ووفقاً للإجراءات المذكورة في لائحتها .

من جماع ما تقدم يتضح أن حكم المحكمة الدستورية الصادر بشأن بعض الطعون الانتخابية والذي قضى ضمنياً ببطلان مرسوم الحل لعدم دستورية وبطلان مرسوم الدعوة للانتخابات قد جاء باطلاً استناداً إلى قانون المحكمة ذاتها حيث وقعت بالخلط بين اختصاصاتها المنفصلة وباشرت تفسير الدستور بمناسبة طعن انتخابي خلافاً لقانون انشاءها وإجراءات لائحتها التنفيذية وعلى النحو التالي :

أولاً : المحكمة الدستورية تباشر ثلاث اختصاصات منفصلة وكأنها ثلاث محاكم نوعية .

بالإطلاع على نصوص قانون إنشاء المحكمة الدستورية يتضح أنها تباشر ثلاث اختصاصات متعددة ومختلفة نوعيا وهي التفسير والمنازعات الدستورية والطعون الانتخابية وجاء اختصاصها الأخير على سبيل التكليف من المشرع ويستطيع المشرع بأي وقت سلب هذا الاختصاص وعودته لمجلس الأمة أو تكليف أي محكمة أخرى لنظر الطعون الانتخابية وهكذا ، وما حدث تحديداً أن المحكمة الدستورية وهي في إطار بحثها للطعن الانتخابي غفلت عن انفصال اختصاصاتها وتعمقت في بحث الطعن الانتخابي إلى درجة أن أخرجها هذا التعمق من مساحة الطعون الانتخابية وإطارها الزمني والموضوعي ومن إطار الانتخابات برمتها للبحث عن سببها السياسي والتاريخي فلجأت إلى بحث موضوع حل البرلمان دون اختصاص وباشرت تفسير الدستور دون طلب رسمي ومودع بقلم كتاب المحكمة والأخطر أنها ألغت مرسوم الحل دون نزاع ودون وجود دعوى موضوعية منظورة وقائمة وسلبت اختصاص الدائرة الإدارية في الرقابة على مشروعية القرارات الإدارية والمراسيم بل سلبت اختصاص الدائرة الإدارية بإصدار الأحكام في مثل هذه الشئون وقامت بإلغاء مرسوم الحل بشكل جزافي في حيثيات حكمها في الطعن الانتخابي دون أي ضمانات أو نزاع أو دعوى منظورة أمام القضاء واعتبرت بأن مرسوم الحل قد صدر بإجراءات باطلة وهو بلا شك قول مرسل لا يصادفه دليل من الواقع لا سيما وأن قرينة الصحة مفترضة في القوانين واللوائح والمراسيم والقرارات ما لم يُقضى ببطلانها أو إلغاؤها بدعوى منظورة ومكفول لأطرافها ضمانات التقاضي وحق الدفاع وغيره من الضمانات ، ولا يجوز لأي محكمة أن تدعي في حكمها خلاف الظاهر والثابت كأن تقول أن هذا المرسوم باطل أو أن هذا القرار منعدم دون دليل ودون وجود حكم قضائي نهائي ومرفق بأوراق الدعوى وحائز على الحجية الكاملة ، فالقول المرسل بأن هناك مراسيم باطلة يعني إلغاء عالم التقاضي برمته وإلغاء لاختصاص الدائرة الإدارية بالكامل ولجميع درجات التقاضي الخاصة بها !!

ثانياً : الانفصال النوعي والإجرائي بين اختصاصات المحكمة الدستورية ومنع التداخل بينها .

عالج قانون إنشاء المحكمة الدستورية ولائحتهااختصاص المحكمة على نحو دقيق وواضح يكفل مباشرتها لتلك الاختصاصات النوعية والمختلفة من حيث الموضوع والإجراء وكأنها ثلاث محاكم نوعية تحت مسمى المحكمة الدستورية فبينت المادة الأولى من قانون المحكمة الاختصاصات الثلاث على النحو التالي :

1- اختصاصها بالتفسير ولقد بينت لائحة المحكمة إجراءات طلب التفسير في المادة (1 ،2) وبينت المادة 2 على أنه ' يقيد قلم كتاب المحكمة الطلب يوم وروده في السجل المعد لذلك ويقوم بعرضه على رئيس المحكمة لتحديد تاريخ الاجتماع الذي ينظر فيه الطلب ومكانه وتخطر طالبة التفسير بذلك بكتاب مسجل قبل الاجتماع بأسبوع على الأقل

ومن الواضح أن المادة 2 وضعت إجراءات محددة لطلب التغيير خاصة به وذو رقم ورود منفصل عن باقي الاختصاصات الأخرى مما يعني أن اختصاص التفسير اختصاص مختلف نوعياً وإجرائياً عن باقي الاختصاصات الأخرى .

2 - أما الاختصاص الثاني وهو الفصل بالمنازعات الدستورية وهو الاختصاص الأصلي لها فقد بينته المادة 4 من قانون المحكمة بشكل منفصل وبمادة كاملة بينت طرق إقامة النزاعات الدستورية وإلا تكون إلا من مجلس الأمة ومجلس الوزراء أو ذوي الشأن أو المحاكم ولقد بينت لائحة المحكمة أن هذا الاختصاص اختصاصاً نوعياً مختلفاً وكأنه محكمة ثانية فأشارت المادة 4 من اللائحة إلى أنه 'يقيد قلم كتاب المحكمة الطلب يوم وروده في السجل المعد لذلك ويخطر ذو الشأن .. إلخ ' .

وكذلك نصت المادة 5 من اللائحة على إجراءات إيداع المنازعة الدستورية إذا وردت من المحاكم وتقيدها في السجل المعد لذلك .

وعليه فإن الاختصاص الثاني يعتبر اختصاص مستقل عن التفسير وعن الطعون الانتخابية ومختلف نوعياً وإجرائياً عنهما وفقاً للائحة المحكمة الدستورية .

(3) أما الاختصاص من الثالث فهو الطعون الانتخابية في الفصل بصحة عضوية أعضاء مجلس الأمة ولقد ورد هذا الاختصاص منفرداً ومستقلاً بالمادة 5من قانون المحكمة وهو اختصاص طارئ وكُلفت به المحكمة الدستورية استثناءاًعملاً بالمادة 95 من الدستور ولا تعتبر الطعون الانتخابية بطبيعة الحال منازعات بالدستورية لاختلاف النوع والطبيعة كما لا يجوز تفسير الدستور بمناسبة طعن انتخابي لعدم جواز ذلك موضوعياً وإجرائياً ولقد بينت لائحة المحكمة الإجراءات الخاصة بإيداع الطعون الانتخابية بالمادة 9 حيث ذكرت أن هذه الطعون ترفع 'بطلب يقدم إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية أو الأمانة العامة لمجلس الأمة خلال 15 يوم من إعلان نتيجة الانتخاب ... الخ ' .

كما بينت المادة 10 من اللائحة 'يقيد قلم الكتاب الطعن يوم وروده في السجل الخاص بذلك... إلخ'

وزاد وبالاطلاع على تلك الاختصاصات النوعية المختلفة للمحكمة الدستورية فإننا نكون من الناحية القانونية أشبه بالتعامل مع ثلاثة محاكم نوعية ومختلفة ولا تتداخل اختصاصاتها إطلاقاً كما لا يجوز اعتبار التفسير نزاعاً دستورياً أو اعتبار الطعون الانتخابية منازعات دستورية أو تفسير الدستور بمناسبة طعن انتخابي وهكذا بدليل أن قانون المحكمة الدستورية واللائحة التنفيذية لها قد أكدت الانفصال الموضوعي والإجرائي وبينت اللائحة أن الطلبات المقدمة للمحكمة يجب أن تودع بالسجل المعد لكل اختصاص بما معناه أن لكل اختصاص سجلات خاصة به ويتبع أرقام تسلسلية له دون تداخل إجرائي وكأننا أمام ثلاثة محاكم نوعية مختلفة .

فضلا عن ذك فإن إيداع طلب الطعون الانتخابية قد تميز بإجراءات مختلفة عن طلب التفسير والنزاع الدستوري حيث أكدت المادة 9 من اللائحة على اشتراك مجلس الأمة وقلم كتاب المحكمة معاً بقبول طلبات الطعون الانتخابية وهي إشارة رمزية هامة لصاحب الاختصاص الأصيل في البت بالطعون الانتخابية وهو مجلس الأمة وفقا للمادة 95 من الدستور وهو إجراء خُص به الطعن الانتخابي دون المنازعة الدستورية أو طلب التفسير وهو ما يؤكد الانفصال الموضوعي والإجرائي للطعون الانتخابية دون غيرها من الاختصاصات .

وخلص بقوله ' أن الحكم الصادر بالطعون الخاصة بمجلس الأمة والصادر من المحكمة الدستورية قد صدر بالمخالفة لقانون إنشائها ولائحتها التنفيذية الذين أكدا الانفصال الموضوعي والإجرائي بين الاختصاصات وفق النقاط التالية :

1- أن المحكمة الدستورية باشرت نظر الطعن الانتخابي باعتبارها محكمة طعون انتخابية وهي تباشر هذا الاختصاص بتكليف تشريعي طارئ قد يستمر وقد يعود لمجلس الأمة أو قد تكلف به محكمة أخرى ، وبالتالي هي تباشر هذا الاختصاص بعيداً جداً عن الاختصاصين الآخرين المنعقدين لها وهما التفسير والنزاعات الدستورية .

2- أن المحكمة الدستورية قد خلطت بين اختصاص التفسير والطعن الانتخابي فطبقت نظريات تفسير الدستور على الطعون الانتخابية تطبيق غير مبرر ولا يوجد أي ارتباط فني بين هذين الاختصاصين لاسيما وأن طلب التفسير له إجراءاته الخاصة وفقاً للائحة المحكمة .

3- أن المحكمة الدستورية تمارس ثلاثة اختصاصات نوعية مختلفة وكأنها ثلاثة محاكم نوعية دون أي تداخل بينها وهو ما أكده قانونها ولائحتها حيث وضعت أحكام موضوعية وإجرائية خاصة لكل نوع من هذه الاختصاصات .

4- أن المحكمة الدستورية لم تلتزم بالإطار الزمني لحالة الانتخابات حيث أن رقابتها على الطعون الانتخابية تبدأ زمنياً بمجرد صدور مرسوم الدعوة للانتخابات وتنتهي بإعلان النتيجة وانتهاء مدد الطعون وهذه طبيعة الأمور حيث لن يكون للمحكمة اختصاص ما لم تكن هناك انتخابات ولا ولاية لها في رقابة الأحداث السياسية أو التاريخية أو الرسمية لفترة ما قبل الانتخابات ، وما توسعت به المحكمة (الدستورية) في نظر الطعن الانتخابي وتتبع السبب السياسي أو التاريخي للانتخابات يعتبر خروج عن الإطار الموضوعي والزمني لمحل الرقابة وهي الفترة الانتخابية .

5- أن المحكمة الدستورية قد خرجت عن محيط رقابتها الانتخابية وبحثت مسائل تاريخية كمرسوم حل البرلمان واعتبرت جزافاً أن هذا المرسوم باطل دون دليل من الأوراق وهي بذلك قد ألغت مرسوم بشكل جزافي دون وجود أي دعوى منظورة بشأن إلغاؤه بل وسلبت اختصاص الدائرة الإدارية سلباً كاملاً من حيث الاختصاص ومن حيث إصدار الأحكام ، هذا فضلاً عن سبق صدور حكم من الدائرة الإدارية بعدم اختصاصها بنظر مرسوم الحل كونه من مسائل السيادة ، فكيف تأتي محكمة غير مختصة وهي محكمة الطعون الانتخابية بالمحكمة الدستورية لتلغي مرسوماًإلغاءاً جزافياً وضمنياً في حيثيات حكمها والمحكمة المختصة لم تحكم بذلك أصلاً .

6- لهذا فإن المحكمة الدستورية في شأن الطعن الانتخابي قد خلطت بين اختصاصاتها المنفصلة وأصدرت حكماً لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون حكماً باتاً بطعن انتخابي وإنما حكم أقرب لاختصاص الدائرة الإدارية فكيف تحكم المحكمة الدستورية في شأن طعن انتخابي بعودة المجلس المنحل ، بما يعني أن المحكمة الدستورية لم تؤمن بشرعية الانتخابات ذاتها فكيف تكون قاضياً لشئونها ؟ وأين وجه حماية البيئة الانتخابية الحالية بإعادة مجلس منحل ؟!!

ببساطة المحكمة الدستورية في شأن الطعن الانتخابي جعلت من نفسها محكمة إدارية بجميع درجاتها وألغت بشكل جزافي مراسيم سارية ونافذه ! وحكمت ضمنياً ببطلان مرسوم الحل دون اختصاص ودون وجود حكم نهائي من القضاء الإداري ومرفق بأوراق الدعوى وقامت بتفسير الدستور دون طلب رسمي مقدم لقلم كتاب المحكمة ، فضلاً عن تتبعها لأحداث تاريخية سابقة لحالة الانتخابات واعتبرتها جزء من بحث الطعن الانتخابي مخالفة للإطار الزمني للطعون الانتخابية فكان حكمها صادراً ليس لحماية البيئة الانتخابية وإنما حكمت بعدم وجود الانتخابات أصلاً فكيف تكون محكمة لطعونها في هذه الحالة وفي ظل إلغاءها الكامل لحالة الانتخاب ذاته وليس إلغاءها لعيب فيها!.

7- أنه من المقرر قانوناً أحقية المحكمة الدستورية في شأن الطعون الانتخابية أن تقرر بطلان الانتخابات بأكملها في حال وجود عيب ذاتي في عملية الانتخاب ذاتها كونها محكمة انتخابات ولا تمتد صلاحياتهم للبحث عن العيوب التي لا تنتمي إلى العملية الانتخابية كعيب قانوني في مرسوم حل البرلمان السابق لعدم انعقاد اختصاصها ببحث ذلك وإنما الاختصاص منعقد للدائرة الإدارية بجميع درجاتها وهي المحكمة المختصة ببحث مشروعية مرسوم الحل بما لها من ولاية على ذلك وفق ضمانات محدده وإجراءات رسمها قانون إنشاء الدائرة الإدارية .

8- وأخيراً فإن الحكم قد صدر باطلاً لمخالفته لقانون ولائحة المحكمة الدستورية نظراً للخطأ الجسيم المتمثل بالخلط بين اختصاصاتها المختلفة والمنفصلة ، وقامت بتفسير الدستور بمناسبة طعن انتخابي وتتبعت السبب التاريخي للانتخابات وليس السبب الرسمي وأعادت مجلس منحل رغم عدم انتماءه للإطار الزمني والموضوعي للعملية الانتخابية .

باختصار المحكمة أصدرت حكمها على سياسة وعمل الدولة برمتها وليس على انتخابات الدولة رغم كونها مجرد محكمة طعون انتخابية لا أكثر .

الآن: رأي- د.علي دخيل اظبيه

تعليقات

اكتب تعليقك