'قول أعوج'.. الزامل واصفاً سياسة إصلاح الانحراف بمزيد منه!

زاوية الكتاب

كتب 625 مشاهدات 0


الأنباء

كلام مباشر  /  حكم الأحزاب = الدوائر الخمس = تراخيص الصحف

فيصل الزامل

 

حذرنا في السنوات الماضية من فتح باب تراخيص الصحف ولم يستمع الطرف الآخر لتلك التحذيرات، وأصر بعناد، فلما تجاوز العدد 12 صحيفة كتب يشتكي مما آل اليه الحال ولكن بعد فوات الأوان، واليوم بلغ العدد 20 صحيفة يتم توزيع أكثرها بالمجان ويتلقى الناس في بيوتهم اتصالات «هل تصلك الجريدة؟» ولا تدري كيف تتم تغطية المصاريف بهذه الطريقة التي قال لنا المدافع عنها في الماضي: «البقاء سيكون للأصلح» يومها قلت له في ندوة عامة «ستكون هناك أموال لا صلة لها بالجدوى الاقتصادية التي تعرفها، أموال متعددة الأغراض والمصادر»، المهم، شيء وصار، وها نحن ندفع الثمن في ارتفاع نبرة الخطاب السياسي بسبب كثرة المنابر التي تتقاتل للبروز في هذا الزحام بأي طريقة عبر اختلاق معارك لا تنتهي، وصرنا لا ننتهي من أزمة حتى ندخل في أخرى.

اترك الماضي لنتحدث عن المستقبل، فهناك من يوزع وعودا بأن قيام الأحزاب سينهي الانقسام السياسي على اعتبار أن حزبا يفوز بأغلبية ويشكل حكومة تمثله سيكون أقدر على قيادة البلاد من الوضع الحالي، وهو ينطلق من نماذج حزبين في بريطانيا أو غيرها من الدول المتقدمة التي يلتحق الناس فيها بحزب المحافظين أو العمال بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الديني، والحال عندنا ليس كذلك فقد رأينا كيف تم اخضاع حتى النموذج الديني للولاءات المناطقية واخترقت التأثيرات الإقليمية الحركات المذهبية، وشاهدنا كيف يتصرف الوزير الحزبي (قبلي أو فئوي) بشكل ظالم مع الكفاءات وجائر مع التعيينات، وإذا تمت شرعنة وتقنين هذا الظلم وصار من حق كل حزب أن يكرر هذا الصنيع تحت غطاء «النظام الحزبي» فما فائدة شهادات وخبرات أبناء البلاد المجتهدين؟! يكفي استخدام مسباح يتجول به الموظف بين الديوانيات ويتقن اتصالات آخر الليل مع هذا وذاك، ثم بشكل مباغت يصدر قرار وزاري يتخطى به من تخصص في الهندسة أو غيرها من العلوم ورجع بأفضل مؤهل دراسي، ثم كافح لسنوات في عمل ميداني، فإذا بالكسول يترأسه ويفرغ فيه حقد الفاشلين، هل هناك رد فعل لهذا غير زرع الأحقاد ونشر الضغائن بسبب غياب المعايير العادلة لصالح مبادئ فاسدة شرعا وعقلا؟! الحكومة الحزبية لن تشهد الاستقرار المزعوم كونها ستحتاج بشكل مستمر الى تكوين ائتلاف بين مجموعة كتل لكل منها مطالب نفعية لصالح العاملين في الحزب، وبمجرد أن يخلف رئيس الحكومة وعده فإن الائتلاف سيتفكك بسبب انسحاب مجموعة وزراء من التشكيلة على نحو ما نراه في الدول المجاورة، وتتوقف الاجتماعات بسبب غياب الثلث المعطل أو الحليف الكردي أو قائمة دولة القانون.. الخ. فإذا تكرر الفشل وغاب الاستقرار وسألنا الذين وعدونا به فسيكررون عبارات التحسر والشكوى مثل صاحب فتح باب تراخيص الصحف، ولكن بعد ماذا؟ ان القول بإصلاح الانحراف عن طريق المزيد من الانحراف هو قول أعوج، وهو لا يسمي الانحراف باسمه، يتهرب ويسميه بالديموقراطية، بقوله «اصلاح الديموقراطية بمزيد من الديموقراطية» ويتجاهل أن العيب ليس في المبادئ الجميلة ولا في الدستور ولكن في التطبيقات المعوجة التي لا تختلف عن غلو متدين يستبيح الدماء المعصومة باسم الدين، هل نقول هنا «اصلاح الغلو بالمزيد من الغلو؟» لمجرد أن الشعار المرفوع هو الدين وما يمثله من سمو، بغض النظر عن الفهم المعوج والتطبيق السيئ له؟! لقد جربنا أسلوب القفزة الطائشة تحت ضغط الإحباط، في الدوائر الخمس وفي تصاريح الصحف، وحذرنا ـ وغيرنا ـ من الاستمرار في هذا الأسلوب، والمسؤولية اليوم عليك أيها المواطن، ولن يقبل منك أحفادك أي اعتذار اذا سمحت باستمرار هذا الانحدار، إن التاريخ يسجل كل ما يدور اليوم، وأنت عنصر رئيسي في كتابته.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك