منع تكريم طلبة 'البدون' المتفوقين يؤكد أن ديموقراطيتنا كاريكاتورية

زاوية الكتاب

كتب 823 مشاهدات 0


القبس

بقعة ضوء  /  'البدون' والعبث الديمقراطي

إيمان شمس الدين

 

من أهم مقومات الديموقراطية الصحيحة قيام دولة القانون والمؤسسات وبناء صرح المواطنة وفق أسس الحقوق والواجبات، والمواطنة في الفهم الديموقراطي الحديث ليست أوراقا تمنح وجنسية توهب للأشخاص اعتباطيا، بل المواطنة عبارة عن مجموعة من الممارسات التي تحول الفرد في انتمائه وهويته لهذا الوطن. ممارسات يحكمها القانون وتطبيق الدستور، فهل الكويتي الذي يخالف القانون ولا يقدم شيئا يذكر لوطنه هو أكثر مواطنة من غير الكويتي الذي يلتزم بالقانون ويقدم للكويت من خبرته وتجربته ومن تضحياته كما هو حاصل مع كثير من اخوتنا «البدون»؟

المواطنة الحقة هي أن تحقق الدولة وجودها المدني وتعيد بناء معاييرها وفق أسس إعطائها لحقوق مواطنيها وعدم إغفالها عن أداء واجباتهم حتى لا يقع الخلل. فكما ان مضيعة الحقوق داعية للعقوق، فإن إعطاء الحقوق من دون مقابل في أداء الواجبات هو عقوق آخر وطغيان.

ومن لوازم الديموقراطية في قيام دولة مدنية هي التربية والتعليم، حيث تنهض هذه الوزارة بالإنسان بما هو إنسان من دون النظر لهويته وجنسيته، بل هي تسعى لتنمية العقول ومحاولة الاستفادة منها في كل المجالات التنموية، فحتى لو كان المتفوق غير كويتي فهي تسعى للاستفادة منه في سبيل تحقيق ازدهار ونمو الوطن.

ولكن أن يتم التمييز في قضية المتفوقين بتكريم فئة ومنع فئة لمجرد كونهم من البدون، فهو موقف كاشف عن أزمة حقيقية في بنية تفكير وزارة التربية والتعليم بما يؤكد أن ما لدينا ديموقراطية كاريكاتيرية لا غير.

فاميركا على سبيل المثال تمنح جنسيتها للعقول المتميزة وتستفيد من نتاجهم العلمي في كل المجالات وهو ما يسمى اليوم بهجرة العقول.

أما نحن فنقوم بعملية قتل ممنهج لكل نتاج علمي وكل تميز لمجرد عنصرية بغيضة تفوح منها رائحة التمييز السلبي العنصري.

أعتقد ان من يعلو صراخه لأجل تطوير الديموقراطية اليوم عليه أن يعرف أن البلاء في أصل ثقافتنا الديموقراطية، فكيف نريد أن نطور مبدأ من الأساس هناك خلل في فهمه وممارسته؟

فلكم الله يا اخوتنا البدون، وأنا أعرف كثيرا منهم كانوا متميزين وهاجروا واستفادت دول خليجية وغربية من تفوقهم ونتاجهم العلمي، ونحن ما زلنا نرفض تكريمهم لتفوقهم لأنهم بدون!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك