المنطق الأعوج
زاوية الكتابكتب يونيو 24, 2012, 12:39 ص 1534 مشاهدات 0
هل يقبل عاقل أن رجلا فوجئ بثعبان هاجمه ولدغه، ففر مفجوعا من شدة الألم، فدخلت في قدمه شوكة بينما هو يفر ليسعفه أحدا من لدغة الثعبان ،ثم يصرخ في الناس بأعلى صوته ،مستغيثا من الشوكة؟!.
للأسف البعض يسوق هذا المنطق الأعوج في الشأن السياسي ويسعى إلى أن يروجه لدى الرأي العام وبدا ذلك في أكثر من مشهد وسأكتفي هنا للتدليل على ذلك بموقفين .الأول هو الغرامة المليارية التي حكم بها ضد الكويت على خلفية إلغاء صفقة الداو حيث تداعت كثير من الأقلام الممهورة 'بتوقيع حسبة المصالح' ، إلى تحميل المسؤولية لنواب الأمة الذين رأو آنذاك أن هناك خللا في آلية التعاقد.
العجيب أن هؤلاء تناسوا أن مسؤولية توقيع العقد منذ البداية هي مسؤولية حكومية ، ومسؤولية إلغاءه كذلك تقع على عاتق الحكومة فهي من وقع وهي من ألغى وهي من صرحت آنذاك مؤكدة أنه لا إشكالية قانونية في الإلغاء.
لا يفوتني أن أنوه إلى أن البعض يحاول متذاكيا أن يقول بأن رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد كان مهددا بالاستجواب آنذاك على خلفية العقد ما دفعه إلى الاستجابة إلى هذه الضغوط،و الغريب أن الدفع بهذا المنطق والذي اتبعه البعض لتبرئة المسؤول الحقيقي يؤكد المسؤولية لا ينفيها.
فمن هدد بالاستجواب كانوا أقلية في المجلس آنذاك أي لا يمكن القول بأن لديهم القدرة على الوصول إلى طرح الثقة برئيس الوزراء وكان صعوده المنصة سيمكنه من الدفاع عن موقفه وكشف خطأ مستجوبيه، كما أن التسليم بأن الضغوط النيابية من ' أقلية' في المجلس تدفع الحكومة لاتخاذ قرارات تعلم أنها خاطئة وتكبد الدولة مليارات من المال العام ، أمر يجعلنا بالضرورة أن نقول أن حكومة تضحي بالمال العام للحفاظ على موقعها لا تستحق أن تتولى المسؤولية.
أما المشهد الراهن الذي نعيشه حاليا والمتمثل في الأزمة الدستورية السياسية جراء حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس 2012 فهو نتاج حكومي بامتياز كذلك، لكن المنهج يتكرر من أقلام مقربة إلى الحكومة تسعى إلى قلب الحقائق وتصور المسؤولية وكأنها مسؤولية الأطراف النيابية التي تحدثت عن دستورية حل المجلس آنذاك.
والسؤال الذي نوجهه لهؤلاء، إذا كانت الحكومة متخذة القرارالتنفيذي لا تتحمل المسؤولية ويتحملها نيابة عنها من لا يملك القرار التنفيذي فلماذا لا تترك الحكومة المسؤولية برمتها لمن يحلو لكم أن تحملوه المسؤولية طالما أن قراراتها لا تمثل لكم شيئا إلى هذا الحد؟ وإذا كنا سنعفى الحكومة بكل ما تملك من طاقات وإمكانات قانونية ودستورية ومستشارين عن مسؤولياتها مما اقترفته يداها فمتى بنظر هؤلاء تتحمل الحكومة المسؤولية؟.وإذا كان مجلس منتخب وإرادة شعب تشطب بجرة قلم نتيجة سوء القرارات الحكومية فكيف لنا ان نطمئن أن الحكومة قادرة على مواجهة استحقاقات هذه المرحلة الحساسة في تاريخ الكويت ؟.إن منطق هؤلاء الأعوج يجب أن يتصدى له أصحاب الأقلام الشريفة التي تحرص على مصلحة الوطن بصدق ولا تصور الأمور على غير حقيقتها من أجل خدمة مصالحها، والرهان على المواطنين الشرفاء أن تميز بصائرهم الغث من السمين .
وأخيرا فإن انتفاض كتلة الأغلبية لوضع حدا لهذا الواقع المرير الذي نعيشه امر بات من متطلبات المرحلة .
فيصل خليفه غازي الصواغ
تعليقات